تعد بوابات توري واحدة من أكثر الرموز شهرة وتميزًا في اليابان. كما أنها جزء أساسي من التراث الروحي للبلاد ومعالم مذهلة بصريًا في حد ذاتها. وتعتبر زيارة بوابات تـوري جزء لا يتجزأ من زيارة اليابان. فما هي هذه البوابات؟ وما هي أنواعها ودلالة ألوانها المختلفة؟ وما هي الأشهر في اليابان؟
ما هي بوابة توري؟
بوابة توري هي البوابة الرمزية بين عالم الأرواح والعالم البشري في اليابان. وهي رمز من رموز ديانة الشنتو – أحد المعتقدين الدينيين الرئيسيين في اليابان إلى جانب البوذية – وستجد بوابة عند مدخل أضرحة الشنتو. يوجد ما يقدر بنحو 90.000 مزار شنتو في اليابان وسيكون لكل منها بوابة واحدة على الأقل. وتستخدم بوابات توري بشكل فعال لتحديد مكان أو موقع باعتباره مقدسًا وتعمل كممر إلى المساحة المقدسة للضريح.
الهندسة والتصميم
عادةً ما يتم طلاء تـوري باللون الأحمر (القرمزي)، وتصنع من الخشب أو الحجر أو الخرسانة المسلحة، على الرغم من وجود أنماط مختلفة في جميع أنحاء البلاد، مع بعضها مصنوع من مواد أخرى (حتى السيراميك).
كانت البوابات بيضاء في الأصل. لكنها تُطلى تقليديًا باللون الأحمر لأن اللون الأحمر في اليابان يرمز إلى الحيوية والحماية من الشر. ويقال أيضًا أنه نظرًا لأن الطلاء الأحمر يحتوي على الزئبق، فإنه يسمح بالحفاظ على البوابات لفترة أطول – عمليًا وروحانيًا.
الأضرحة ذات بوابات تـوري هي شنتوية. أما المعابد ذات البوابات المعروفة باسم “مون” فهي تنتمي إلى التقاليد والمعتقدات البوذية. كما تحتوي الأضرحة الشنتوية على حوض مائي يغسل فيه الزوار أيديهم وأفواههم قبل الدخول. ويُطلق على هذا الحوض اسم “هاراي”.
هناك نوعين من تصميم البوابات:
1-ميوجين توري
هي شكل أكثر زخرفة من البوابات. وتتميز بعتبات مزدوجة منحنية. بشكل عام، يكون للعمودين ميل للداخل، وترتبط العتبات وعارضة الربط بدعامة داعمة تسمى جاكوزوكا.
2-شينمي توري
بوابة شينمي توري هي أبسط أشكال بوابة توري، وتتميز بعتبة مستقيمة واحدة. بشكل عام، تكون جميع العناصر مستديرة المقطع وتلتقي بزوايا قائمة.
تاريخ بوابات توري
تعود أصول البوابات إلى أصول الشعب الياباني. هناك العديد من القصص والنظريات المتنافسة حول أصلها الدقيق وما إذا كانت أصلية أو مستوحاة من بوابات أخرى من البلدان والثقافات المجاورة. على سبيل المثال، هناك بوابات مقدسة في الهند (تورانا)، والصين (بايلو)، وكوريا (هونغسالمون Hongsalmun). ومع ذلك، وبصرف النظر عما إذا كانت مستوحاة جزئيًا من بوابات في أماكن أخرى، فقد أصبحت مرادفة للتراث والتاريخ الروحي والثقافي لليابان، وكذلك الديانة الشنتوية.
دلالة ألوان الأضرحة
تأتي البوابات في مجموعة غنية من الأشكال والأحجام والألوان. ولكل منها شخصيتها الخاصة. بعضها مصنوع من الزجاج والسيراميك ومكبرات الصوت وقطع الليجو.
اللون الأحمر
وهي درجة ما بين الأحمر والبرتقالي. أحد الأسباب الرئيسية لاستعمال هذا اللون هو أن الطلاء القرمزي مصنوع من الزنجفر. وهو نوع من الخامات المرتبطة بالزئبق وله خصائص كيميائية تساعد في الحفاظ على الخشب من خلال مكافحة البكتيريا والحشرات المدمرة مثل النمل الأبيض.
الأحمر هو أيضًا لون الحظ في شرق آسيا، كما قد يكون للأضرحة الحمراء ارتباط قوي بالبوذية.
اللون الأصفر
هذا الضريح مخصص للتخصص اللذيذ في المنطقة – البطاطا الحلوة المجففة (هوشي إيمو). وبفضل هذا الارتباط، فإن بوابات ضريح هوشيمو لها نفس اللون الغني الزبدي. كما يتواجد آلة بيع البطاطا الحلوة وترك الأمنيات على شكل بطاطا حلوة!
اللون الأخضر
تعتبر بوابات التوري الخضراء نادرة جدًا. يمثل اللون الأخضر الداكن الحكمة والذكاء. بينما يمثل التوري الأخضر المصفر الدراسات الأكاديمية.
اللون الأزرق
مثلما يرتبط اللون الأحمر بالجنوب، يرتبط اللون الأزرق بالشرق. كما تختار الأضرحة اللون الأزرق لأنه يشبه المحيط، بعضهم مخصص لآلهة البحر (كامي). غالبًا ما يُنظر إلى الشنتو على أنها “دين الغابة”، لكن العديد من الأضرحة لها أيضًا ارتباط عميق بالمحيط.
اللون الأرجواني
قد يكون اللون الأرجواني هو أندر ألوان توري على الإطلاق! حيث تتواجد في ضريح أشيكاغا أوريهيمي في محافظة توتشيغي! هنا، يمكنك السير على “مسار توري ذي السبعة ألوان”. نظرًا لأن هذا الضريح معروف بقوة التواصل، فإن كل لون من ألوان البوابات يرمز إلى نوع مختلف من العلاقات من الرومانسية (الأحمر) إلى الأعمال (الأرجواني).
لون القرنفل “بوابة وردية”
في فصل الربيع، يتناغم التوري الورديفي هوكايدو بشكل مثالي مع أزهار شيبازاكورا الخجولة، كما يوجد توري وردي ثانٍ مختبئًا أعلى التل، حيث يقف أمام ضريح إله الجبل ياماتسومي.
اللون الذهبي
في فترة إيدو، تبرعت عشيرة الساموراي ببوابة لامعة “توري السعادة” مصنوعة من البرونز ومغطاة برقائق ذهبية. وعلى الرغم من تدمير البوابة الأصلية أثناء الحرب العالمية الثانية، فقد أعيد بناؤها في عام 1993 للاحتفال بزواج الإمبراطور والتمني بالسعادة للجميع.
اقرأ أيضاً: ما هي الديانة الرسمية في اليابان؟
أشهر 10 بوابات توري في اليابان
ستجد بوابات توري في مختلف أنحاء اليابان. ولكن هناك بعض البوابات المذهلة التي تستحق الزيارة، وهذه نبذة عنهم:
1- ضريح فوشيمي إيناري
لدى ضريح فوشيمي إيناري الواقع في كيوتو أحد أشهر البوابات. وهو لا يضم في الواقع بوابة واحدة، بل رواقًا طويلاً من 5000 بوابة حمراء تربط بين المباني في مجمع الضريح. تعد الثعالب رمزًا لإيناري. لذلك سترى العديد من تماثيل الثعالب بين أراضي الضريح.
2-إيشيزوكوري-ميوجين توري
هذه البوابة القديمة مصنوعة من الصخور البركانية المتماسكة (تُعرف باسم “التوف”)، تتميز بكونها من فترة هييان. وهذا يجعلها واحدة من أقدم بوابات توري في اليابان.
3- ضريح إيسي الكبير
يقع ضريح إيسي الكبير في محافظة مي، وهو مخصص لأماتريسو، واحدة من أهم الآلهة في الأساطير اليابانية وواحدة من أقدس الأضرحة في البلاد.
حيث تقع فيه بوابة أمانوياسو جاوارا تـوري الموجودة داخل الكهف. ويعتقد أنه إذا قمت برص الصخور داخل الكهف، فسوف يجلب لك الحظ السعيد. ويشمل ضريح إيسي جينجو وإيشيجامي سان – ضريح النساء. وتعتبر مدينة توبا الساحلية القريبة من هذه الأضرحة هي مسقط رأس الغواصات اليابانيات (أو نساء البحر) اللاتي يمارسن الغوص الحر بحثًا عن اللؤلؤ والمحار. ترتبط أصول هذا التقليد في الغوص بالأساطير اليابانية وأساطير الخلق، فضلاً عن تاريخ أماتيراسو.
4- موتونوسومي إيناري توري
تتميز هذه المجموعة الفريدة والمذهلة من البوابات يبلغ عددها الإجمالي 123 بوابة تطل على بحر اليابان وموقعها يشبه الجسم المنحني لتنين طويل. تقع هذه المجموعة في محافظة ياماغوتشي.
5- أويونوهارا توري
تعد أكبر بوابة توري في اليابان بارتفاع يزيد عن 33 مترًا، وعرضه 42 مترًا.
6- ميتو إيوا
تقف البوابة التالية لدينا على زوج من الصخور المقدسة المعروفة باسم “الصخور المتزوجة” أو أحيانًا صخور “الزوج والزوجة”. تقف هذه الأكوام من الصخور المقدسة معًا في البحر، والذي يُعتقد أنه يربط بين العوالم الروحية والأرضية.
في يوم صافٍ للغاية، يمكن رؤية جبل فوجي في الخلفية، مما يجعل هذا الموقع الجميل أكثر سحرًا.
7-بوابة مومو نو توري
هذه البوابة الفريدة من نوعها (منحنية مثل حدوة الحصان ولون الخوخ فيها ليس أحمر) تقع في ضريح موموتارو، محافظة آيتشي. وهي مخصصة لصبي الخوخ الشهير، يُفترض أنه ولد بالقرب منها، وهي أشهرالأساطير والحكايات الشعبية اليابانية.
8-هيوا نو توري “ضريح السلام”
يقع هذا البرج في ضريح هاكوني في محافظة كاناغاوا. ويتميز بموقع جميل على ضفاف بحيرة أشي، وتحيط به أشجار الأرز وجبل فوجي في المسافة. تشكل الغابة والبحيرة مكانًا خلابًا وممتعًا بشكل خاص للمشي وهناك هبوط يؤدي إلى المياه حتى تتمكن من المشي مباشرة من خلال البوابة وتحتها.
9- ضريح ميجي
يحمل هذا البرج ختم إمبراطور اليابان ويمكن العثور عليه في شيبويا، طوكيو. وهو مخصص للأرواح الإلهية للإمبراطور ميجي وزوجته. يوجد برج توري الكبير عند مدخل أراضي الضريح الذي يتميز بغابة كبيرة وهادئة توفر ملاذًا مورقًا من المدينة المحيطة.
يعد أحد أكبر البوابات المصنوعة من الخشب، حيث يبلغ ارتفاعه 12 مترًا وعرضه 17.1 مترًا.
10- ضريح إتسوكوشيما – “بوابة توري العائمة العظيمة”
إحدى بوابات توري الأكثر شهرة. يعد ضريح إتسوكوشيما والبوابة “العائمة” الشهيرة من أشهر الصور اليابانية وأكثرها رمزية. يقع هذا الضريح الشنتوي الشهير على جزيرة مياجيما في خليج هيروشيما ويحظى بشعبية لدى السياح الذين يأتون للإعجاب بمحيطه الجميل. تم بناء المباني الرئيسية للضريح أيضًا فوق الماء، مع ممرات خشبية تأخذك بين قاعة الصلاة والقاعة الرئيسية ومسرح نو.
اقرأ أيضاً: قراءة في ثقافة الزن في اليابان
في الختام، تُعتبر بوابات توري أكثر من مجرد هياكل معمارية في اليابان؛ إنها رموز ثقافية وروحية عميقة. تعكس تاريخًا طويلًا من التقاليد والمعتقدات، وتمثل نقطة تحول بين العالمين الدنيوي والمقدس. بألوانها وأشكالها المتنوعة، تُضفي بوابات توري جمالًا خاصًا على المناظر الطبيعية اليابانية، وتجذب الزوار من جميع أنحاء العالم لاستكشافها والتعرف على ثقافتها الغنية. سواء كانت بوابات توري القديمة أو الحديثة، فإنها لا تزال تحتفظ بأهميتها الروحية والثقافية في المجتمع الياباني، وتظل شاهدًا على تاريخ طويل من التقاليد والمعتقدات التي لا تزال حية حتى اليوم.
إعداد و تقديم جنة الجندي لمزيد من المحتوى المقدم من الكاتبة، بالإمكان متابعة صفحتها الخاصة عبر فيسبوك.
صورة المقال الرئيسية:
Photo by Nicki Eliza Schinow on Unsplash