رحلة رائد بدوي إلى اليابان

رحلة رائد بدوي إلى اليابان
رحلة رائد بدوي إلى اليابان

أحب رائد بدوي اليابان منذ الصغر وقرأ عنها الكثير، ولم يدع شاردةً ولا واردة في تاريخها وحاضرها وثقافتها وعلومها وصناعاتها وتقاليدها إلا وسعى إلى الإحاطة بها، كان يحرص على شراء المنتجات المصنوعة في اليابان، وكان يفتخر باقتنائها، لم تكن بالنسبة له مجرد حالة إعجاب، بل تكونت لديه قناعة بأن في اليابان ما لا يمكن أن يجده في أي مكان آخر من العالم.  رائد بدوي يروي لكم حكايته وتجربته عن زيارته إلى اليابان:

كان مجرد التفكير بزيارة اليابان حلماً راودني طوال عمري إلى أن قدر الله لي تحقيق هذا الحلم فجاءت الدعوة لي من وزارة الخارجية اليابانية بعد أن تمت تزكيتي من قبل السفارة اليابانية في الدوحة التي تربطني بها علاقات حميمة على خلفية اهتمامي بالشأن الياباني فلبيت الدعوة المشكورة في الرابع عشر من أكتوبر عام 2017.  وصولي إلى بلاد الشمس الشارقة جاء بعد رحلة استغرقت تسع ساعاتٍ بالطائرة التي هبطت في مطار طوكيو الدولي قرابة منتصف الليل وبعد إجراءات سريعة في المطار استقبلتني مرشدتي السيدة تاكاياما المكلفة من وزارة الخارجية اليابانية بمصاحبتي طوال الأسبوع الأول من الزيارة، كم كنت سعيداً عندما وطأت قدمي أرض الأحلام بالنسبة لي، وسرعان ما بدأتُ أجولُ بنظري من خلال نافذة سيارة الأجرة التي نقلتني من المطار إلى الفندق في جميع أرجاء المدينة، هذه هي طوكيو التي راود طيفها مخيلتي طوال سنوات طفولتي كان الأمر بالنسبة لي يعادل جائزة لا تقدر بثمن.

في اليوم التالي استقليت مع مرشدتي القطار السريع المسمى قطار الرصاصة إلى هيروشيما تلك المدينة التي تعرضت لأعتى جريمة في تاريخ البشرية عندما ألقيت عليها قنبلة ذرية في السادس من آب أغسطس عام 1945 ما أدى إلى زهق أرواح نحو سبعين ألف مدني وأعقب المأساة إلقاء قنبلة أخرى على مدينة ناغاساكي في اليوم التاسع من الشهر نفسه. في هيروشيما كان الطقس ماطراً بشكل خفيف فتجولت قرب أطلال المبنى المسمى قبة القنبلة وهو تقريبا المبنى الوحيد الذي بقي قائماً بعد سقوط القنبلة إذ أن تسعين بالمائة من المباني سوّيت بالأرض تماماً نتيجة التفجير الذري.

ذكريات مؤلمة

في هيروشيما يقابلك الناس بابتسامةٍ لطيفةٍ ويرحبون بك بينهم ويعلمون أن السبب الأساسي لزيارتك هو تقديم الدعم لهم في مصابهم الذي لا يزال الكثير من أبنائهم يعانون من تبعاته حتى اليوم. وقد حالفني الحظ بلقاءٍ جمعني مع السيد ماتسوهيكو سيغوشي أحد شهود العيان الناجين من انفجار قنبلة هيروشيما الذرية وهو أستاذ في معهد السلام هناك. كان الرجل في غاية الاحترام، يسرد شهادته لواقعة التفجير الذري كما لو كانت حدثت بالأمس ويذكر أدق التفاصيل. كان كلامه مؤثراً جداً فقد حكى لي كيف أن مجرد سجادة على باب شرفة منزلهم، كانت أمه تنشرها لتجف من الماء بعد غسلها حمته من الوهج الحراري الذري الذي عصف بالمدينة.

مع السيد ماتسوهيكو سيغوشي، أحد الناجين من قنبلة هيروشيما الذرية وأستاذ في معهد السلام التذكاري في هيروشيما
مع السيد ماتسوهيكو سيغوشي، أحد الناجين من قنبلة هيروشيما الذرية وأستاذ في معهد السلام التذكاري في هيروشيما

وذكر لي كيف أن ظهر أمه أصيب بحروق بليغة عندما وصلت أليها إشعاعات التفجير من نافذة أخرى في المنزل. كان عليه أن يسير على قديمه نحو خمسين كيلومتراً هو و أمه الجريحة وأخوين صغيرين له من هيروشيما إلى إحدى الضواحي التي لم تتأثر بالتفجير، لتلقي العلاج وللمبيت عند أسرة من أصدقائهم. وعندما سألته إن كان يشعر بالحقد على من ألقى القنبلة أجاب بأنه يسامحهم.

رحلة رائد بدوي إلى متحف الكاميكازي

بعد هيروشيما انتقلت مع مرشدتي إلى مدينة كاغوشيما في أقصى جنوب اليابان، وكانت هذه الوجهة من اختياري ضمن البرنامج الذي وضعته وزارة الخارجية اليابانية لزيارتي. وسبب اختياري لتلك المدينة هو وجود متحف لطياري الكاميكازي الانتحاريين في إحدى ضواحيها واسمها تشيران، كانت زيارة متحف الكاميكازي في تشيران في 16 أكتوبر هي غاية ما صبوت إليه من خلال رحلتي لليابان. وفعلاً جاء كل ما توقعته على مستوى الآمال التي حلمت بها. في تشيران زرت أخيراً المتحف المسمى متحف طياري الكاميكازي للسلام وشاهدت هناك الطائرات اليابانية التي لطالما أحببتها صغيراً، جاثمةً على مدرج كانت تقلع منه لتنقض على سفن الحلفاء دفاعاً عن أرض الوطن.

واستقبلت من قبل إدارة المتحف بحفاوةٍ بالغةٍ ونظمت لي محاضرة ألقاها باللغة الإنجليزية العقيد المتقاعد بالجيش الياباني تاكيشي كاواتوكو، وهو أيضاً مؤلف كتاب فكر الكاميكازي. تناولت المحاضرة مبادئ التضحية والفداء التي كانت ينتهجها طيارو الكاميكازي الذين ضحوا بحياتهم دفاعاً عن وطنهم، وكيف أن تلك التضحيات أسست لمجتمع يدعو إلى السلام ويبشر به، ثم أهداني نسخة من كتابه ممهورة بتوقيعه.

مع العقيد المتقاعد في الجيش الياباني، تاكيشي كاواتوكو، ومؤلف كتاب فكر الكاميكازي
مع العقيد المتقاعد في الجيش الياباني، تاكيشي كاواتوكو، ومؤلف كتاب فكر الكاميكازي

وقد بقيت تلك المحاضرة التي ألقاها الرجل راسخةً في ذهني طوال مدة زيارتي للمتحف إذ ذكر فيها اللحظات القاسية التي كان يعيشها هؤلاء الأبطال قبل وداعهم لأحبائهم قبيل انطلاقهم بمهمتهم الأخيرة بلا عودة.  بعدها تجولت في الأرجاء الخارجية المحيطة بمبنى المتحف ومكثتُ طويلاً عند كل طائرة من تلك الطائرات التي تفوح منها رائحة البطولة والتصميم على التصدي للعدو، وهناك قابلتني الصحفية اليابانية الآنسة رييكو إريسومي من صحيفة نيامي نيبون وسألتني عن انطباعاتي بعد زيارتي للمتحف وقد نشرت الصحيفة تلك المقابلة في الصحيفة المذكورة وكانت كالتالي في نص يطابق النص الياباني:


الصحفي رائد بدوي، من الشرق الأوسط يزور تشيران جنوب اليابان ويتعرف على فكر الكاميكازي

قام السيد رائد بدوي الصحفي في قناة الجزيرة الفضائية بدولة قطر بزيارة لمتحف تشيران للسلام لتخليد ذكرى طياري الكاميكازى في مدينة مينامي كيوشو في 16 و17 أكتوبر 2017 . وقال السيد رائد بعد الاطلاع على الحقائق التاريخية ومعتقدات ونهج الكاميكازي “سيعم السلام في العالم بلاشك إذا ماوجدت النية لدى الكثير من الناس للاستماع إلى رسالة السلام من تشيران”. هذا ويزور السيد رائد بدوي اليابان بناءً على دعوة من وزراة الخارجية اليابانية.

والجدير بالذكر أن السيد رائد بدوي لديه اهتمام كبير بالطائرات لذا فقد حرص على زيارة تشيران كوجهة أساسية في رحلته إلى جانب مدينتي طوكيو وهيروشيما. عقب انتهاء العقيد المتقاعد تسيوشي كاواتوكو وهو من المحاربين القدامى من إلقاء محاضرة شرح فيها باللغة الإنجليزية، جوانب من فكر الكاميكازي شرع السيد رائد بتوجيه الأسئلة بشغف من قبيل ” لماذا تم إيقاف الهجمات في 19 يوليو 1945 قبل انتهاء الحرب؟” وسأل أيضاً “كم عدد من نجوا من الموت قبل تنفيذ العملية الانتحارية بسبب أعطال فنية في محركات الطائرات ظهرت وهم في طريقهم نحو الهدف فاضطروا الى العودة أو الهبوط في أقرب مطار، أوغيرها من الأسباب؟”.كما قام السيد رائد بتفحص المقاتلات الحربية المعروضة في المتحف بكل عناية وأضاف قائلاً “كان من الرائع أن أمكث هنا لمدة يومين. ستبقى رسالة السلام التى تبلغتها هنا جليةً وراسخةً دائماً في ذاكرتي”..


لم أكتفِ بزيارة واحدة إلى تشيران، فعدتُ في اليوم التالي لأمكث وقتاً إضافياً مع كل تلك المعاني الكبيرة والقيم النبيلة التي كان يزخر فيها المتحف، وفي نهاية الزيارة الثانية أصرّ مدير المتحف السيد كازوهيرو سيتاغوشي باصطحابي مع مرشدتي السيدة أكياما في رحلةٍ على الأقدام على أحياء تشيران القديمة حيث البيوت التقليدية اليابانية ذات الحدائق الغناء، فشعرت بنفسي أتجول داخل إحدى أعمال الأنمي، ولمن يعرف مسلسل ساسوكي سيفهم قصدي جيداً. إذْ أنّ تلك البيوت والحدائق المتصلة بها يرتكز عليها ذلك المسلسل بشكل كبير.

حفاوة وترحيب.. مع كرم ضيافة السكان

خلال زيارتي لأحياء تشيران العريقة حظيت بوفادة قل نظيرها وقدم لي المواطنون الشاي الياباني الأخضر عربون ترحاب وحفاوة وبعد التقاط عدة صور في المكان ومع السيد سيتاغوشي حانت لحظة الوداع فغادرنا تشيران ولكن بقي جزء مني فيها وسيبقى إلى الأبد. كانت العودة في مساء اليوم نفسه إلى طوكيو بالطائرة وفي اليوم التالي زرت مقر وزارة الخارجية والتقيت مع السيد ناكاغاوا المترجم الشخصي باللغة العربية لإمبراطور اليابان ووزير خارجيتها . وفي الأيام التالية نظمت لي الوزارة زيارات لمتحفين لخفر السواحل الياباينة رافقنا خلالها النقيب ريوجي هياشي مدير العلاقات العامة في خفر السواحل وأهداني ميدالية تكريم فضية:

مع النقيب ريوجي هياشي مدير العلاقات العامة في خفر السواحل
مع النقيب ريوجي هياشي مدير العلاقات العامة في خفر السواحل

وفي الأيام التالية انطلقت في شوارع مدينة طوكيو أشاهد فيها كل جميل وممتع، تعرفت في تلك الأيام على طيبة الشعب الياباني وأخلاقه الحميدة، اليابانيون مضيافون يكرمون الغريب ويجتهدون في مساعدته قدر الإمكان حتى لو خانتهم اللغة فهم يمكثون معه محاولين إرشاده قدر المستطاع، والجميل هو تلك الانحناءة التي يؤدونها للضيف تعبيراً عن شكرهم له في حين أنه هو من ينبغي أن يشكرهم. وعلى سبيل المثال، عندما تسأل أحد المارة في الشارع عن وجهة مكان معين يدلك ثم ينحني لك شاكراً فتمضي في طريقك مسافة ثم تلتفت الى الوراء فتجده ما زال منحنيا لك احتراماً حتى تغيب عن نظره.

بلد ليس فيه سرقة..  ولكن هذا ما تعرضت له!

تعرضت لموقف في طوكيو لا بد لي من ذكره، إذ أنني قبل زيارتي إلى طوكيو قرأت مقالاً يذكر فيه كاتبه أن اليابان بلد ليس فيه سرقة، فلو نسيت هاتفك المحمول على الطاولة في مقهى مزدحم وذهبت إلى دورة المياه فإنك تعود لتجده مكانه، كما أن أصحاب الدراجات الهوائية يتركونها أمام أبواب المتاجر لساعات فيعودوا ليجدوها في مكانها. وفي هذا السياق حدث لي أن ذهبت إلى أحد الأسواق للتبضع وأثناء عودتي في الميترو نسيت أحد أكياس الحاجيات التي اشتريتها تحت الكرسي الذي كنت أجلس عليه ولم أتذكر ذلك إلى بعد وصولي إلى الفندق.

وبطبيعة الحال اعتبرت أن الأمر انتهى. لكن مرشدتي السيدة أكياما فاجأتني حين سردتُ لها القصة بأن الأغراض لم تضع وهي حتماً موجودة في قسم المفقودات في إدارة سكك الحديد فأخذت مني مواصفات الكيس والأغراض بداخله واتصلت بإدارة سكك الحديد. كنت أراقب تعابير وجهها وهي تتحدث على الهاتف، لم تمضِ ثوانٍ قليلة حتى لاحت ملامح البهجة على محياها وراحت تشكر مخابرها بحرارة بالغة. وبعد أن أغلقت الخط قالت لي الكيس موجود كما قلت لك وسأذهب غداً صباحاً وأحضره لك وسأسلمك إياه غداً صباحاً في الفندق، وهكذا كان.. لقد تركت هذه الحادثة في نفسي أثراً كبيراً إذ أنني تيقنت فعلاً لأي مدى وصل اليابانيون في النزاهة والشهامة والأخلاق الراقية وتكاد الكلمات لا تكفي للتعبير عن مشاعري إزاء هذا الأمر.

أجمل ما شاهدته في طوكيو هو حي أساكوسا السياحي الرائع ذو المباني التراثية التقليدية اليابانية المبهجة، وعلى أطرافه الحدائق اليابانية الغناء التي تشدك إليها فلا تقوى على مفارقتها، في طوكيو قابلت لأول مرة في حياتي أخي وصديقي و زميلي الراقي الدكتور فادي سلامة فأمضيت معه يومين رائعين تجولنا خلالهما في شوارع طوكيو وزرنا أماكن سياحية عدة أهمها حديقة القصر الإمبراطوري وتناولنا العشاء معاً وكانت أيام لا تنسى سأبقى أذكرها.

مع الزميل فادي سلامة مقابل محطة طوكيو للقطارات
مع الزميل فادي سلامة مقابل محطة طوكيو للقطارات

كما تشرفتُ بزيارة سعادة السفير التركي في طوكيو السيد بولانت ميرتش وتحدثنا عن تقريري الذي أشرت فيه إلى بداية العلاقات اليابانية التركية في عام 1890 وبعد ساعة تقريبا انتقلت لزيارة المسجد التركي في طوكيو والتقيتُ الإمام محمد رشيد آلاس و قادني بجولة في أرجاء المسجد والمركز الإسلامي التابع له.

اللقاء الحلم.. بعد معرفة استمرت لنحو عقد من الزمن!

لي أيضاً صديق في اليابان اسمه سوميو ناكاغاوا تعرفت عليه سنة 2007 عن طريق موقع إيباي الشهير وكنت أشتري منه نماذج الطائرات اليابانية التي أحبها، وتوطدت علاقتي به على الإنترنت، وجاءتني الفرصة لمقابلته وجهاً لوجه خلال زيارتي إلى اليابان وهكذا كان.

مع صديقي السيد ناكاغاوا
مع صديقي السيد ناكاغاوا

اتفقنا بدايةً على اللقاء في الفندق وكم كان سعيداً حين تصافحنا لأول مرة، ومنذ تلك اللحظة لم يوفر الرجل فرصة ليجعلني فيها سعيداً، فقد أمضيت الأيام الأربعة الأخيرة من زيارتي إلى اليابان برفقته، لقد عاملني سوميو الذي يفترض أنه يلتقي بي لأول مرة في حياته معاملة الأخ لأخيه، وقد قدمني لعائلته المكونة من زوجته وابنه ذو العامين كما لو كنت فرداً من أفراد اسرته، كان سوميو ناكاغاوا مضيافا إلى أبعد حدود.

مع السيد ناكاغاوا وأسرته
مع السيد ناكاغاوا وأسرته

أخذني بداية إلى متحف ياسوكوني حيث تصورنا إلى جانب الطائرات التي تعتبر هوايتنا المشتركة تكبد مشقة السفر بي بسيارته الخاصة من طوكيو إلى هاماماتسو في وسط البلاد مسافة تتجاوز أربعمائة كيلومتر ليسعدني بزيارة متحف كبير للطائرات لأنه يعرف حبي لها.

متحف ياسوكوني للطائرات
متحف ياسوكوني للطائرات

أمضيت مع عائلة ناكاغاوا أياماً لا تنسى، نزلنا فيها في فندق فخم في مدينة هاماماتسو وزرنا قمة جبل هناك والتقطنا العديد من الصور ثم عدنا إلى طوكيو ومنها إلى الضاحية التي يسكن فيها واسمها تشيبا، وفي اليوم التالي أخذني صديقي سوميو ناكاغاوا إلى قاعدة جوية لنشاهد عرضا حيا لطائرات الفانتوم اليابانية وكانت الرحلة من منزله إلى المطار رائعة بطبيعتها الخلابة.


اقرأ أيضاً: مقاتلة يابانية خارقة، طموح اليابان الجديد للدفاع عن نفسها


مع صديقي ناكاغاوا مقابل طائرات الفانتوم اليابانية
مع صديقي ناكاغاوا مقابل طائرات الفانتوم اليابانية

لحظات لا تنسى مع صديقي ناكاغاوا

وفي المساء، أمضيت الليلة الأخيرة زائراً لوالديه اللذين يسكنان بيتاً تقليدياً يابانياً وأكراماني أيما إكرام. وعندما حان موعد طائرتي أخذني إلى المطار وتناولنا طعام العشاء الأخير سوياً، ثم حانت لحظة الوداع فتعانقنا ومضيت في طريقي وفي نيتي العودة في أقرب فرصة إلى اليابان. لقد كان لحسن ضيافة سوميو ناكاغاوا الأثر الإنساني البالغ في زيارتي الحلم إلى اليابان. فقد اهتم بي الرجل اهتماما يليق بالملوك، وبذل الأموال بغير حساب فقط من أجل إكرامي. فإذ كنت قد سعدت بزيارتي تلك إلى اليابان، فإن الأيام التي أمضيتها مع سوميو وعائلته ستبقى العلامة الفارقة في هذه الزيارة كونها أسعد الأيام فيها.

مع عائلة صديقي ناكاغاوا
مع عائلة صديقي ناكاغاوا

انتهت زيارتي إلى اليابان وبقيت ذكراها في مخيلتي لا تغيب. فكم من ليلة أعقبت عودتي من تلك الرحلة حلمت فيها أنني في اليابان. وأنني مع عائلة ناكاغاوا نزور مكانا ما، لقد كان لهذه الزيارة أثرها البالغ في توطيد علاقتي المتينة أصلاً باليابان شعباً وأرضاً، بعد أن كانت علاقتي بتلك البلاد نظرية بحتة. وإنني أدعو كل من لم يزر اليابان بعد أن يزورها لأن فيها حقاً ما يمكن أن نصفها بأنها أسس حياة لمجتمع لا يشبه أي مجتمع في العالم. فيها الفرادة وفيها الأصالة وفيها الصدق وفيها الأمانة والاحترام وفيها مجتمع يشد أزر بعضه بعضاً، فيها السلام وفيها المحبة وفيها كل ما هو جميل.

شكر وتقدير

أتوجه بالشكر الجزيل إلى كل من ساهم في إنجاح زيارتي إلى اليابان السادة:
سعادة السفير الياباني في الدوحة سيتشي أوتسوكا، السكرتير الأول في السفارة اليابانية السيدة توموكو واتانابي، السكرتيرة التنفيذية في السفارة اليابانية في الدوحة السيدة مروى كرم، السكرتيرة التنفيذية في السفارة اليابانية في الدوحة السيدة ريكا ياماغاتا، مرشدتي في طوكيو السيدة شيكو أكياما، مدير متحف تشيران للسلام السيد كازوهيرو سيتاغوشي، العقيد المتقاعد في الجيش الياباني كاواتوكو تاكيشي، مدير العلاقات العامة في خفر السواحل اليابانية النقيب هياشي، الصحفية في صحيفة مينامي نيبون الآنسة ريكو إريسومي.

الكاتب: رائد بدوي

رائد بدوي

رائد بدوي، صحفي عربي، من بيروت متخصص بالشأن الياباني والشأن التركي. درس في الجامعة اللبنانية الأميركية وتخرج منها عام 1992 وحاز على إجازة البكالوريوس في العلوم. شغف باليابان وانكب على دراسة تاريخها وحضارتها وثقافتها وتقاليد شعبها منذ نعومة أظافره، وتخصص في تاريخها المعاصر وخاصة الحقبة الممتدة منذ مطلع القرن العشرين مرورا بحقبة الحرب العالمية الثانية وصولاً إلى نهضة اليابان بعدها. وتبحر في دراسة علومها ومختلف صناعاتها التكنولوجية وفنونها الأدبية وتحديدا فن صناعة الأنمي. عمل منذ شهر آب عام 1992 مذيعاً للأخبار ومقدماً للبرامج في إذاعة صوت الوطن في بيروت وكذلك في عدد من الإذاعات الاخرى أبرزها صوت بيروت وصوت الشعب.

والتحق عام 2003 في قناة الجزيرة الإخبارية في قطر محرراً في غرفة الأخبار ومعداً للتقارير العلمية والإنسانية والثقافية والإجتماعية والسياحية والمنوعات، حيث لايزال يعمل حتى تاريخه. وكان طوال مسيرته الإعلامية يسلط الضوء عندما تتوفر فرصة مناسبة على مواضيع مختلفة عن اليابان. عضو نقابة العاملين في الإعلام المرئي والمسموع في بيروت. حائز على ميدالية الشرف من جهاز خفر السواحل الياباني أثناء زيارته إلى طوكيو بدعوة من وزارة الخارجية اليابانية في تشرين الأول أكتوبر عام 2017 عربون صداقة ووفاء تقديراً لإسهاماته الإعلامية في التعريف بالتاريخ والتقاليد والثقافة اليابانية. رائد بدوي يدير صفحة على فيسبوك تحت اسم JAPAN in the works of Raed Badawi جمع فيها أعماله التلفزيونية ومقالاته وكتاباته في الشأن الياباني وهو إلى جانب قريبه د. حبيب بدوي مديراً في مجموعة على فيسبوك باسم Solidarity with Japan

رابط الحساب الشخصي للكاتب رائد بدوي عبر فيسبوك:

https://www.facebook.com/raedbadawi70

رابط صفحة الكاتب عبر فيسبوك:

https://www.facebook.com/JAPAN-in-the-works-of-Raed-Badawi-454140015420735/


انضم الآن مجاناً لتصبح عضواً متميزاً في مجلة اليابان للحصول على آخر المستجدات والأخبار من الموقع مع العديد من العروض والمفاجآت! (اضغط هنا)


 

0 0 votes
Article Rating

اكتب تعليقًا

26 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
صالح عيدروس علي
صالح عيدروس علي
3 سنوات

العلاقات اليابانية التركية ضاربة جذورها في التاريخ وهي علاقات قديمة وتصب في مصلحة الشعبين والبلدين .

Wassim LatinOs
Wassim LatinOs
3 سنوات

شكرا على هذا المقال

Sirine meddoud
3 سنوات

كل مرة يزيد حبي اليابان فعلا انها بلد اكثر من رائع

ناصر ظيفير
ناصر ظيفير
3 سنوات

مقال رائع غني بالمعلومات

baraachi
baraachi
2 سنوات

مقال جيد و مفهوم

سالم محسن أمين
سالم محسن أمين
2 سنوات

مقالة اقل مايقال عنها رائعة و شيقة. شكرا للأستاذ رائد البدوي

الدكتور نشأت ادوارد ناشد
الدكتور نشأت ادوارد ناشد
2 سنوات

رؤية الكاتب ستختلف حتما عن رؤية الزائر

Asouma
Asouma
2 سنوات

العلاقات ..منذ 1890؟! انها حقا قديمة …تفاجأت

Ayman
Ayman
2 سنوات

رحلة رائدة للاستاذ رائد
واجمل ما لفت انتباهي واثارني جملة مضيفه الياباني الذي عاين اهوال إلقاء تدمير هيروشيما ( لقد سامحتهم)
لا يهم اسباب الحرب ومن انتصر ومن خسر…
هذه الجملة انتصار للإنسانية!

Emad Ali
Emad Ali
5 شهور

رحله موفقة للسيد رائد بدوي
وهذا حلم يراودني ايضآ للسفر لأجمل بلد بالعالم اليابان وحلم اتمنى تحقيقه

Khitam
Khitam
5 شهور

يا لها من تجربة كانت ممتعة بالتأكيد للكاتب بل أكثر من ذلك بالنسبة له

Khitam
Khitam
5 شهور

لا يوجد ما هو اجمل من شعور أن تحقق حلمك وتزور المكان الذي لطالما عشقته وتعلقت به

Khitam
Khitam
5 شهور

بالنسبة لي كان المقال أكثر من مذهل لأن الكاتب رائد بدوي عبر عن حبه لهذه التجربة ومن خلال انتقائه الكلمات المناسبة أحسست أنني أيضا قد عشت التجربة
وهذا شي مميز وفريد من نوعه

نادين
نادين
5 شهور

الله يطعمنا شي سفرة زيارة لليابان ..

اهم شي .. الترحاب .. وامانة الشعب هنيك .. وهذا للاسف نفتقده هنا
الاخلاق اهم شي في تعاملاتنا. . وهي سر تقدم الشعوب

Yashiro
Yashiro
5 شهور

استمتعت بقراءة رحلة رائد بدوي مليئة بالذكريات الجميلة

Yashiro
Yashiro
5 شهور

لكن استغربت من شاهد عيان على القصف الذري ويسامحهم!!

Yashiro
Yashiro
5 شهور

اشعر بأن الشعب الياباني ودود ولطيف جدا ويسهل انشاء صداقات معهم

Yashiro
Yashiro
5 شهور

ولايزال الى الآن من يستغرب من حبنا لهذا البلد!!

Yashiro
Yashiro
5 شهور

احببت كمية الترحاب والاحترام والأمانة للشعب الياباني كما وصفهم البدوي

ヤコブ 先輩
4 شهور

مقال طويل وغني بالمعلومات عن مغامرة الاستاذ رائد بدوي لليابان، نتمنى له التوفيق في مشوار عمله ونتمنى منه اعداد تقارير اخرى مشابهة لهذا التقرير.

ヤコブ 先輩
4 شهور

الاستاذ رائد قدم لنا الكثير من المعلومات المفيدة في هذا المقال

Mustafa Al-Khalidy
Mustafa Al-Khalidy
4 شهور

الله يرزقنا هكذا زيارة

اكثر ما اثار اعجابي قسم المفقودات وكيف ان اليابان بلد لا تسرف به

نصرالدين الليبي

نشكر الكاتب رائد بدوي على هذا المقال الرائع

نصرالدين الليبي

افضل شيء اعجبني في المقال عندما حكى عن قصته عندما نسى كيس في القطار ووجده في قسم المفقودات هذا يظهر الاخلاق العاليه والشعور الكبير بالمسؤوليه للشعب الياباني

نصرالدين الليبي

بالنسبه لي لم اذهب يوما لليابان ولكن اشاهد الكثير من الفيديوهات على اليوتيوب واكثر شيء يجذب انتباهي هو نظافه شوارعها فالشوارع من شد نظافتها تلمع

Yashiro
Yashiro
4 شهور

شكرا على هذا المقال وعلى تفاصيله الممتعة، اتمنى ان تسمح لي الفرصة بالسفر لليابان ايضا وقتها لن اكتب مقالا واحدا فحسب ابدا

26
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x