بالحديث عن طب الأسنان، طورت اليابان نظاما لتوفير رعاية صحية فموية عالية الجودة. وتحسنت حالة صحة الفم للسكان اليابانيين بشكل ملحوظ منذ ذلك الوقت. كما انخفضت حالات تسوس الأسنان عند الأطفال والبالغين وكبار السن. وانخفضت حالات الأسنان المتحللة واحتفظ السكان بأسنان طبيعية أكثر من أي وقت مضى. ومع ازدياد عدد مرافق طب الأسنان، زاد استخدام الفلورايد. وانخفض استهلاك السكر.
كما تحسن وعي الناس وسلوكهم تجاه صحة الفم. بعد حقبة “ميجي” التاريخية، في عام 1986، درس الرواد اليابانيون طب الأسنان من أطباء الأسنان الأمريكيين وأدخلوا طب الأسنان الحديث إلى اليابان بعد فترة وجيزة من الحرب العالمية الثانية. وزاد عدد أطباء الأسنان في اليابان. كما أنشأت الحكومة الامتحان الوطني لأطباء الأسنان لضمان أعلى معايير الجودة.
نظام التأمين الصحي
أدخلت اليابان نظام تأمين صحي شامل لجميع السكان في عام 1961. وهو يغطي تقريبا جميع العلاجات الطبية وطب الأسنان والرعاية الصيدلية. حيث يمكن تلقي العلاج بتكلفة منخفضة نسبيا في جميع أنحاء البلاد. والجدير بالذكر أنه لا يوجد فرق في السعر بين المؤسسات الخاصة والعامة. و في عام 2000، واستجابةً لتزايد نسبة الشيخوخة والزيادة السريعة في عدد السكان، بدأت اليابان نظام “تأمين رعاية طويلة الأجل” لتقديم خدمات الصحة والرعاية الاجتماعية للمسنين.
حيث تتمثل هذه الرعاية في زيارة منازل المرضى الذين يجدون صعوبة في زيارة المستشفى، وتقديم التعليمات والرعاية الصحية وفقا لحالة المريض الطبية والجسدية. وأصبح حالياً لنظام تأمين الرعاية طويلة الأجل دور مهم كنظام مصمم لضمان حياة مريحة وبأسعار معقولة لكبار السن وأفراد أسرهم لتقديم الرعاية بأفضل المعايير.
حملة اليابان الصحية 21
في عام 2000، تم اقتراح حملة وطنية لتعزيز الصحة للقرن الحادي والعشرين تحت عنوان “اليابان الصحية 21” ، للوقاية من الأمراض غير المعدية المرتبطة بنمط الحياة (كالسرطان وأمراض القلب وغيرها). ووضعت الحملة أهدافا لعام 2010 في 9 مجالات محددة لتحسين الصحة وتقليل الأمراض. وكانت صحة الفم واحدةً من هذه المجالات. وبعد تقييم إنجازات الحملة، انطلقت المرحلة الثانية منها في عام 2013. وكانت أهدافها الأساسية على النحو التالي:
تمديد العمر والوقاية من ظهور الأمراض وتحسين وظيفة الفم عن طريق فحص الأسنان المنتظم والوقاية من تسوس الأسنان وفقدانها وأمراض اللثة.
وتقوم اليابان بتنظيم العديد من الخدمات الصحية الإقليمية الخاصة بصحة الفم والأسنان كجزء من خدمة الصحة العامة، حيث تقدم خدمات شاملة لكل مرحلة وفئة عمرية معينة كالتالي:
صحة الأم والطفل
تتلقى النساء الحوامل “دليل صحة الأم والطفل” من الحكومة البلدية لكل طفل. ويقوم أخصائي الرعاية الصحية بتسجيل بيانات الفحص الصحي أثناء الحمل وبعد ولادة الطفل وحتى سن السادسة. ويغطي الكتيب الحالة الصحية للطفل. ويتم تقديم التثقيف الصحي عن طريق الفم للأمهات والأطفال من قبل أخصائي صحة الأسنان كما يهتم بصحة الفم، والاستشارات الغذائية، وتعليمات تنظيف الأسنان. ويتم توفير تطبيق الفلورايد الموضعي للوقاية من التسوس مقابل رسوم معقولة.
قانون الصحة والسلامة المدرسية
يوجد في كل مدرسة طبيب أسنان، حيث يساهم في التثقيف الصحي للفم والأسنان في المدرسة. كما يقوم بإجراء فحص صحة الفم مرة واحدة على الأقل في السنة على كل طفل في المدرسة وفقا للإجراءات التوجيهية القياسية. ويقوم بفحص حالة صحة الفم (تسوس الأسنان، وسوء الإطباق، وحالة اللثة، واضطرابات مفاصل الفك). وإذا تم الكشف عن مشكلة ما لديهم، يوصي الطبيب الطفل وأولياء الأمور بضرورة طلب علاج الأسنان بموجب نظام التأمين الصحي العام، الموصوف من قبل.
لا يقدم أطباء الأسنان في المدارس علاج في المدارس على الإطلاق. وتوجد العديد من العوامل التي تساهم بالحد من تسوس الأسنان اللبنية والأسنان الدائمة عند الأطفال اليابانيين. وهي تشمل زيادة استخدام الفلورايد، وتحسين سلوك تنظيف الأسنان بالفرشاة، وتقليل استهلاك السكريات.
السلامة والصحة الصناعية
يتعين على أصحاب العمل توفير فحوصات طبية شاملة سنوية لجميع الموظفين في أي شركة لديها أكثر من 50 عاملا، منها فحوصات الفم والأسنان. ويتلقى الموظفون العاملون في البيئات المنتجة للأحماض فحوصات أسنان خاصة كل 6 أشهر للوقاية والكشف المبكر عن تآكل الأسنان.
صحة الفم للسكان البالغين
يعتمد هذا البرنامج على المسؤولية الشخصية للفرد في الرعاية. وبرغم التسهيلات المتوفرة للعناية بصحة الفم، فإن نسبة الزيارات المنتظمة (الفحص أو الوقاية) لعيادات الأسنان ليست عالية.
قانون تأمين الرعاية الطبية للمسنين
تعرف اليابان باسم “مجتمع الشيخوخة الفائقة”. حيث أن نحو 30% من السكان أعمارهم 65 فأكثر. ودعت وزارة الصحة وجمعية طب الأسنان اليابانية إلى حملة وطنية لصحة الفم “حملة 8020”. يشير الجزء الأول “80” إلى متوسط العمر المتوقع للشعب الياباني في ذلك الوقت، ويشير الجزء الثاني “20” إلى العدد الأدنى للأسنان الطبيعية للحفاظ على وظيفة الأكل والمضغ مدى الحياة (من أصل 32 سن).
كانت نسبة المسنين حتى 74 سنة فاقدي الأسنان الطبيعية حوالي الثلث (35.5%)، وأكثر من النصف لأولئك الذين لديهم 75 سنة فأكثر (57.2%). وفي عام 2016، تغيرت هذه النسب إلى 4.1% و 14.3% على التوالي، هذا يعني أن كبار السن يحتفظون بأسنان طبيعية أكثر من الماضي.
طب أسنان الكوارث
نظرا لأن اليابان تتعرض للعديد من الكوارث الطبيعية، يتعين إنشاء نظام رعاية صحية للفم في حالات الطوارئ للتعامل مع أوقات الكوارث وتدريب أطباء الأسنان على إدارة برامج التدخل المناسبة، حيث تم تضمين هذا المجال في منهج طب الأسنان الجامعي. ويشمل دور المختص في مثل هذه الأوقات ما يلي:
-للضحايا: تحديد هوية الضحايا عن طريق أسنانهم (طب الأسنان الشرعي)
للناجين: توفير علاج الأسنان في حالات الطوارئ للأشخاص الضعفاء (وخاصة كبار السن) والتثقيف في حالات الطوارئ.
طب الأسنان عن بعد
يمكن توسيع نظام طب الأسنان عن بعد ليشمل المناطق النائية والريفية ذات الوصول المحدود أو المنعدم إلى أخصائي طب الأسنان. حيث تعد الرعاية الذاتية وأساليب الوقاية من أهم الاستراتيجيات في هذه الحالات. وقد يساهم طب الأسنان في المستقبل في تعزيز صحة الفم للناس في كل مكان على وجه الأرض وأيضا في الفضاء باستخدام التقنيات المتقدمة الحديثة.
لتعزيز صحة الفم لرواد الفضاء تم تطوير”المشروع الفضائي لتعزيز صحة الفم” لمعالجة مشاكل الأسنان أو الفم الحالية والمحتملة في رحلة الفضاء طويلة الأجل بالمستقبل. أما في القارة القطبية الجنوبية، توجد محطة “شوا” اليابانية، حيث يشارك فريق بعثة أبحاث أنتاركتيكا اليابانية (JARE) منذ أكثر من عام دون الوصول إلى طبيب أسنان. وحاليا تجري مؤتمرات طب الأسنان عن بعد مع الأطباء في أنتاركتيكا لدعم طب الأسنان لأعضاء JARE.
إعداد و تقديم جنة الجندي لمزيد من المحتوى المقدم من الكاتبة، بالإمكان متابعة صفحتها الخاصة عبر فيسبوك.
صورة المقال الرئيسية:
Photo by Filip Rankovic Grobgaard on Unsplash