أحد الأشياء التي تجذبنا دائما إلى الثقافة اليابانية هو تقدير الجمال. فمن الجميل أن تخلق مساحات خاصة بك في حياتك، مثل منزلك وحديقتك أو مساعيك الفنية، وهي أماكن يمكنك أن تسمح لنفسك فيها بتقدير الجمال. يطلب العالم أن تكون دائمًا نشطًا ومنتجًا وفعالًا، ولكن الجماليات اليابانية تسمح لك بالتمهل وأخذ الوقت الكافي لتقدير ما هو أمامك، وتمنحك مساحة للتنفس لإدخال هذه المساحة، أو الفلسفة، إلى حياتك اليومية. وهذا هو جوهر مفهوم يوغين.

مبادئ فلسفية

“إن كل هذه الأشياء موجودة في الطبيعة ولكنها قد تشير إلى فضائل الشخصية البشرية وملاءمة السلوك. وهذا بدوره يشير إلى أن الفضيلة يمكن غرسها من خلال تقدير الفنون وممارستها. وبالتالي فإن المثل الجمالية لها دلالة أخلاقية وتنتشر في معظم أنحاء الثقافة اليابانية.” -كريستوفر تشيس

إن الجماليات اليابانية عبارة عن مجموعة من المثل العليا القديمة مثل “وابي سابي” و”الزن” وتدعم هذه المثل العليا الكثير من المعايير الثقافية والجمالية اليابانية، حيث يُنظر إليه باعتباره جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية. في حين يُنظر إلى مفهوم الجماليات في اليابان باعتباره فلسفة في المجتمعات الغربية. على الرغم من أن “يوغين” مرتبط ببعض المفاهيم الأخرى، إلا أنه يحمل معناه الخاص، برغم من أن الكلمات لا تنقل دائمًا المعنى الحقيقي له.

في التعريف الفلسفي التقليدي، تعني كلمة يوغن “عميق” أو “غامض”. وفي الشعر الياباني، كانت تستخدم كوسيلة لوصف شيء عميق بشكل خفي من أشياء تم اقتراحها بشكل غامض.

مفهوم يوغين

وتعني يوغين الجمال الذي يمكننا أن نشعر به في شيء ما، حتى لو لم يكن هذا الجمال موجودًا بالمعنى الحرفي للكلمة ولا يمكن رؤيته بشكل مباشر. يوغن ليس شعورًا بالاستمتاع بالجمال السطحي لشيء أمام أعيننا، بل لتعزيز هذا الجمال بشكل أكثر إثارة للإعجاب من خلال تخيل جماله الكامن.

الخيال ضروري للشعور باليوغين، لذلك طور العديد من الفنانين، منذ العصور القديمة في اليابان، طريقة لتشجيع المشاهدين على ممارسة خيالهم. المساحات الفارغة غير المطلية، والتبسيط، وعدم التماثل، وعدم الانتظام، والنقص، والألوان الهادئة، والتكوين، والطلاء الذهبي – هذه أمثلة، في عالم الرسم على الطريقة اليابانية، على الطرق التي يشجع بها الفنانون مشاهديهم على المشاركة الخيالية في المشاهد.

نشأة مفهوم يوغين

“يوغين” هو مفهوم أساسي أثر على العديد من الفنون اليابانية مثل الأدب والرسم والفنون المسرحية والعمارة. نشأت الكلمة في الصين واستخدمت في المدارس الفكرية الصينية مثل البوذية ثم من أواخر فترة هيان إلى أوائل فترة كاماكورا، بدأ الشاعر الياباني الشهير فوجيوارا نو توشيناري في استخدام كلمة يوغن في انتقاداته للشعر. ثم أصبحت كلمة يوغن كلمة رئيسية مستخدمة في الشعر.

بدأت تؤثر تدريجيًا على الفنون اليابانية الأخرى مثل دراما نو، وزين، ورينجا (الشعر المرتبط)، وسادو (حفل الشاي)، وهايكو (نوع من الواكا الممتع والمرح). في النهاية، بدأ استخدامها ككلمة عامة في الثقافة اليابانية.

علاقة يوغين بالطبيعة والعالم من حولنا

يوغين هو الوعي بالكون الذي يثير استجابات عاطفية عميقة وقوية للغاية بحيث لا يمكن وصفها بالكلمات. حيث يمكن إضافة يوغين و”جماله الخفي” إلى أي شيء، خصص وقتا لتقدير الجمال، سواء كان حديقة أو تصميمًا للمناظر الطبيعية أو لوحة أو تصويرًا فوتوغرافيًا أو موسيقى وغيرها.

نعتقد أن الزهرة جميلة عندما نراها. هذا الجمال هو الجمال السطحي. للزهرة ماضٍ في مقاومة الرياح والأمطار والثلوج حتى الآن، وسوف تذبل يومًا ما، مهما كانت جميلة الآن. على الرغم من أن الزهرة الجميلة نفسها تثير إعجابنا، إلا أن جمالها سيكون أكثر إثارة للإعجاب من الجمال السطحي، عندما نتمكن من تخيل ماضيها ومستقبلها.

“أن أشاهد الشمس تغرب خلف تلة مكسوة بالأزهار. أن أتجول في غابة ضخمة دون أن أفكر في العودة. أن أقف على الشاطئ وأنظر خلف قارب يختفي خلف جزر بعيدة. أن أتأمل طيران الأوز البري الذي شوهد وفُقد بين السحب…” ~ زيامي موتوكيو

إذا كانت البحار تمثل الحياة، فإن كل شيء يشبه الموجة التي تنشأ منها وتعود إليها. لا توجد أمواج دائمة. ولا توجد أمواج مثالية. ولا توجد موجة كاملة في أي نقطة، حتى في ذروتها. تُرى الطبيعة ككل ديناميكي يستحق الإعجاب والتقدير.

الطبيعة اليابانية في ثقافة يوجين

إعداد و تقديم جنة الجندي لمزيد من المحتوى المقدم من الكاتبة، بالإمكان متابعة صفحتها الخاصة عبر فيسبوك.

انضم الآن مجاناً لتصبح عضواً متميزاً في مجلة اليابان للحصول على آخر المستجدات والأخبار من الموقع. مع العديد من العروض والمفاجآت! (اضغط هنا)

صورة المقال الرئيسية:
Photo by Nick Owuor (astro.nic.portraits) on Unsplash