قراءة في حقبة موروماتشي التاريخية

نسلط الضوء في هذا الموضوع على حقبة موروماتشي التاريخية وأبرز الأحداث التي طرأت على السياحة السياسية في اليابان. مع أهم التغيرات التي طرأت على القوى والنفوذ بالبلاد.

حقبة موروماتشي (1333 – 1573)

بدأت حقبة “موروماتشي” -أو كما تعرف باسم حقبة أشيكاغا التاريخية- في عام 1333 وذلك حين استعاد الإمبراطور “غو دايجو” السلطة الإمبراطورية والإطاحة بحكومة كاماكورا باكوفو لتنتهي بذلك حقبة كاماكورا. وتبدأ بعدها حقبة موروماتشي التي استمرت نحو 240 عاماً. حيث انتهت في عام 1573. وسنبين أهم تفاصيل نهاية هذه الحقبة.

صحيح أن الإمبراطور “غو دايجو” استعاد السلطة الإمبراطورية في هذه الحقبة، لكنه واجه صعوبات جمّة وتحديات كبيرة من أجل إعادة إحياء المكاتب الإمبراطورية القديمة واستعادة النفوذ الإمبراطوري ليكون كبيراً كما كان سابقاً -قبل حقبة كاماكورا- لكنّ الإمبراطور “غو دايجو” لم يتمكن من تحقيق أهدافه في استعادة النفوذ. لأن نظام الإدارة القديم قد عفا عليه الزمن في تلك الفترة. إضافةً إلى أن المسؤولين في تلك الفترة لم يكونوا أكفاء بما فيه الكفاية ليحصلوا على دعم مالكي الأراضي الأقوياء.

بلاطين إمبراطوريين في دولة واحدة!

 يعد “أشيكاغا تاكوجي” أحد أهم رجال الإمبراطور “غو دايجو” الذين كانوا يقاتلون في صفه، لكن ولاء “أشيكاغا” تحول إلى عداوة تجاه الإمبراطور وأصبح يتحداه في حكمه! وقد نجح في السيطرة على كيوتو في عام 1336. ولهذا السبب اضطر الإمبراطور “غو دايجو” للهرب إلى يوشينو جنوب كيوتو، حيث قام بإنشاء البلاط الإمبراطوري الجنوبي فيها. وفي نفس الوقت، تم تعيين إمبراطور ثانٍ في كيوتو! وذلك بسبب النزاع العائلي القديم على الحكم بين سلالتين من أبناء العائلة الإمبراطورية. حيث يعود تاريخ هذا الخلاف إلى وفاة الإمبراطور الأسبق “غو ساغا” في عام 1272. 

في عام 1338، قام “أشيكاغا تاكوجي” بتعيين نفسه كـ”شوغون” (أعلى رتبة عسكرية) وأسس حكومته في كيوتو. أعطت منطقة موروماتشي حيث تقع المباني الحكومية من عام 1378 أسماء الحكومة والفترة التاريخية.

وقد تواجد بلاطين إمبراطوريين في اليابان على مدى خمسين عاماً! البلاط الإمبراطوري الجنوبي، والبلاط الإمبراطوري الشمالي. وشهدت البلاد طيلة تلك الفترة معارك كثيرة، كان للبلاط الإمبراطوري الشمالي الغلبة في كثير من الأحيان. ومع ذلك، نجح البلاط الإمبراطوري الجنوبي في السيطرة على كيوتو عدة مرات خلال فترات قصيرة. وذلك أدى إلى دمار هائل بشكل اعتيادي في كيوتو. وفي النهاية، أعلن البلاط الإمبراطوري استسلامه في عام 1392، وأصبحت البلاد موحدةً تحت سيطرة إمبراطور واحد مجدداً.

عهد جديد من الحكم

وخلال عهد “أشيكاغا يوشيميتسو” الممتد من عام 1368 وحتى عام 1408، تمكنت الحكومة العسكرية آنذاك من بسط نفوذها على المناطق الوسطى من البلاد. لكنها فقدت سيطرتها تدريجياً على المناطق المحيطة. إلا أنّ “يوشيميتسو” قد أقام علاقات تجارية جيدة مع الصين إبان فترة حكم سلالة “مينغ” للبلاد. كما زاد الناتج المحلي من خلال التحسينات في القطاع الزراعي. وأدت هذه التغيرات الاقتصادية إلى تطوير الأسواق وتشكلت معالم جديدة من المدن، وتكونت طبقات اجتماعية جديدة.

وخلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر، تراجع تأثير الشوغون “أشيكاغا” وحكومته في كيوتو بشكل كبير. إلى درجة أن القوى السياسية الجديدة في اليابان آنذاك، قد تمكنت بسط سيطرتها ونفوذها بشكل تدريجي على مناطق بأكملها! والجدير بالذكر أن القوى السياسية الجديدة التي ظهرت في الساحة هم من طبقة ملاك الأراضي والعائلات العسكرية التي تعرف بـ(جي ساموراي). وعرفت هذه القوى الجديدة باسم “دايميو” (Daimyo). 

ما المقصود بمصطلح “دايميو”؟

يطلق مصطلح “دايميو” على اللوردات الإقطاعيين الذين حكموا من القرن العاشر وحتى أوائل فترة ميجي بمنتصف القرن التاسع عشر. مع العلم أنهم قد حكموا معظم مناطق اليابان من خلال ممتلكاتهم الشاسعة والمتوارثة من الأراضي. وقد كانوا تابعين للشوغون (القائد العسكري الأعلى)، وتابعين (شكلياً) للإمبراطور. 

خاض اللوردات الإقطاعيون (الدايميو) معارك كثيرة ضد بعضهم البعض لعدة عقود! وعرفت تلك الفترة باسم عصر الحروب الأهلية المعقدة (سينغوكو جيداي). بعض من أقوى هؤلاء اللوردات هم “تاكيدا”، أوسوغي،  و هوجو في الشرق. و أوتشي، موري، وهوسوكاوا في الغرب.

فترة تجارة نانبان

في عام 1542، وصل التجار البرتغاليون والمبشرون (اليسوعيون) الأوائل إلى كيوشو. لتبدأ بذلك فترة جديدة في تاريخ اليابان تعرف باسم 南蛮貿易時代 “فترة تجارة نانبان (Nanban)” ويشير مصطلح “نانبان” إلى التجارة مع البرابرة الجنوبيين. وكان يقصد بهم آنذاك، التجار من جنوب الصين، جزر ريوكو اليابانية، المحيط الهندي، وجنوب شرق آسيا.  وقدموا الأسلحة النارية والديانة المسيحية إلى اليابان. وقام اليسوعي “فرنسيس كسفاريوس” بالتبشير بالمسيحية في كيوتو بين عامي 1549  و 1550. وذلك على الرغم من المعارضة البوذية. لكن رحب معظم أمراء الحرب الغربيين بالمسيحية لأنهم كانوا حريصين على التجارة مع الدول الخارجية لأسباب عسكرية بشكل رئيسي.

اقرأ أيضاً: تاريخ المسيحية في اليابان

وبحلول منتصف القرن السادس عشر، كان العديد من أقوى أمراء الحرب يتنافسون للسيطرة على البلاد بأكملها. وكان أحدهم “أودا نوبوناغا” الذي قام بأولى الخطوات الكبيرة نحو توحيد اليابان من خلال بسط سيطرته على كيوتو في عام 1568 والإطاحة بموروماتشي باكوفو (الحكومة العسكرية) في عام 1573. وبهذه السيطرة القوية على كيوتو، تنتهي حكومة موروماتشي باكوفو، وتطوى معها صفحة حقبة موروماتشي التاريخية.

صورة المقال الرئيسية: لوحة فنية لسفينة يابانية خلال حقبة موروماتشي.

انضم الآن مجاناً لتصبح عضواً متميزاً في مجلة اليابان للحصول على آخر المستجدات والأخبار من الموقع مع العديد من العروض والمفاجآت! (اضغط هنا)