إن من أهم عناصر نجاح و شهرة الأنمي أو المانغا هو أسلوب سرد القصة وحبكتها وفقاً للنقاد والخبراء في هذا المجال. لذلك تعد الحكاية التي تروى في مسلسلات الأنمي أو حتى بكتب المانغا هامةً للغاية لمتابعيها وعشاقها.
وينزعج الكثير من المتابعين عند اكتشافهم لحدث كبير ضمن السيناريو خارج نطاق متابعتهم وذلك عند قراءتهم بالصدفة لموضوع يتحدث عن مسلسل أو كتاب يحبوه ويزداد الاستياء أكثر عند تناول مواضيع تكشف عن نقطة تحول دراماتيكية في سيناريو مليء بالتشويق والغموض.
وهنا وُجدت الحاجة الملحّة لوضع تحذير بعنوان SPOILER ALERT في البداية لتنبه المتابعين الذين لا يرغبون باكتشاف هذه التفاصيل الهامة جداً إلا من خلال متابعتهم بأنفسهم. لكن البعض ممن اعتادوا على كشف هذه التفاصيل يتجاهلون وضع التحذيرات واصفين استياء المتابعين من الكشف عن أحداث السيناريو بدون متابعتها بأنه “سلوك طفولي” ومبالغة كبيرة. وبهذا المبرر يشرع البعض بالحديث وبدون مقدمات عن أحداث مفاجئة تسبب صدمة للمتابعين بدلاً من أن يكتشفوا هذه التفاصيل بأنفسهم من خلال متابعتهم. ويصبح الموضوع جدلي أكثر حينما يحتج كاشفو الأحداث بشكل مسبق ضد المستائين؛ وذلك بسبب عدم إمكانية استهلاك الكثير من الناس لأوقاتهم أو لأموالهم لمتابعة جميع مسلسلات الأنمي أو كتب المانغا الشهيرة. لذلك يتحدثون عن هذه التفاصيل لتشجيع الناس على متابعة الأنمي أو المانغا إن كانت نهايته لا تسبب الضجر أو الندم على كل الوقت أو المال الذي تم استهلاكه من أجل متابعة القصة حتى نهايتها.
وعند متابعة أي قصة مرئية، أو مكتوبة تبرز متعة السير بين جنبات القصَّة و التشويق الناتج عن اكتشاف أحداثها، تفاصيلها، إضافةً إلى مفاجآتها وانعطافاتها لُبّ الانطباعات الناتجة عن هذه التجربة، والمحرك الرئيسي لدفع المتابع لمتابعة هذا العرض. وبسبب ذلك يكره العديد من المتابعين كل من يقوم بكشف أسرار و تفاصيل القصص لأنهم يعملون على إفساد متعتهم بحرق الأحداث و (تخريبها) بحسب تعبيرهم. ومن هنا قامت العديد من جهات الإنتاج باتخاذ إجراءات وقائية عديدة للتأكد من أنَّ متابعيهم لن يقعوا في هذه “المصيدة” ولن “تفسد” متعتهم بذلك. وكمثالٍ على ذلك نتناول فيلم “Clue” الشهير 1985 والذي يتناول جريمة قتلٍ غامضة -يتشارك جميع الأبطال فيها الدافع القوي للقيام بجريمة القتل- وتوالي سلسلة التحقيق في سبيل اكتشاف القاتل الحقيقي.
حيثُ تمَّ إنتاج 3 إصدارات للفيلم، يتغيَّرُ فيها القاتلُ الحقيقيُّ مع ظروف الجريمة في نفس أجواء الغموض والتشويق. حيثُ قامت الجهة المنتجة بذلك لمنع إفساد مفاجأة معرفة القاتل الحقيقة ومنعطفات القصة على المشاهد.
وقام “Atlus” منتج لعبة “Persona 5” الشهيرة بإجراء أشد، وهو إصدارُ تنبيه لمن ينشر أية لقطات أو معلومات من شأنها كشف أحداث حساسة بين منعطفات قصة اللعبة- باتخاذ إجراءات ضده من قبل سلطة DMCA مثل إغلاق قناته على اليوتيوب، وذلك كمحاولة حثيثة من المنتج لعدم إفساد متعة اللاعبين.
ولكن من وجهة نظرٍ أُخرى، فإنَّ معرفةَ تفاصيل -قد تكون حساسة- عن القصَّة ربما تكون السبب الأساسيَّ لدفعكَ باتجاهها كما ذكرنا آنفاً، حيث لن يمتلكَ المتابعون عموماً الوقتَ أو المال الكافي للخوض في متعة المتابعة والاطلاع على الكتب والأفلام و المسلسلات و الألعاب الصادرة في كلِّ موسمٍ جديد. وهنا يكمن مدى تعمُّقُ المستهلك في قصَّةٍ المادة المعنيَّةِ الذي قد يساعده في سبيل اختيار ما يُنفِقُ فيه وقته وماله المحدودين جداً.
وللوصول إلى جوابٍ أكثرَ دقَّةً، نلجأ كالعادة للإحصائيات العلمية الموثَّقة. حيثُ قام الاستشاري بعلم النفس في جامعة كاليفورنيا “نيكولاس كريستينفيلدز” بإجراءِ دراسةٍ إحصائيَّةٍ لتأثير معرفةِ أحداثِ القصَّةِ قبلَ الخوضِ فيها. حيثُ جاء بـ 12 قصَّة كلاسيكية قصيرة مقدَّمةً إلى عيِّنة من 819 فرد. وقد قدَّمَ لنصفهم مقطعاً نصِّياً يعرض ملخصاً لأحداثِ الحبكة. ثمَّ طلب من العيِّنة تقييم كلَّ قصّة. وكانت النتائجُ كالتالي: نتائجَ تقييم القصص لمن “أُفسدت” عليهم الحبكة بالملخص الموجود في بداية كلِّ قصَّةٍ أعلى ممن قرؤوا القصص دون ذلك الملخص! وكتأكيد على ذلك قام الباحث ذاته بتكرار التجربة بعد عامين حاصلاً على نتائجَ شبه متطابقة! مما يؤكِّدُ “علمياً” التأثير الإيجابي للـ “spoilers” في تحسين تجربة المتابع.
ولكن إذا كانت تلك هي كلمة العلم في هذا الموضوع. لماذا ينتاب ذلك الشعور السيء من يُفسَدُ عليه شيءٌ من الأحداث الكامنة وراء قصَّةٍ ما؟!
بعد التعمُّقِ في بعض الأبحاث العائدة إلى العام 2009 والتي دارت حول مشاعر الندم والسوء. والتي بينت أن شعور الندم لا يكون الأسوأ عند التحسر على غلطةٍ تم ارتكابها فيما مضى، بل تكون عند افتراض المرء أنَّ تلك الغلطة قد تضيع عليه فرصة مستقبلية. حيث يعتقد المتابع أن معرفته المسبقة لشيءٍ من أسرار القصة قد يسلبه متعة اكتشافها وهو يتابعها، يُضفي عليه ذلك الشعور بالسوء لتلك المعرفة المسبقة.
وهناك فِكرةٌ أُخرى قد تُفسِّرُ سبب انزعاج البعض من الـ “spoilers” وهي أن البعض يُقّدَّرُ حبكة القصَّةِ -والتي تكون عادة هي التي تتأثر بالـ”spoilers” التي يتابعها أكثر من بقية عناصرها والتي ربما أخذت الحيِّزَ الأكبر من وقت و جهد ومال المنتجين. والتي بحسب رأي النقاد شيءٌ “ساذج” أو بعبارةٍ ألطف أمر خاطئ. لأنّ سوء تقدير الجهود المبذولة لاستخدام أفضل الممثلين و المنتجين والمهندسين والمصورين والتقنيين وكذلك المعدات والآليات والتقنيات هو سوء تقديرٍ للعمل بحد ذاته مهما بلغت نسبة نجاحه في طرح السيناريو. وقد تجدُ ذلك جليّاً في التقارير الرسمية لوسائل الإعلام المختصة بترويج الأفلام والمسلسلات والألعاب والقصص. حيث يحتلُّ قسم الحبكة بضعة أسطر إلى حجم التقرير الكامل.
وقد قمنا بإجراء تصويت على صفحتنا عبر الفيس بوك لمعرفة رأي الجمهور بالكشف المسبق عن الأحداث في الأعمال التي يتابعونها فوجدنا أن غالبية الجمهور يرفض هذه الفكرة وهو ضد إفساد الأحداث وحرقها قبل متابعتها حيث بلغت نسبتهم نحو 71.8% . وكذلك الأمر بالنسبة للتعليقات التي عبر فيها غالبية المتابعين عن استيائهم من حرق الأحداث، أما بالنسبة لمن يؤيد حرق الأحداث فقد برر رأيه بأنه يمكن معرفة ما يمكن أن يحدث بسهولة بدون بذل أي جهد يذكر تماماً كما لو أنك قد حصلت على كنز!
و بالنهاية ما قمنا بتقديمه هو مجرد خطوط عريضة موثَّقة للمساعدة بتقديم أفضل تجربة لمتابعينا الأعزاء، وتبقى الكلمة النهائية لرأي المتابع الشخصي في قبول أو رفض معرفة تفاصيل مسبقة “spoilers” عن أية قصة يتابعها.