نبذة عن شركة تويوتا اليابانية

إنّ شركة تويوتا ليست من أكبر الشركات وأكثرها شهرةً في اليابان وحسب، بل في كافة أنحاء العالم. حققت هذه الشركة العملاقة نجاحات كبرى في رحلة مثيرة من العمل الدؤوب والمتواصل منذ أكثر من ثمانين عاماً! نستعرض في هذا الموضوع أهم المعلومات عن هذه الشركة العملاقة.

تاريخ شركة تويوتا

منذ تأسيسها، سعت شركة تويوتا للمساهمة في مجتمع أكثر ازدهارًا من خلال تصنيع السيارات، وتشغيل أعمالها مع التركيز على إنتاج المركبات ومبيعاتها. ويمكن تعريف شركة تويوتا اليابانية على أنها شركة تصنيع سيارات عالمية يقع مقرها الرئيسي في مدينة تويوتا، بمحافظة آيتشي اليابانية. وقد أسسها رجل الأعمال الراحل “كيتشيرو تويودا” وتم تأسيسها في 28 أغسطس 1937. تعد تويوتا واحدة من أكبر الشركات المصنعة للسيارات في العالم ، وتنتج نحو 10 ملايين سيارة سنويًا.

ولكن قبل البدء في استعراض تاريخ تويوتا في صناعة السيارات، لابد من التطرق إلى بداياتها وجذورها حينما كان تاريخها مع تصنيع آلات النسيج والحياكة. وتحديداً في عام 1924. حين ابتكر الصناعي والمبتكر الراحل “ساكيتشي تويودا”، والد كيتشيرو. Toyoda Model G Automatic وهي آلة خاصة لحياكة النسيج. ما يميز هذه الآلة عن غيرها في ذلك الوقت هو مبدأ ومفهوم “جيدوكا” (自働化) وهو جوهر نظام الأتمتة الذكية في الآلات. حيث كان يمكن للآلة أن تتوقف تلقائياً عن العمل في حال حدوث مشكلة أو خطأ ما. 

استفاد الابن “كيتشيرو تويودا” من مفهوم الأتمتة الذكي الذي اعتمده والده في ابتكار آلة النسيج. وقام بتأسيس شركته الخاصة لصناعة السيارات. واعتمد على فلسفة العمل بالتطوير المستمر ومفهوم “جيدوكا” في خطوط الإنتاج. وحينما كانت قسمًا في مجموعة تويوتا للصناعات، طورت الشركة منتجها الأول، محرك تويوتا السداسي المستقيم من النوع A.

 ثم قامت تويوتا بإنتاج أول سيارة ركاب في عام 1936، (تويوتا AA).

بعد الحرب العالمية الثانية، عملت تويوتا على تطوير فلسفتها الخاصة بالتصنيع والإنتاج ضمنها نهجها في التطوير المستمر. مما أدى إلى ظهور ما يعرف بطريقة تويوتا (فلسفة الإدارة) ونظام إنتاج تويوتا (ممارسة التصنيع السلس) التي من شأنها إحداث تحول الشركة الصغيرة إلى شركة رائدة في الصناعة لتصبح لاحقاً موضوعاً بالغ الأهمية في العديد من الدراسات والأبحاث الأكاديمية حول العالم. بل لتصبح أيضاً لدى شركة تويوتا، معاييرها الخاصة في الإنتاج والتصنيع.

وفي الستينيات، استفادت تويوتا من الاقتصاد الياباني سريع النمو لبيع السيارات إلى الطبقة المتوسطة المتنامية في البلاد. مما أدى إلى تطوير طراز تويوتا كورولا. وهي سيارة سيدان مدمجة. وقد تم تطوير عدة أجيال منها وأصبحت أكثر السيارات مبيعًا في العالم.

وفي عام 1981، تولّى “شوئيتشيرو تويودا” -الذي توفي مؤخراً- منصب رئيس الشركة. وفي غضون أشهر، بدأ “شوئيتشيرو” في دمج شركتي الإنتاج والمبيعات التابعة لتويوتا، وفي عام 1982 أصبحت الشركات المندمجة شركة رسمياً باسم Toyota Motor Corporation. وصفت شركتي المبيعات والإنتاج  بأنهما كالنفط نظراً لصعوبة الدمج بينهما. لذلك استغرق الأمر سنوات من القيادة من الراحل “شوئيتشيرو” لدمجها بنجاح في منظمة واحدة. لذلك أصبح الراحل “شوئيتشيرو” يلقب بلقب “الأب الروحي لتويوتا”، لأنه هو من تمكن من إنجاح هذا الدمج وتحويل تويوتا من لاعب إقليمي في مجال صناعة المركبات إلى إحدى أكبر الشركات في العالم.

ومع الاقتصاد الياباني المزدهر في تلك الفترة، تمكنت شركة تـويوتا من الحصول على تمويل توسع دولي من شأنه أن يسمح تويوتا بالنمو لتصبح واحدة من أكبر شركات صناعة السيارات في العالم. وأكبر شركة في اليابان، وتاسع أكبر شركة في العالم من حيث الإيرادات، اعتبارًا من شهر ديسمبر عام 2020. حتى أصبحت تويوتا أول شركة مصنعة للسيارات تنتج أكثر من 10 ملايين سيارة سنويًا في العالم. وهو رقم قياسي تم تسجيله في عام 2012، عندما أعلنت أيضًا عن إنتاج سيارتها رقم 200 مليون.

تمت الإشادة بتويوتا لكونها رائدة في تطوير وبيع السيارات الكهربائية الهجينة الأكثر كفاءة في استهلاك الوقود، بدءًا من طرح تويوتا بريوس في عام 1997.

 وتبيع الشركة الآن أكثر من 40 طرازًا من السيارات الهجينة حول العالم. وعملت على تطوير مركبات تعمل بخلايا وقود الهيدروجين. مثل تويوتا “ميراي” التي دخلت موسوعة غينيس للأرقام القياسية عام 2021. وهذه السيارة تتميز بأنّ ما يصدر عن عادمها بخار الماء فقط!

توسع إمبراطورية تويـوتا العالمية

في الوقت الحاضر، تنتج شركة تويوتا العملاقة سيارات تحت أربع علامات تجارية: وهي دايهاتسو، و هينو Hino ولكزس Lexus التي تم تأسيسها عام 1989. وبالإضافة إلى تويوتا التي تحمل الاسم نفسه. وكانت تحت إدارتها أيضاً شركة فتية اسمها “سايون” (Scion) بدأ مشوارها في عالم صناعة السيارات عام 2003. لكن تم إيقافها عام 2016 وتحولت خطوط إنتاجها إلى شركة تويوتا.

 وليس ذلك وحسب، بل تمتلك شركة تويـوتا العملاقة أيضًا حصة بنسبة 20% من شركة سوبارو اليابانية لصناعة السيارات. وحصة 5.1% من شركة مازدا اليابانية لصناعة السيارات. بالإضافة إلى حصة 4.9% في شركة سوزوكي اليابانية للسيارات. وحصة 4.6% في شركة إيسوزو اليابانية لصناعة المركبات.

وتمتلك أيضاً حصة 3.8% من شركة ياماها اليابانية للمحركات. وحصة 2.8% في شركة باناسونيك اليابانية العملاقة للإلكترونيات. بالإضافة إلى حصص في مشاريع مشتركة لتصنيع السيارات في الصين (FAW Toyota و GAC Toyota) وجمهورية التشيك (TPCA) والهند (Toyota Kirloskar) والولايات المتحدة (MTMUS).

أسهم شركة تـويوتا العملاقة مدرجة في أسواق البورصة في لندن، و ناغويا باليابان، وبورصة نيويورك في الولايات المتحدة، وبورصة طوكيو للأوراق المالية، حيث يشكل سهمها أحد مكونات مؤشرات نيكاي 225 و TOPIX Core30.

ما سبب تغيير الاسم من تويودا إلى تويـوتا؟

تم اختيار اسم تويـوتا بدلاً من تويودا في عام 1937 لعدة أسباب. لعل من أبرزها لفظ “تويـوتا” أفضل وفقاً للقائمين على الشركة في ذلك الوقت. بالإضافة إلى أنّ كتابة “تويودا” باليابانية يمكن كتابته بعشر ضربات بالقلم. بينما يمكن كتابة اسم “تـويوتا” بثماني ضربات باستخدام القلم. ورقم ثمانية يعتبر رقم للحظ السعيد في الثقافة اليابانية والشرق آسيوية عموماً.

أما بالنسبة إلى شعار الشركة، قدمت تويوتا شعارًا عالميًا في عام 1989 للاحتفال بمرور 50 عامًا على تأسيس الشركة. ولتمييزها عن العلامة التجارية الفاخرة لكزس التي تم إصدارها حديثًا. يتكون الشعار من ثلاثة أشكال بيضاوية تتحد لتشكل الحرف “T”. الذي يرمز إلى Toyota. تقول تويوتـا إن تداخل الشكلين البيضاويين المتعامدين داخل الشكل البيضاوي الأكبر يمثل علاقة المنفعة المتبادلة والثقة بين العميل والشركة بينما يمثل الشكل البيضاوي الأكبر المحيط بهذين الشكلين البيضاويين الداخليين “التوسع العالمي تـويوتا. وإمكانات غير محدودة للمستقبل.

من الرئيس الحالي لتويوتا؟

اعتباراً من مطلع شهر أبريل 2023. يصبح حفيد المؤسس “أكيو تويودا” المولود عام 1953، رئيساً لمجلس إدارة شركة تـويوتا. وذلك  بعد أن شغل منصب الرئيس التنفيذي للشركة. والتي أصبحت الشركة أثناء توليه لمنصبه كرئيس تنفيذي، أكبر شركة لصناعة السيارات في العالم. 

منتجات شركة تـويوتا

تعمل تـويوتا على إنتاج العديد من فئات السيارات التي تستهدف من خلالها كافة الفئات العمرية بالمجتمعات حول العالم. نبدأ من إحدىى أصغر سيارات تـويوتا:

إضافةً إلى سيارة كورولا من فئة سيدان، تعد سيارات كامري من أكثر السيارات مبيعاً لدى تويـوتا، وهي من فئة سيدان متوسطة الحجم. الجدير بالذكر أن سيارة كامري من أكثر السيارات مبيعاً في دول الخليج العربي نظراً لاعتماديتها والطابع العملاني فيها.

ومن فئة سيارات السيدان متوسطة الحجم ننتقل إلى سيارات السيدان كبيرة الحجم مع أڤالون:

وبالحديث عن المقصورات الفارهة والرحبة أنتجت تويـوتا سيارات كبيرة الحجم مثل سيكويا و برادو راڤ فور، و FJ كروزر (التي حققت مبيعات عالية للغاية في دول الخليج العربي). إضافةً إلى أكثر سيارات تويـوتا الكبيرة شهرةً، تـويوتا لاند كروزر التي تتسع لسبعة ركاب:

وإضافةً إلى ما سبق، تنتج تويـوتا سيارات البك أب (Pick Up Trucks)، ومن أشهرها هايلكس وتوندرا و تاكوما:

كما تنتج تـويوتا سياراتها الرياضية ومنها تويوتا سوبرا:

لطراز سوبرا تاريخ طويل في عالم السيارات الرياضية. حيث يعود تاريخها لعام 1978. وتم إنتاج جيل جديد منها بمواصفات ومزايا جديدة مع الجيل الخامس من سوبرا الذي بدأ إنتاجه عام 2019. ويتوفر الطراز الجديد بمحركين يمكن الاختيار من بينهما. علماً أن قوة المحرك الأكبر منهما ذو الاسطوانات الست يتميز بقوة 400 حصاناً تقريباً.تويوتا سوبرا (صورة من الأمام) 2023

استفادت تويـوتا من خبرتها في إنتاج السيارات الكبيرة والفارهة وأدخلت بعضاً من مزايا السيارات الفارهة في مقصورة تويوتا سوبرا:

الجدير بالذكر أن جميع المواصفات قد تختلف من سوق لآخر. وذلك ينطبق على جميع الطرازات المذكورة أعلاه.

مستقبل تـويـوتا مع السيارات الكهربائية

تعتزم شركة تويـوتا تطوير سيارات كهربائية من الجيل التالي بحلول عام 2026. وذلك وفقاً لتصريح أدلى به رئيس تويوتا السابق “كوجي ساتو”. وتعتزم تويوتا الرائدة اللحاق بركب الشركات الغربية الكبرى في مجال تطوير المركبات الكهربائية ومنافستها. ومن المتوقع أن تنتج تـويوتا أول مركباتها الكهربائية الجديدة تحت علامة لكزس الفاخرة. وثم تتوسع وتنتج طرازات إضافية تحت العلامات التجارية الأخرى المملوكة لمجموعة تويوتا.

تويـوتا في عالم السباقات

وبالحديث عن سيارة تـويوتا سوبرا الرياضية، نستعرض تاريخ تويوتا في عالم السباقات. والتي لديها إنجازات وخبرة طويلة في هذا المجال. حيث شاركت تويوتا في العديد من رياضات وفعاليات سباقات السيارات العالمية. فقدمت المركبات والمحركات وقطع غيار السيارات الأخرى تحت علامتي تويوتا ولكزس.  

إنّ شركة Toyota Gazoo Racing التي يرمز لها بـ(GR)، هي علامة تجارية لشركة تـويـوتا. ويتم الاشتراك من خلالها في العديد من سباقات رياضة السيارات الكبرى في العالم. ويتنافس القسم الأوروبي منها، ومقرها كولونيا بألمانيا، في بطولة سباقات التحمل التابعة للاتحاد الدولي للسيارات (FIA). بينما يشارك فريق الرالي التابع لها (WRT)، ومقرها فنلندا في بطولة العالم للراليات. أما بالنسبة إلى فرع جنوب إفريقيا فهو ينافس في رالي داكار.

وتنافس تويوتا في سباقات فورمولا واحد. وقد فازت تويوتا بسباق لو مان الفرنسي في 2018 و 2019 و 2020 مع سيارة تويوتا.TS050 الهجينة. وفي عام 2021 مع Toyota GR010 الهجينة أيضاً. أما بالنسبة إلى شركة تـويوتا للسباقات والتطوير في الولايات المتحدة، فهي المسؤولة عن المشاركة في مسابقات سباقات السيارات الكبرى في الولايات المتحدة. بما في ذلك NASCAR و NHRA و Indy Racing League و Formula Drift. كما تصنع تويـوتا أيضًا المحركات وقطع غيار السيارات الأخرى لرياضات السيارات اليابانية الأخرى بما في ذلك Super Formula و Super GT و Formula 3 و Toyota Racing Series.

منشآت تويـوتا

المقر الرئيسي لشركة تويـوتا يقع في مدينة تويوتا. علماً بأن اسم المدينة سابقاً كان “كورومو”. لكن تم تغيير اسمها لتكون تويـوتا نسبةً إلى الشركة العملاقة التي تملك 15 من المباني في نفس المدينة الواقعة بمحافظة آيتشي اليابانية. وليس ذلك وحسب، بل إن تويوتا تعمل على إنشاء مدينة ذكية جديدة عند سفح جبل فوجي في محافظة شيزوؤكا اليابانية.

كما قامت بإنشاء معهد تويـوتا التقني للأبحاث في طوكيو عام 1981. ثم قامت بإنشاء معهد مماثل له في ولاية شيكاغو الأمريكية عام 2003. لطالما قدمت تويوتا الدعم من أجل التعليم بأشكال متعددة. ومن أشكال الدعم توفير المنح التعليمية من خلال هذين المعهدين وغيرهما. 

هل تويـوتا شركة مقتصرة فقط على إنتاج السيارات؟

الإجابة بالمختصر المفيد: كلا! شركة تويـوتا أكبر من كونها شركة لصناعة السيارات. فعلى الرغم من حصولها على لقب أكبر صانع للسيارات في العالم وحصولها على أكبر عدد من المبيعات، سجلت تويوتا اسمها في ميادين مختلفة بإنجازاتها التي يصعب حصرها! تويوتا لها باع طويل في المجال التعليمي كما تم ذكر ذلك سابقاً. ولها اسمٌ في عالم الفن من خلال متحف تويوتـا للفنون في محافظة آيتشي.

وتوجد عدة ملاعب رياضية تحمل اسم تويوتا مثل استاد تويـوتا في محافظة آيتشي، بالإضافة إلى استاد تويـوتا في دالاس بالولايات المتحدة الأمريكية. 

روبوتات تويـوتا والذكاء الاصطناعي

للشركة خبرة طويلة في مجال الروبوتات والذكاء الاصطناعي. على سبيل المثال لا الحصر، استعرضت تويـوتا روبوت يمكنه العزف على البوق والكمان أيضاً.

كما تعمل تويوتا على تطوير وإنتاج روبوتات ذات مهام متعددة لمساعدة كبار السنّ خصوصاً في اليابان التي تشكل نسبة الشيخوخة نحو الثلث من إجمالي عدد السكان في البلاد. كما ساهمت تويـوتا في تطوير الروبوت “كيروبو” الذي أطلقته جامعة طوكيو من أجل إرساله إلى المحطة الفضائية الدولية عام 2013. 

ولشركة تويوتا إنجازات كثيرة في مجال الذكاء الاصطناعي وتجري الاستفادة منها حالياً في العديد من التطبيقات في الحياة العملية. ويمكن قراءة المزيد حول هذا الموضوع بالضغط هنا.

نختم موضوعنا بهذا الفيديو لأحد روبوتات الشركة الذي أبهر الجمهور في أولمبياد طوكيو 2020، حيث كان يسدد بدقة ومهارة عالية نحو مرمى كرة السلة:

صورة المقال الرئيسية:
Photo by Christina Telep on Unsplash