تسعى الحكومة جاهدةً لتحقيقها في مجال الرقمنة خاصة في مجال الطب. حيث تشمل المجالات التي تم استكشافها: التطبيب عن بُعد، والصيدلة عن بُعد، والتطبيقات الطبية، والأجهزة، والبيانات الطبية، ومستشفيات الذكاء الاصطناعي، بجانب تطويرها عدة علاجات مختلفة للسرطان وغسيل الكلى والسكتة الدماغية وغيرها الكثير.
نبذة عامة عن الصحة في اليابان
تسجل اليابان درجة عالية في مجال مؤشرات الصحة. حيث بلغ معدل وفيات الرضع 8.9 حالة وفاة لكل 1000 ولادة حية لعام 1977. كما تفتخر اليابان بإنجازاتها في متوسط العمر المتوقع، أي 77.95 سنة للإناث و72.69 سنة للذكور. ومع مراكز تعزيز الصحة المتطورة حديثًا، واستخدام برامج الفحص الصحي الانتقائي، والتركيز على اللياقة البدنية، واستخدام الأقدام والدراجات للتنقل، من المحتمل أن تستمر هذه التدابير في التحرك في نفس الاتجاه الإيجابي، مما يعني جودة الصحة بشكل عام للشعب الياباني.
الطب والتكنولوجيا
تسعى الحكومة اليابانية إلى إدخال التكنولوجيا في النظم الطبية اليابانية، حيث حددت عدة أهداف لتحقيق التوازن بين الطب والتكنولوجيا في تقنيات مستحدثة، ومن هذه التقنيات:
الطب عن بعد
كان الطب البشري، وطب الأسنان عن بعد أحد المجالات في الرعاية الصحية التي تغيرت بشكل كبير بسبب جائحة كورونا. وعلى الرغم من الزيادة السريعة في التكنولوجيا الرقمية، في عام 2018، استخدم حوالي 5% فقط من الجمهور خدمات الطب عن بعد. حددت إرشادات وزارة الصحة لعام 2018 “التشخيص الإلكتروني” وأوضحت الاستشارات التي ستُدرج في نظام التأمين الصحي الوطني.
وعلى الرغم من حماس الحكومة لرقمنة الاستشارات الطبية، لم يتقبل جميع الأطراف الفاعلة في هذا القطاع التغيير الذي اقترحته وزارة الصحة والعمل والرعاية الاجتماعية. تعارض الجمعية الطبية اليابانية بشدة جعل التطبيب عن بعد أمراً دائمًا، وستقاوم أي تغيير في الوضع الراهن.
الصيدلة عن بعد
من المتوقع أيضًا أن تتأثر صناعة الأدوية بحملة الرقمنة الحكومية. جلب الوباء تغييرًا مؤقتًا هنا أيضًا، مما سمح للصيادلة بتقديم إرشادات الدواء عن بعد. ومع ذلك، لا يزال يتعين على المؤسسات الطبية طباعة الوصفات الطبية وختمها وإرسالها إلى الصيدلية.
التطبيقات الطبية
أصبح تطبيق CureApp للإقلاع عن التدخين أول تطبيق جوال علاجي يحصل على تغطية صحية. ومع ذلك، أوضحت وزارة الصحة أنها لن تُصنّف التطبيقات كأجهزة طبية لأسعار الاسترداد، بل ستُنشئ رسومًا فنية جديدة. وتجري حاليًا مناقشات حول وضع سياسة الرسوم الطبية لبرامج الكمبيوتر. وستحتاج وزارة الصحة إلى إيجاد توازن بين تحسين نظام الرعاية الصحية من خلال رقمنة الخدمات وخفض الإنفاق الطبي.
-الأجهزة
شهدت الجائحة أيضًا زيادة في استخدام الأجهزة الطبية الحديثة وعلى رأسها العنقاء، بجانب أجهزة المراقبة عن بعد من قِبل السلطات المحلية والمستشفيات للاطمئنان على مرضى فيروس كورونا في منازلهم أو في مرافق مخصصة. ومع ذلك هناك عقلية تنفر المُختصين في مجال الرعاية الصحية من المخاطرة، إذ يرفضون استخدام الأدوات الرقمية خوفًا من إساءة استخدامها. كل هذا يُعيق القدرة التنافسية لليابان وجاذبيتها للتكنولوجيا الطبية. إذا أرادت الحكومة زيادة رقمنة هذا القطاع، فعليها ضمان حرص المُختصين في مجال الرعاية الصحية على استخدام التقنيات الجديدة، بالإضافة إلى تقليل العوائق التي تحول دون إدخال الأجهزة الرقمية في قطاع الرعاية الصحية.
-البيانات الطبية
كشف الوباء عن تأخر اليابان في تطوير واستخدام أنظمة البيانات الطبية الضخمة، رغم إسهامات اليابان الكبيرة في الكثير من قطاعات الطب واستجابةً لذلك، خصصت الحكومة أكثر من 100 مليار ين في ميزانيتها للسنة المالية 2021 لتعزيز إصلاحات البيانات الصحية اللازمة لإنشاء نظام ضمان اجتماعي رقمي مرن وتعزيز استخدام البيانات لتحسين الرعاية الطبية. تستند هذه الإصلاحات إلى نظام تأكيد أهلية التأمين عبر الإنترنت الذي سيمكن من استخدام رقمي كبطاقة تأمين للتحقق من حالة المؤمن عليهم في المؤسسات الطبية والصيدليات الموزعة.
وسيشهد الاستخدام الرقمي تقليل العمليات الإدارية الورقية للمؤسسات الطبية وخدمة طبية أكثر ملاءمة للمرضى. لكن انعدام الثقة يعيق التبني على نطاق أوسع.
-مستشفيات الذكاء الاصطناعي
هناك مقترحات لتطوير فكرة “مستشفيات الذكاء الاصطناعي”، حيث تدمج المستشفيات خدمات الذكاء الاصطناعي في علاجات المرضى، والعمليات الجراحية، وزيارات الأطباء، والفحوصات، واستخدام البيانات، وما إلى ذلك. ترى الحكومة أن المستشفيات قادرة على بذل المزيد من الجهود لرقمنة مرافقها: فالعديد منها لا يمتلك اتصالات الجيل الخامس (5G) أو يستخدم الخدمات الرقمية بانتظام. كما تفتقر العديد من المستشفيات إلى إطار عمل للأمن السيبراني. ومع تزايد اعتماد المستشفيات على الخدمات السحابية والرقمية، من المتوقع أن يزداد الاعتماد على بروتوكولات الأمن السيبراني لحماية بيانات المرضى الحساسة، مثل تلك التي تجمع في التشخيصات أو سجلات المرضى، كما هو موضح في القسم أعلاه.
تستثمر الحكومة أكثر من 10 مليارات ين في إنشاء مستشفيات الذكاء الاصطناعي، ومن المتوقع أن تُحوّل مستشفيات الذكاء الاصطناعي وقت الأطباء إلى رعاية المرضى، مع خفض الإنفاق الطبي على الفحوصات والتشخيص، مما يسهم في معالجة نقص الأطباء والممرضين في العديد من المناطق ذات الكثافة السكانية المنخفضة في اليابان. وسيُمكّن هذا أيضًا اليابان من أن تُصبح رائدة في اختبار التكنولوجيا الطبية.
أحدث العلاجات والتطورات في الأمراض الشائعة
في السنوات الأخيرة، انصب التركيز الرئيسي لتطوير التكنولوجيا الطبية في اليابان على إيجاد وسائل لتغيير مسار الأسباب الثلاثة الرئيسية للوفاة:
1) أمراض الأوعية الدموية الدماغية (السكتة الدماغية)
2) السرطان، وخاصة سرطان المعدة.
3) أمراض القلب والأوعية الدموية الأخرى، مع التركيز بشكل خاص على أمراض الكلى المزمنة.
السكتة الدماغية
تجرى حاليًا أبحاث علمية أساسية حول أمراض الأوعية الدموية الدماغية في مركز الوقاية من السكتات الدماغية الياباني، وقد ركزت دراسات النماذج الحيوانية، التي يُؤمل أن تُطبق على البشر، على تطوير سلالات من الفئران مقاومة للسكتات الدماغية، وعلى وسائل علاج الأشخاص المعرضين للإصابة بالسكتة الدماغية، ويجري استكشاف وسائل أخرى للوقاية من السكتة الدماغية وعلاجها، بما في ذلك تعديل النظام الغذائي، وأدوية علاج ارتفاع ضغط الدم، وإجراءات جراحة الأعصاب.
ومع ذلك، لم يطبق أي من هذه الوسائل على نطاق واسع؛ ولم يُقيَّم أي منها تقييمًا كاملاً أو يحظى بتأييد كافٍ من المجتمع الطبي لتبرير استخدامه على نطاق واسع.
السرطان
تم تطوير تقنياتٌ للكشف المبكر عن السرطان، وخاصةً سرطان المعدة، أكثر بكثير من تلك المستخدمة للكشف عن أمراض الأوعية الدموية الدماغية. ويجرى حاليًا في اليابان بحثٌ واسعٌ لزيادة سرعة التشخيص باستخدام ما يسمى بعملية علم الخلايا الآلي باستخدام تقنية المسح الضوئي. وقد حظي هذا البحث، بالإضافة إلى سلسلةٍ من المشاريع ذات الصلة، بدعمٍ ماليٍّ من وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية ووزارة الصناعة والتجارة والصناعة (MITI) لعدة سنوات.
الاضطرابات العصبية والجينية
وقد عملت اليابان على تطوير علاجات متنوعة وعقاقير وتقنيات جينية للحد من عدة اضطرابات متنوعة، على رأسها التثلث الصبغي “متلازمة داون” والتوحد . بالإضافة إلى زيادة الاهتمام بالطب التجديدي وتطويره.
تقنيات وأجهزة لأمراض مستعصية
أظهر استخدام التقنيات الطبية في اليابان مثل النظائر المشعة والعلاج الإشعاعي وأجهزة التصوير المقطعي المحوسب (CT) وغسيل الكلى وحاضنات الأطفال الخدج والعلاج الدوائي نموًا سريعًا في السنوات الأخيرة.
أجهزة التصوير المقطعي المحوسب
تم تقديم أجهزة التصوير المقطعي المحوسب لأول مرة في اليابان عام 1975. في ذلك الوقت، كان الجهاز المستخدم هو فحص EMI المستورد من إنجلترا. ومنذ ذلك الحين، تم تطوير أجهزة مماثلة وتصنيعها في اليابان للاستخدام المحلي لعدة مجالات طبية، وعلى رأسها طب الأسنان.
كما تم توثيق التصوير بالنويدات المشعة والأوعية الدموية من خلال مسح الرعاية الطبية، ولا تزال بحاجة إلى إثبات تجريبي.
غسيل الكلى
كان إدخال غسيل الكلى في اليابان، منذ ما يقرب من 25 عامًا في عام 1955، بمثابة بداية حقبة جديدة لعلاج الأشخاص المصابين بالفشل الكلوي الحاد. وتم توفير العلاج لأولئك الذين يعانون من الفشل الكلوي المزمن، وقد زاد عدد المرضى الذين يتلقون غسيل الكلى سنويًا بمعدل سريع إلى حد ما. يوجد الآن أكثر من 200 حالة غسيل كلوي لكل مليون نسمة يتلقون غسيل الكلى.
وفي الوقت الحاضر، يتم إجراء أقل من 200 عملية زرع كلى في اليابان سنويًا. وقد أفادت التقارير أن 8 إلى 10 في المائة من الكلى يتم الحصول عليها من متبرعين متوفين وأن 90 في المائة المتبقية يتم الحصول عليها من متبرعين ذوي صلة. وهناك أيضًا حملة للترويج لغسيل الكلى الليلي في المستشفى وغسيل الكلى المنزلي.
العلاج الإشعاعي
اتخذ العلاج الإشعاعي أو العلاج عن بعد للسرطان عدة أشكال. في البداية، كان العلاج المختار هو الأشعة السينية التي يشار إليها باسم الجهد الكهربي. وخلال العقدين الماضيين، تمت إضافة أشكال أخرى من العلاج الإشعاعي إلى ترسانة علاج السرطان.
كان السيزيوم (137 CS) مصدر علاج أكثر فعالية بعد الإشعاع السينية، ثم حل الكوبالت (6 °CO) محل هذا المصدر. وفي الآونة الأخيرة، طورت اليابان تقنية أكثر تقدمًا لتعزيز العلاج بالكوبالت، من خلال إدخال نبضات علاجية مولدة إلكترونيًا، باستخدام السيكلوترونات والبيتاترونات والمسرعات الخطية. وغالبًا ما يتم الجمع بين طرق الإشعاع الجديدة هذه، إلى جانب العلاج بالكوبالت، مع الجراحة والعلاج الكيميائي والأكسجين والعلاج المناعي والضغط العالي. المصدر الرئيسي للعلاج عن بعد المستخدم في اليابان اليوم هو العلاج بالكوبالت. أما مصادر “الجهد الفائق” الأخرى فهي محدودة العدد، وفي كثير من الحالات لا تزال قيد التطوير.
عقبات طبية على أراضٍ يابانية
تواجه الحكومة اليابانية عقبات عدة تؤخرها في تحقيق الأهداف الطبية المرجوة، وعلى رأس هذه العقبات هي هيمنة القطاع الخاص. فغالبية المستشفيات مملوكة ومدارة من قبل أطباء أفراد. أما المستشفيات المتبقية، فهي تابعة للقطاع العام أو منظمات غير حكومية.
والعقبة الثانية هي الإفراط في استخدام الأدوية كجزء من نفقات الرعاية الصحية، حيث لا تزال الأدوية تحتل مكانة مهمة، فلا يصف الأطباء اليابانيون الأدوية فحسب، بل يصرفونها أيضًا.
أما العقبة الثالثة هي سهولة الوصول. فإمكانية الوصول غير المقيدة، حتى للمستشفيات الجامعية، لا تؤدي إلى قوائم انتظار للعلاج. ولأن الرعاية الصحية تُركز على العلاج في العيادات الخارجية، فإن اليابان تُسجل أحد أعلى معدلات زيارات الأطباء وأدنى معدل دخول للمستشفيات بين الدول المتقدمة. والعقبة الرابعة هي قلة الكادر الطبي (ولا سيما أطباء التوليد والأطفال) . فعدد الأطباء الممارسين لكل 1000 نسمة في اليابان أقل بكثير من متوسط منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. كما أن عدد الممرضات لكل سرير منخفض للغاية، بالإضافة إلى تكرار الأخطاء الطبية، وعدم التوازن الجغرافي في توزيع الأطباء في اليابان.
والعقبة الخامسة هي نمط الحياة الصحي. فمعدل انتشار الأمراض منخفض للغاية مقارنةً بدول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الأخرى.
السمة السادسة هي تفضيل التكنولوجيا في الطب عن الأسلوب التقليدي.
وتأمل الحكومة اليابانية للتغلب على هذه العقبات لتحسين الطب وتوفير بأفضل وأسرع صورة لجميع أفراد الشعب.
إعداد و تقديم جنة الجندي لمزيد من المحتوى المقدم من الكاتبة، بالإمكان متابعة صفحتها الخاصة عبر فيسبوك.
المصادر:
1-تاريخ تقييم تكنولوجيا الرعاية الصحية في اليابان.
2– ملف بي دي إف يتناول الدور التقني من عدة جوانب.
3-مستقبل الرعاية الصحية في اليابان.