نبذة عن شركة سوني

نسلط الضوء في هذا الموضوع على شركة مجموعة سوني العملاقة واسمها باليابانية ソニーグループ株式会社 . والمعروفة اختصاراً باسم Sony. وهي شركة يابانية يقع مقرها الرئيسي في حي ميناتو بالعاصمة اليابانية طوكيو.

تعد شركة سوني العملاقة من أكبر الشركات المصنعة في العالم للمنتجات الإلكترونية الاستهلاكية بالإضافة إلى المنتجات الإلكترونية الاحترافية. كما أنها تضم أكبر شركة لألعاب الفيديو وهي أكبر ناشر لألعاب الفيديو في العالم. وذلك من خلال Sony Entertainment (شركة سوني للترفيه). كما تعد أيضاً واحدة من أكبر شركات الموسيقى (أكبر ناشر للموسيقى وثاني أكبر شركة تسجيل) وثالث أكبر استوديو أفلام في العالم. مما يجعلها واحدة من أكثر شركات المحتوى السمعي والمرئي. بالإضافة إلى أنها أكبر تكتل للتكنولوجيا والإعلام في اليابان. ومن المعروف أيضًا أنها الشركة اليابانية الأكثر ثراءً بالسيولة النقدية، حيث يبلغ صافي احتياطياتها النقدية 2 تريليون ين ياباني. (أي ما يعادل أكثر من 15 مليار دولار أمريكي من الاحتياطات النقدية).

تاريخ شركة سوني

بدأت قصة الشركة في أعقاب الحرب العالمية الثانية في عام 1946. وذلك حينما قام الصناعي الياباني “ماسارو إيبوكا” بفتح متجرٍ للإلكترونيات بمنطقة نيهونباشي في طوكيو. وبلغ عدد الموظفين فيه آنذاك 8 موظفين. ثم انضم “أكيو موريتا” لاحقاً من أجل تأسيس شركة “طوكيو تسوشين كوجيو” (東京通信工業). (وتعني شركة طوكيو لهندسة الاتصالات).

وقامت الشركة بإنتاج أول مسجل للشرائط في اليابان. وفي عام 1958، فكر الشريكان “إيبوكا” وموريتا” بالطرق التي يمكن من خلالها التوسع بالشركة وتحقيق المزيد من النمو. ولاحظا أنه لابد من التوسع والانتقال إلى الأسواق العالمية. وهذا الأمر تطلب تغيير اسم الشركة ليكون سهلاً باللفظ والنطق.

ثم وقع الاختيار على اسم “سوني” للعلامة التجارية. لأن الاسم بسيط وسهل اللفظ. كما أن اسم “سوني Sony” يشتق منه كلمة الصوت باللاتينية. لقد كان من غير المعتاد في ذلك الوقت أن تعتمد الشركات اليابانية على الأحرف الرومانية في تهجئة اسمها بدلاً من كتابته برموز الكانجي. وذلك سبب موجةً من المعارضة وعدم الارتياح حول الموضوع. وهذا ما دفع من حول الشريكين إلى اقتراح أسماء بديلة، أو إضافة مسمى شركة الإلكترونيات الصناعية، أو تقنية الاتصالات إلى اسم “سوني”. لكنّ “أكيو موريتا” كان حازماً بخصوص هذا الموضوع. وكان مصرّاً على عدم ربط اسم الشركة بأي صناعة محددة. وبذلك تم اعتماد اسم سوني للعلامة التجارية.

أول منتج يحمل اسم سوني

كان أول منتج يحمل اسم سوني هو راديو الترانزستور TR-55 في عام 1955. وقد كان أول راديو يعمل بالترانزستور تم تسويقه في اليابان. وفي عام 1957، تم تطوير راديو TR-63 الذي يعمل بالترانزستور أيضاً ليكون أول منتج تم بيعه من شركة سوني في الولايات المتحدة الأمريكية. وقد عرف آنذاك بأنه أصغر راديو ترانزستور يمكن وضعه بالجيب. وهذا المنتج الثوري بالنسبة إلى سوني هو ما فتح الباب على مصراعيه أمام سوني للدخول والمنافسة في الأسواق العالمية. وهذا المنتج أيضاً، قد أشعل المنافسة في مجال منتجات الإلكترونيات الاستهلاكية الدقيقة. وقد كانت مبيعات هذا النوع من الراديوهات رائجةً بشكل كبير للغاية بين فئة الشباب في الولايات المتحدة في الفترة الممتدة بين عام 1955 وحتى عام 1968. 

توسع سوني في قطاع الموسيقى والأفلام

منذ تولّي “نوريو أوغا” منصب رئاسة مجلس إدارة الشركة في الثمانينات، شجع على تطوير الأقراص المضغوطة. وتوجه للاستحواذ على شركة التسجيلات الأمريكية CBS Records. وهي التابعة للمجموعة الإعلامية الأمريكية الكبرى CBS. وقد أصبحت شركة التسجيلات هذه جزءاً من شركة سوني للموسيقى والترفيه (Sony Music Entertainment).

كما استحوذ على الشركة الشهيرة “كولومبيا بيكتشرز” الأمريكية الرائدة في صناعة وإنتاج وتوزيع الأفلام السينمائية. وهي تضم أحد أكبر استوديوهات الأفلام السينمائية في العالم. وفي الوقت الحاضر، تعد “كولومبيا بيكتشرز” جزءاً من شركة “سوني بيكتشرز” للأفلام.  

وبناءً على ما سبق، لا توجد أي مبالغة عند وصف شركة سوني بالإمبراطورية. لاسيما حينما تم تعزيز حضورها في قطاع الترفيه والإعلام والسينما. وفي ظل رؤية الشريك المؤسس “أكيو موريتا”، توسعت شركة سوني بقوة في قطاعات تجارية جديدة في عهد “نوريو أوغا”. وكان أحد دوافع الشركة في ذلك هو تحقيق التقارب والربط بين الأفلام والموسيقى والإلكترونيات الرقمية عبر شبكة الإنترنت.

لكن هذا التوسع الكبير للشركة مثّل تحدياً صعباً في قدرة الإدارة والتركيز على إنتاج منتجات رائدة ومتميزة. وذلك بسبب اختلاف ثقافات العمل واللغات المحلية بين الشركات المملوكة لسوني. وذلك أدى لتكبد سلسلة من الخسائر للشركة.

توحيد الشركات الفرعية

ومن أجل الخروج من هذه الأزمة عام 2012، قرر رجل الأعمال الياباني والرئيس التنفيذي الأسبق والرئيس -آنذاك- لشركة سوني “كازو هياري”، بدأ العمل على مبادرته التي أسماها One Sony لجعل سـوني موحدة. وذلك من أجل الحد من الخسائر المتتالية التي تكبدتها الشركة. وتطوير هيكل الإدارة البيروقراطية. وقد وضع تركيز الشركة على الأقسام الرئيسية من خلال مبادرته وهي: تكنولوجيا التصوير، الألعاب، تكنولوجيا الهواتف الذكية. بالإضافة إلى العمل على الحد من الخسائر الناجمة في قطاع التلفزيون. وقد خرجت سوني من سوق الحواسيب في عام 2014. فقد باعت قسمها الخاص “ڤايو VAIO” إلى شركة مملوكة من قبل صندوق الاستثمار Japan Industrial Partners. والجدير بالذكر أن مقر الشركة الرئيسي في ناغانو، اليابان. وهي مستمرة في إنتاج الحواسيب المحمولة حتى الوقت الحاضر. وقد احتفلت بالذكرى الـ25 على انطلاقها:

الهواتف الذكية

كانت شركة سوني منخرطة في شراكة مع إريكسون السويدية لتقنية الاتصالات والشبكات. وقد قدمت من خلالها العديد من الهواتف الأيقونية.

ثم انتقلت إلى صناعة الهواتف الذكية التي تعمل بنظام آندرويد. وكان أول هاتف لها يعمل بهذا النظام هو هاتف إكسبيريا X10.

إعادة هيكلة لقطاع الهواتف الذكية

قامت شركة سوني بتغيير الخطط التسويقية لقطاع هواتفها الذكية وملحقاتها. بسبب تكبدها خسائر كبيرة مع تآكل حصتها السوقية. وقامت بضم شركة الهواتف الذكية التابعة لها تحت اسمها لتصبح رسمياً باسم Sony Corporation في مطلع شهر أبريل من عام 2021.

الجدير بالذكر أن سـوني حاضرةً بشكل مختلف أيضاً في سوق الهواتف الذكية. وهي تركّز على هذا القطاع عبر توريد قطع للمساهمة بتصنيع مختلف الأجهزة ومنها هواتف شركة آبل. ومن أمثلة هذه القطع حساسات ومستشعرات الصور. حيث تعد شركة سـوني أكبر شركة مصنعة لهذه الحساسات في العالم. فهي تستحوذ على نسبة 55% من سوق المستشعرات. ولها خبرة طويلة في قطاع التصوير جعلتها ثاني أكبر شركة مصنعة للكاميرات بالعالم (بعد شركة كانون اليابانية). وهي من بين رواد مبيعات أشباه الموصلات. بالإضافة إلى أنها أحد أكبر الشركات في مجال صناعة شاشة التلفزيون بالعالم.

عالم بلايستيشن

لم تكن لسوني صلة مباشرة بصناعة ألعاب الفيديو. حيث كانت تكتفي فقط بتزويد القطع الإلكترونية لأجهزة ألعاب لشركات أخرى. ومنها شركة نينتندو التي كانت شريكةً معها منذ عام 1988. لكن هذه الشراكة لم تستمر طويلاً بسبب خلافات بين الشركتين. وقد انتهت الشراكة عام 1991. فأطلقت سوني في عهد رئيسها الأسبق “نوريو أوغا” منصتها الخاصة PlayStation لتنافس بها نينتندو.

وقد حقق الجيل الأول من بلايستيشن مبيعات عالمية كبيرة. حيث تم بيع أكثر من 100 مليون جهاز حول العالم. وبذلك أصبح لسوني اسماً كبيراً في الترفيه وعالم صناعة الألعاب لتطلق أجيال المنصة اللاحقة (PlayStaion 2,3,4,5) محققةً بذلك مبيعات كبرى أيضاً بالأسواق العالمية.

روبوتات سـوني

لسوني خبرة طويلة في مجال الإلكترونيات مكنتها بالدخول في أسواق الروبوتات منذ أكثر من 20 عاماً. حيث أطلقت روبوت بهيئة كلب اسمه “آيبو” يمكنه التفاعل مع المستخدم. وقد تم بيع نحو 150 ألف من هذا الروبوت حول العالم بين عامي 1999 و 2006. وحينما أعلنت عن النسخة الأحدث منه، تمكنت من بيع 20 ألف وحدة منه خلال 6 أشهر فقط!

كما أزاحت الستار عن الروبوت QRIO عام 2004. والذي أعلنت عن إيقافه لاحقاً لأسباب تتعلق بالتطوير من أجل إتاحته في الأسواق فيما بعد.

وبالحديث عن البحث والتطوير المستمر، أشار تقرير مؤشرات الملكية الفكرية العالمية في عام 2021، أن سـوني قد حلت بالمرتبة التاسعة عالمياً من حيث عدد طلبات البراءات المنشورة بموجب نظام معاهدة التعاون بشأن البراءات.

مستقبل سونـي

استخدمت سـوني الذكاء الاصطناعي بشكل فعال في البحث والتطوير في مختلف المجالات. على سبيل المثال، تم الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في تطوير مستشعرات التصوير فائقة الدقة في الكاميرات.

ودخلت سـوني مؤخراً في شراكة مع هوندا في عالم صناعة السيارات الكهربائية. وقد تم الكشف عن نموذج أولي للسيارة الكهربائية المشتركة (أفيلا). ومن المتوقع أن يشهد العالم طفرةً مع سوني في مجالات الذكاء الاصطناعي والسيارات الكهربائية.

ختاماً، أصبحت سـوني مصدراً للإلهام للكثير من رجال الأعمال حول العالم. بما في ذلك الرئيس التنفيذي الراحل “ستيف جوبز”. ومؤسس أمازون أيضاً “جيف بيزوس”. وهذا مقطع من إحدى مقابلاته يتحدث فيه عن سوني: