لطالما كانت اليابان في طليعة الابتكار في مجال صناعة الروبوتات. ففي ظل المشاكل الاجتماعية التي تعاني منها مثل الشيخوخة ونقص العمالة وارتفاع تكاليف الإنتاج في البلاد، اضطرت الشركات اليابانية إلى البحث عن طرق لتبسيط عملياتها والحفاظ على قدرتها التنافسية. نستكشف معاً تاريخ صناعة الروبـوتات والوضع الراهن لهذه الصناعة في اليابان وتأثيرها على اقتصاد البلاد.
تاريخ الأتمتة وصناعة الروبـوتـات باليابان
لليابان تاريخ طويل من الابتكار في مجال الأتمتة وصناعة الروبـوتات. حيث بدأ اهتمام البلاد بهذا المجال في الستينيات من القرن الماضي حينما أطلقت الحكومة حملة “مونوزوكوري” أو إنعاش الصناعة. وذلك من أجل تحديث قطاع الصناعة الياباني وتعزيز النمو الاقتصادي.
وفي السبعينيات والثمانينيات، بدأ قطاع صناعة الآلات في اليابان بالانطلاق. حيث أصبحت شركات مثل Fanuc و “ياسكوا إلكتريك” و”ميتسوبيشي إلكتريك” رائدةً في مجال تصنيع الروبـوتـات والمعدات الآلية. وقد قامت هذه الشركات بتطوير روبوتات يمكنها القيام بمهام مثل اللحام والدهان والتجميع.
الوضع الراهن لصناعة الـروبـوتـات والأتمتة باليابان
في الوقت الحاضر، لاتزال اليابان رائدةً في مجال الصناعات الآلية والروبوتية. فهي تمتلك البلاد أعلى كثافة للروبوتات لكل موظف مختص في التصنيع حول العالم. حيث يوجد أكثر من 300000 روبوت صناعي قيد التشغيل. كما تُستخدم هذه الروبوتات في مجموعة واسعة من الصناعات، بدءاً من صناعة السيارات والإلكترونيات وصولاً إلى الرعاية الصحية.
تعتبر شيخوخة السكان أحد الدوافع الرئيسية لاعتماد اليابان على الأتمتة وصناعة الروبوتات. وتتمتع البلاد بأحد أعلى معدلات العمر المتوقع في العالم، كما أن معدل المواليد لديها آخذ في الانخفاض، مما يؤدي إلى شيخوخة سريعة للسكان. وقد أدى ذلك إلى نقص في العمالة وارتفاع التكاليف. مما يجعل من الضروري على الشركات اليابانية إيجاد طرق لتحديث عملياتها.
تأثير صناعة الروبـوتات على الاقتصاد الياباني
للأتمتة وصناعة الروبوتات تأثير كبير على اقتصاد اليابان. فقد أدى الاعتماد المتزايد على الصناعات الآلية إلى رفع الإنتاجية وخفض التكاليف وتحسين جودة المنتجات. وهذا ما جعل الشركات اليابانية أكثر قدرة على المنافسة في الأسواق العالمية إضافةً إلى دعم النمو الاقتصادي للبلاد.
لكن صناعة الروبوتات والآلات، كان لها أيضًا بعض الآثار السلبية على الاقتصاد الياباني. فقد أدى الاستخدام المتزايد لللآلات والروبوتات إلى فقدان وظائف في قطاعات معينة. خاصةً في وظائف التصنيع منخفضة المهارة. وقد ساهم هذا في عدم المساواة في الدخل باليابان. وأدى إلى دعوات لسياسات تدعم العمال الذين تأثروا بالآلات.
مستقبل الأتمتة وصناعة الروبـوتات باليابان
يبدو مستقبل الروبوتات والأتمتة في اليابان مشرقاً. لأن الحكومة اليابانية تستثمر بشكل مستمر في مبادرات عدة مرتبطة بهذا المجال. مثل مبادرة المجتمع الخامس أو مجتمع ما بعد المعلومات. أو كما يعرف عالمياً باسم Society 5.0. وهذه المبادرة تهدف إلى خلق مجتمع يدمج بين التكنولوجيا الرقمية والقدرات البشرية. تشمل هذه المبادرة الاستثمارات في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة وإنترنت الأشياء.
بالإضافة إلى المبادرات الحكومية، تستثمر الشركات اليابانية أيضًا في مجال الأتمتة والروبوتات. حيث تقوم شركات مثل تويوتا وباناسونيك وسوفت بانك بتطوير روبوتات ومعدات آلية جديدة من المأمول أن تحدث ثورةً في هذه الصناعة.
ومن أهم النقاط الرئيسية التي يتم التركيز عليها حالياً في اليابان، تطوير الروبوتات التعاونية أو التي تعرف باسم الكوبوتات (cobots). تعمل هذه الروبوتات جنبًا إلى جنب مع العمال البشر، مما يساعد على تحسين الكفاءة والإنتاجية مع الحفاظ على بيئة عمل آمنة.
اقرأ أيضاً: الجذور التاريخية للصناعات الروبوتية باليابان مع دمى كاراكوري
أدت الأتمتة وصناعة الروبوتات إلى لعب دور رئيسي في قطاع الصناعة الياباني وتحقيق النمو الاقتصادي بالبلاد. وبينما كانت هناك بعض الآثار السلبية على الاقتصاد، إلا أن الفوائد قد فاقت السلبيات. ومع استمرار اليابان في الابتكار والاستثمار في مجال صناعة الروبوتات والآلات، فهي على أهبة الاستعداد لتبقى رائدة في هذه الصناعة والحفاظ على مكانتها كقوة اقتصادية عالمية.
صورة المقال الرئيسية:
Photo by patricio davalos on Unsplash