دورايمون أو المعروف عربياً باسم (عبقور)، هي واحدة من أكثر مسلسلات المانغا والأنمي المحبوبة والأكثر ديمومة في اليابان. وهي تأسر الجماهير في جميع أنحاء العالم. وتدور أحداث المسلسل حول روبوت على شكل قطة يُدعى دورايمون، يسافر عبر الزمن من القرن الثاني والعشرين لمساعدة صبي صغير يدعى نوبيتا نوبي على التغلب على تحديات الطفولة. أصبح دورايمون، الذي ابتكره فنان المانغا الشهير فوجيكو إف فوجيو، رمزًا ثقافيًا يابانيا، و يلهم عددًا لا يحصى من الاقتباسات، بما في ذلك المسلسلات التلفزيونية والأفلام والبضائع. يتعمق هذا المقال في أصول وتأثير دورايمون، بالإضافة إلى حياة فوجيكو إف فوجيو ومسيرته، و منشئه.
نشأة وتطور دورايمون (عبقور)
ظهر دورايمون لأول مرة في سلسلة قصص المانغا المتسلسلة في مجلات المدارس الابتدائية الشهرية بدءًا من عام 1969. كانت المانغا من بنات أفكار فوجيكو إف فوجيو، الاسم المستعار لهيروشي فوجيموتو. سرعان ما استحوذ دورايمون على قلوب الأطفال بقصصه الخيالية وشخصياته المحببة.
أدى نجاح المانغا إلى تحويلها إلى أنمي تلفزيوني في عام 1973. لكن السلسلة الأولى كانت قصيرة العمر، حيث استمرت لمدة نصف عام فقط. في عام 1979، تم إطلاق مسلسل جديد بعنوان عودة دورايمون، وتلاه مسلسل آخر في عام 2005 وما زال يُبث حتى اليوم.
كتب فوجيكو إف فوجيو أيضًا قصصًا أطول للأفلام، أولها “ديناصور نوبيتا” الذي تم إصداره في عام 1980. ومنذ ذلك الحين، تم إنتاج أكثر من 40 فيلمًا استنادًا إلى القصص الطويلة، مما عزز شعبية دورايمون. تُرجمت المانجا إلى العديد من اللغات وتم نشرها في العديد من البلدان، بينما تم بث الأنمي عالميًا، مما جعل دورايمون ظاهرة عالمية.
قصة دورايمون
تبدأ قصة دورايمون في يوم رأس السنة الجديدة عندما يظهر فجأة من درج مكتب نوبيتا. تم إرساله من قبل حفيد نوبيتا، سيواشي، من المستقبل لمساعدة نوبيتا على تغيير مصيره وتجنب الخراب المالي لأحفاده. دورايمون، الروبوت المجهز بجيب رباعي الأبعاد يحتوي على العديد من الأدوات المستقبلية، يصبح الوصي والرفيق على نوبيتا. وعلى الرغم من نواياه الطيبة، غالبًا ما يسيء نوبيتا استخدام الأدوات. مما يؤدي إلى مواقف مضحكة وكارثية في بعض الأحيان. حيث تشكل الديناميكية بين نوبيتا، وهو تلميذ كسول وغير متحمس، ودورايمون (عبقور)، الروبوت المراعي ولكن فيه بعض العيوب، قلب السلسلة.
الشخصيات الرئيسية والأدوات
خلال القصة غالبًا ما يتعرض نوبيتا نوبي للتخويف من قبل زملائه في الفصل. لا سيما من قبل جايان، المتنمر في الحي، وسونيو، صديقه المتملق. و على الرغم من عيوبه العديدة، إلا أن نوبيتا معجب بشيزوكا ميناموتو، مثال للفتاة طيبة القلب غالبًا ما تظهر التعاطف تجاهه.
يتم إحياء تفاعلات الشخصيات والمغامرات التي تخوضها بواسطة أدوات دورايمون. تتضمن بعض الأدوات الأكثر شهرة ما يلي:
- “Takecopter”: مروحية صغيرة تسمح للمستخدم بالطيران.
- “Dokodemo-door”: باب سحري يمكنه نقل المستخدم إلى أي مكان.
- آلة الزمن: مخبأة في درج مكتب نوبيتا، وتسمح بالسفر إلى الماضي أو المستقبل.
- “Copy Robot”: روبوت يمكنه إنشاء نسخة طبق الأصل من المستخدم، وقد ظهر في الأصل في مانغا أخرى لـفوجيكو إف فوجيو ،”بيرمان“.
حياة و نشأة فوجيكو إف فوجيو
فوجيكو إف فوجيو، واسمه الحقيقي هيروشي فوجيموتو، ولد عام 1933 في مدينة تاكاوكا بمحافظة توياما. بدأ بعدها حياته المهنية كفنان مانغا في السابعة عشرة من عمره، وفي النهاية أنشأ العديد من المسلسلات الناجحة، بما في ذلك” الشبح الصغير كيو -تارو (1964) “،”بيرمان (1967) “، و ”نينجا هاتوري كون“، و ”كايبوتسو كون (الطفل الوحش) “. ثم تعاون فوجيموتو مع موتو أبيكو، المعروف باسم فوجيكو فوجيو إي، ليشكلا الثنائي فوجيكو فوجيو. أنتجت شراكتهما العديد من الأعمال المحبوبة قبل أن يتابعا حياتهما المهنية الفردية في عام 1987.
لقد تميز أسلوب فوجيكو إف فوجيو في التعامل مع المانغا بالبساطة والفهم العميق للمشاعر الإنسانية. استخدم لوازم فنية منتشرة وحافظ على أسلوب حياة ثابت، حيث كان يتنقل إلى الاستوديو الخاص به في شينجوكو بالقطار. و على الرغم من الاتجاهات المتغيرة في المانغا، مثل ظهور جيكيجا (المانغا الواقعية والدرامية). ظل فوجيو وفيًا لأسلوبه، حيث مزج الخيال العلمي والفانتازيا والمغامرة.
اللمسة الإنسانية في دورايمون
شخصيات فوجيكو إف فوجيو معروفة بعيوبها البشرية. فدورايمون، على الرغم من كونه روبوتًا مستقبليًا، إلا أنه يخاف من الفئران وحساس للقرص. من ناحية أخرى، نوبيتا كسول ويكافح أكاديميًا ولكن لديه شعور قوي بالتعاطف. يسقط فوجيو شخصه على نوبيتا، حيث رأى فيه انعكاسًا لنقاط ضعفه وقوته. وقد ساهمت هذه العلاقة في جاذبية دورايمون الدائمة.
تأثير وتراث دورايمون
يمتد تأثير دورايمون إلى ما هو أبعد من مجرد الترفيه؛ فقد أصبح جزءًا مهمًا من الثقافة اليابانية. حيث ألهمت الأدوات المبتكرة في لمسلسل ابتكارات تكنولوجية واقعية، كما أن موضوعاتها المتمثلة في الصداقة والمثابرة وتأثير تصرفات الفرد على المستقبل لها صدى عميق لدى الجماهير.
وقد تم الاحتفال بأعمال فوجيكو إف فوجيو بطرق مختلفة، بما في ذلك إنشاء متاحف لعرض أعمال فوجيكو إف فوجيو:
- متحف فوجيكو إف فوجيو
يقع متحف فوجيكو إف فوجيو في مدينة كاواساكي، ويعرض الرسومات الأصلية للفنان والوثائق ذات صلة، التي خططت لها زوجته، فوجيكو إف فوجيو للإنتاج، ومدينة كاواساكي. و يوفر المتحف تجربة غامرة مع مستندات صوتية بلغات متعددة ومسرح يعرض أفلام الرسوم المتحركة القصيرة. يمكن للزوار الوصول إلى المتحف بالحافلة من محطة نوبوريتو أو سيرًا على الأقدام من محطة موكوجاوكا-يوين أو محطة شوكوجاوارا. يمكن الوصول إلى رسوم الدخول وساعات العمل على موقعهم الرسمي على الإنترنت، مع الحجز المطلوب من خلال أجهزة “Loppi” في متاجر”لاوسون” الصغيرة.
- متحف مدينة تاكاوكا
لقد كرمت مدينة تاكاوكا، مسقط رأس فوجيكو إف فوجيو، إرثه من خلال متحف مدينة تاكاوكا، الذي يضم معرض فوجيكو إف فوجيو الذي تمت إضافته في عام 2015. حيث تزين المدينة نفسها بتماثيل دورايمون، خاصة حول محطة تاكاوكا، احتفالا بالتأثير الثقافي للفنان. كما تسلط معارض المتحف الضوء على أعمال فوجيو والفن الياباني التقليدي، مما يعكس اتساع نطاق تأثيره.
فلسفة فوجيكو إف فوجيو
كان فوجيكو إف فوجيو يؤمن بفكرة إنشاء المانجا التي كانت ممتعة لكل من المبدع والقارئ. فقد كان يهدف إلى تصوير الشخصيات ذات العيوب الإنسانية الحقيقية، مما يجعلها قابلة للاسقاط البشري ومحبوبة. إن رواية فوجيو البسيطة والعميقة للقصص، جنبًا إلى جنب مع استخدامه الخيالي لعناصر الخيال العلمي، خلقت مزيجًا فريدًا أسر الجماهير. كما ينصح فناني المانجا الطموحين بالبحث عن الإلهام من مجموعة واسعة من المصادر، وليس فقط المانجا، للحفاظ على أفكارهم جديدة ومبتكرة.
نداء دورايمون الدائم
يمكن أن تُعزى شعبية دورايمون المستمرة إلى موضوعاتها الخالدة وشخصياتها المرتبطة بها. فقد تكيفت السلسلة بنجاح مع الزمن المتغير مع الحفاظ على جوهرها الأساسي. حيث أن رؤية فوجيكو إف فوجيو لشخصية ذات “دفء و حرارة” (أي شخص يمكن الاعتماد عليه ولكنه لديه عيوب) تلقى صدى لدى الأطفال والبالغين على حد سواء. و هكذا تستمر الأدوات والمغامرات الخيالية الخاصة بـ دورايمون ونوبيتا في الإلهام والترفيه، مما يجعل دورايمون جزءًا عزيزًا من الثقافة الشعبية العالمية.
إعداد و تقديم Somaya Chan لمزيد من المحتوى المقدم من الكاتبة، بالإمكان الانضمام لمجموعتها الخاصة عبر فيسبوك.