محمد حسين إينوكي: مسيرة مصارع ياباني مسلم حافلة بالإنجازات

محمد حسين إينوكي: مسيرة مصارع ياباني مسلم حافلة بالإنجازات
محمد حسين إينوكي: مسيرة مصارع ياباني مسلم حافلة بالإنجازات

مصارع ياباني مسلم غير وجه رياضة المصارعة ورحل عن عالمنا في عام 2022 عن عمر ناهز تسعة وسبعين عاماً.. فمن هو هذا المصارع؟ إنه المصارع محمد حسين إينوكي.

ولد محمد حسين إينوكي (الذي كان اسمه “أنطونيو إينوكي” قبل اعتناق الإسلام)، لدى عائلة ثرية في مدينة يوكوهاما الساحلية اليابانية عام 1943، في عائلة كبيرة مكونة من سبعة أبناء. كان هو الابن السادس. وقد توفي والده وهو في الخامسة من عمره، فنشأ يتيمًا وبدأ يتعلم الكاراتيه من أخيه في سن مبكرة، وقد ساعده طول قامته في انضمامه إلى فريق كرة السلة في مدرسة يوكوهاما الإعدادية.

في أعقاب الحرب العالمية الثانية، مرت أسرة إينوكي بظروف قاسية، فاضطرت إلى الهجرة إلى البرازيل في عام 1957. كان عمره حينذاك 14 عامًا. توفي جده خلال رحلة الهجرة، لكنه أكمل مسيرته الرياضية في البرازيل، وفاز ببطولات محلية وإقليمية في رمي القرص والرمح والجلة. وقد عاد إينوكي إلى اليابان عام 1960، وبدأ مسيرته المهنية في المصارعة الحرة، وسرعان ما أصبح أحد أشهر المصارعين في العالم! وحقق العديد من الألقاب، منها لقب بطل العالم للوزن الثقيل 12 مرة. وفي عام 1976، خاض إينوكي مباراة تاريخية ضد محمد علي كلاي، والتي انتهت بالتعادل. كانت هذه المباراة من أكثر الأحداث الرياضية شهرة في العالم، وساهمت في شعبية المصارعة الحرة في جميع أنحاء العالم. وقد سميت هذه المباراة باسم “مباراة القرن” نظراً لأهميتها البارزة ومدى تأثيرها في عالم المصارعة.

اعتنق إينوكي الإسلام عام 1990 خلال زيارته للعراق. وقد غير اسمه إلى محمد حسين، وأصبح أحد أشهر المدافعين عن الإسلام في اليابان. أما في عام 1989، دخل إينوكي عالم السياسة، وانتُخب لعضوية مجلس الشيوخ الياباني ثلاث مرات. فاشتهر بجهوده في مجال الدبلوماسية وفض النزاعات.

قصة إينـوكي مع المصارعة

عندما كان عمره 17 عامًا، ترك البرازيل وعاد إلى اليابان حيث بدأ مسيرته المبكرة في المصارعة الحرة بعد اكتشافه من قبل المصارع الشهير “ريكيدوزان”، وهو كوري الأصل لكنه نشأ في اليابان، وهو الذي يدين له بالفضل في مسيرته الرياضية. وفي عام 1964، غادر اليابان إلى الولايات المتحدة في رحلة رياضية دامت 3 سنوات برعاية إحدى شركات الرياضة الأميركية المعنية بتنظيم بطولات للمصارعة، حقق خلالها عدة بطولات وصار من أكبر نجوم هذه الشركة حتى رجوعه إلى اليابان. حيث صار مؤسساً للمصارعة فيها.

تقنيات المصارعة المميزة لإينوكي

أتقن المصارع الشهير “إينوكـي” تقنيات مميزة في المصارعة الحرة مثل:

1- الكوبرا تويست: وهي تقنية تستخدم للتحكم بالخصم عن طريق الضغط على الرقبة والظهر. يتم تنفيذ هذه التقنية عندما يكون الخصم مستلقياً على الأرض، ويتم لف الساقين حول رقبته، ويتم تطبيق الضغط على الرقبة والظهر لإجباره على الاستسلام. تعتبر هذه التقنية من التقنيات الفعالة في المصارعة الحرة، وقد استخدمها العديد من المصارعين الشهيرين، بما في ذلك “إينوكي” الذي اشتهر بها في الستينيات.

صورة لتقنية الكوبرا تويست أثناء تدريب إينوكي 

 2- مانجيغاتامي: هي تقنية يابانية تستخدم للإسقاط والتحكم بالخصم. تعني الكلمة “الموت بالتثبيت”، وتتمثل في إحكام السيطرة على الخصم وتثبيته على الأرض بوضعية محددة، ويتم الفوز بالنزال عندما يستسلم الخصم أو يتم إيقاف النزال.

 3- ركلة إنزويجيري: وهي عبارة عن ركلة قوية تستخدم لتوجيه الخصم إلى الأرض.

مواجهة إيـنوكي لمحمد علي كلاي

محمد علي كلاي و محمد حسين إينوكي وجهاً لوجه
محمد علي كلاي و محمد حسين إينوكي وجهاً لوجه

حقق إينوكي طفرة في عالم المصارعة وأصبح واحداً من أكبر الأسماء في حلبة المصارعة اليابانية في الستينيات. وفي اليوم السادس والعشرين من شهر يونيو في عام 1976، خاض المصارع “إينوكي” نزالاً مع “محمد علي كلاي” حينما كان بطل العالم في الملاكمة في ذلك الوقت. وأقيمت المباراة “مصارع مقابل الملاكم” في قاعة بودوكان بالعاصمة اليابانية طوكيو. حاول خلالها إينوكي إثبات أن المصارعة المحترفة كانت أعظم أشكال فنون الدفاع عن النفس. وقد برز مشهد استلقاء إينوكي على ظهره وهو يركل ساق محمد علي كلاي! وهو مشهد غير مألوف في نزالات ومباريات الملاكمة. وبعد 15 جولة، سدد كلاي خلالها أكثر من 10 لكمات، وانتهت المباراة بالتعادل. وصفها كلاي بأنها “مباراة القرن”. هذه المباراة ألهمت شركات رياضية أميركية لتؤسس مباريات مختلطة بين مصارعين وملاكمين درت عليها أرباح بملايين الدولارات وما تزال مستمرة حتى الآن.

والجدير بالذكر أن المواجهة بين “إينوكي” و “محمد علي” قد انتهت بالتعادل. وهذه المباراة كانت محل نقاش طويل بين النقاد والخبراء في عالم المصارعة نظراً لتأثيرها وأهميتها الاستثنائية.

المسيرة السياسية

دخل “إينوكـي” عالم السياسة في عام 1989 وهو لا يزال مصارعا نشطا، وفاز بمقعد في مجلس الشيوخ بالبرلمان الياباني عن حزب “الرياضة والسلام” الخاص به. وفي عام 1990، سافر “إينوكي” للعراق من أجل “مهمة دبلوماسية غير رسمية “! حيث  تفاوض مع الرئيس العراقي الراحل صدام حسين بهدف الإفراج عن الرهائن اليابانيين الـ 41. وكان ذلك قبل اندلاع حرب الخليج الأولى. وعمل بنفسه على تنظيم بطولة مصارعة بالعراق بهدف تحريرهم وقد نجح في ذلك. وأثناء وجوده في العراق زار مدينة كربلاء وأشهر إسلامه، واختار اسم الإسلامي محمد حسين إينوكي.

صورة لإينوكي مع "عدي" ابن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين 
صورة لإينوكي مع “عدي” ابن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين 

كما طور علاقات وثيقة مع كوريا الشمالية نظراً لأصل معلمه في المصارعة ريكيدوزان الذي يعود إلى موطنه كوريا الشمالية. ولم يستطع العودة إلى دياره بعد الحرب في شبه الجزيرة الكورية. وظف إينوكي دبلوماسية الرياضة لخدمة هذه المساعي، وفي عام 1995، نظم بطولة للمصارعة في بيونغ يانغ شهدها أكثر من 100 ألف مشجع. كما زار كوريا الشمالية بمناسبة الذكرى الـ 60 لهدنة الحرب الكورية، والتقى مع شخصية كورية شمالية رفيعة المستوى خلال زيارته. في نوفمبر 2013، تم تعليق عضوية إينوكي من البرلمان لمدة 30 يومًا بسبب رحلة غير مصرح بها إلى كوريا الشمالية، والتي كانت الزيارة الـ 27 له إلى كوريا الشمالية.

 وأوضح في مقابلة أن عمليات اختطاف كوريا الشمالية لمواطنين يابانيين دفعت الحكومة اليابانية إلى “إغلاق الباب” بشأن الدبلوماسية مع كوريا الشمالية بسبب تزايد تهديداتها الأمنية، لكن القضية لن تحل “دون تواصل مستمر” وفقاً لتصريحه. وفي سبتمبر/أيلول عام 2017، أعاد إينوكي تأكيد موقفه بأن اليابان يجب أن تبذل المزيد من الجهود لإجراء حوار تعاوني مع كوريا الشمالية، في أعقاب إطلاق كوريا الشمالية صواريخ باليستية فوق هوكايدو تبع ذلك رحلات أخرى مثيرة للجدل.

صورة لإينوكي في كوريا الشمالية
صورة لإينوكي في كوريا الشمالية

شعبية كبيرة بالعالم الإسلامي 

المصارع الذي اعتنق الإسلام في عام 1990، كان يتمتع بشعبية كبيرة في العالم الإسلامي، خصوصاً في باكستان. ففي عام 1976، تحدى “إيـنوكي” المصارع الباكستاني “أكرم” الملقب بـ “أكي”، وعندما جاء إلى باكستان من أجل المواجهة، فوجئ برؤية ما يقرب من 50,000 متفرج يحضرون الحدث في استاد كراتشي الوطني.

ومن خلال عودته إلى باكستان مجدداً، شارك “إينوكي” في عام 2013 في احتفالات النوايا الحسنة بمرور 60 عامًا على العلاقات الدبلوماسية الباكستانية اليابانية. وفي عقب إعلان وفاة “إينوكي”، غرد رئيس الوزراء الباكستاني السابق “شهباز شريف” معزيا أسرة “إينوكي” والشعب الياباني. “لقد فتن جيل كامل ببراعته في المصارعة النادرة”.

انضم الآن مجاناً لتصبح عضواً متميزاً في مجلة اليابان للحصول على آخر المستجدات والأخبار من الموقع مع العديد من العروض والمفاجآت! (اضغط هنا)

0 0 votes
Article Rating

اكتب تعليقًا

3 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
نصرالدين الليبي

غريبة شخصية مشهورة غير معروف بالنسبة لي من قبل

Emad Ali
Emad Ali
1 سنة

نشط رياضيا وسياسياً

Russol wahab
1 سنة

مقال رائع وجميل حيث انه زار العراق واسلم هناك ولديه صورة رائعة مع ابن رئيسنا السابق اول مرة اسمع عن هذه الشخصية المميزة التي تشبه شخصية محمد علي كلاي فليرحمهم الله

3
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x