تحظى اليابان باهتمامٍ خاص من قبل السُياح حول العالم لأسباب عديدة بسبب تقاليدها العريقة التي حافظت على جذورها لآلاف السنوات. ولعل من أهم رموز تقاليد البلاد العريقة، هن نساء الغيشا، حيث يعود تاريخهن إلى عام 600 قبل الميلاد. ومن أهم الأسئلة المطروحة عند التفكير بنساء الغيشا هو لماذا تضع الغيشا مكياجاً أبيض اللون؟ وما قصة هذا المكياج الكثيف؟ حيث سنناقش هوية الغيشا ومكانتها في الثقافة اليابانية ونجيب عن هذه الأسئلة في هذا المقال.
رمز تقليدي في العصر الحديث
أصبحن نساء الغيشا في العصر الحديث رمزاً من رموز التقاليد اليابانية. حيث يسعى السُياح لرؤيتهن حتى لو لمرة في المناطق التراثية من طوكيو وفي عاصمة اليابان القديمة كيوتو ومناطقها السياحية المشهورة. وتستمر نساء الغيشا بالتواجد في عدة مناطق من كيوتو مثل منطقة غيون، زقاق بونتوتشو وغيرها. وهي وجهات يقصدها السُياح في كيوتو لرؤية الغيشا. ويتم تعريف الغيشا على أنها مؤدية أو فنانة، تبرع في فنون الترفيه، كالرقص، الغناء، عزف الآلات الموسيقية التقليدية، المحادثة وغيرها.
ويعود تاريخ نساء الغيشا وفق السجلات التاريخية إلى عام 600 ما قبل الميلاد. حيث اعتدن ترفيه ومرافقة الأثرياء آنذاك عن طريق الفنون التي تقضي الغيشا سنوات في تعلمها. وتنقسم رتب الغيشا إلى فئات عدة وهو تسلسل هرمي لمراتبهن. فأعلى مرتبة هي “الغيشا الحقيقية” والتي تقضي النساء سنوات طويلة يعملن خلالها على التدرب على فنون الرقص والترفيه. بينما أدنى مرتبة تدعى بـ “مايكو”. ويقمن بعض النساء بالتدرج في هذه المراتب منذ عمر الـ 15 عاماً حتى يصلن بعد سنوات طويلة إلى مرتبة الغيشا الحقيقية وهي أعلى المراتب التي يمكن تحقيقها.
ولم تسلم نساء الغيشا تاريخياً من الاستغلال الجسدي. فكان الأثرياء آنذاك يشترون الغيشا ويعاملونهن كجاريات، عبيد أو سجينات بسبب قدرتهن المميزة على أداء الفنون الترفيهية. ولكن في العصر الحديث اختفت مثل هذه الأمور وأصبحت الغيشا مهنة رفيعة المقام في اليابان. ويعملن كفنانات ترفيهيات في المطاعم ومنازل الشاي التقليدية في كيوتو ومناطق أخرى. ويمكن قضاء الوقت أيضاً مع نساء الغيشا في محافظات مثل كيوتو، غيفو وطوكيو من أجل تعلم طقوس تقديم الشاي الياباني أو لعب مجموعة من الألعاب تدعى بـ “آسوبي” وهي ألعاب تقليدية يابانية تقوم بها نساء الغيشا كنوع من الترحيب بالزبائن والضيوف.
لماذا يضعن مكياجاً أبيضاً؟
يمكن تتبع تاريخ هذا التقليد العريق والقديم إلى حقبة “هيئان” في اليابان والتي استمرت ما بين 794 ميلادية حتى 1185 ميلادية. وأثرت في هذه الحقبة الثقافة الصينية بالثقافة اليابانية كثيراً، ومن ضمن هذه التأثيرات كانت تأثيرات في الموضة والمكياج وطريقة الملبس. ويقول المؤرخون أن النساء في البلاط الإمبراطوري آنذاك اعتدن وضع طبقة كثيفة من المكياج الأبيض على وجههن لأن ذلك يجعل من أشكالهن أفضل في الضوء الخافت. وبالتحديد عندما كانت نساء البلاط الإمبراطوري يقمن بالفنون الترفيهية للنبلاء من غناء ورقص.
وأصبح هذا التقليد طابعاً بارزاً لدى نساء الغيشا. وذلك بسبب عدم وجود إضاءة صناعية (عدم توفر الكهرباء) والاعتماد في الإضاءة على ضوء الشموع. فيجعل هذا المكياج الأبيض وجوه نساء الغيشا أكثر تمييزاً تحت ضوء الشموع الخافت أثناء العروض الترفيهية الليلية. ويمكن ملاحظة أن تعابير الوجوه واضحة وبارزة بسبب هذا المكياج حتى أثناء الليل. حيث تعتمد نساء الغيشا على تعابيرهن كثيراً أثناء الغناء والرقص لإتقان العروض بشكلٍ أكبر للترفيه عن الحاضرين.
ومع أن التكنولوجيا تقدمت في العصر الحالي وتتوافر كل وسائل الإضاءة الجيدة، ولكن نساء الغيشا متمسكات بتقاليد عريقة. مثل المكياج الأبيض وارتداء زيّ الكيمونو التقليدي والإكسسوارات وغيرها من أمور. ويعتقد الكثيرين بأن التمسك بهذه التقاليد هو ما يجعلهن رمزاً من رموز الثقافة اليابانية. وعلامة بارزة على التمسك بالجذور بالرغم من التطور التكنولوجي الكبير والتغيرات الثقافية المتطرفة التي تعرضت لها اليابان قبيل وبعيد الحرب العالمية الثانية.
أفكار شائعة ولكن خاطئة
• يزعم بعض المؤرخين أن سبب وضع المكياج الأبيض يعود لتأثر اليابان بمعايير الجمال الأوروبية تاريخياً. واعجابهم الكبير بالبشرة البيضاء الصافية، وهو سوء فهم شائع. بالرغم من تأثر اليابان بالثقافة الأوروبية مع بداية حقبة “ميجي” في عام 1868 ميلادية. ولكن المكياج الأبيض كان تقليدياً يابانياً ولم يكن هدفه جعل النساء اليابانيات يشبهن النساء الأوروبيات في المظهر.
• تشتهر الغيشا بارتداء زيّ الكيمونو التقليدي وهو زي ترتديه النساء اليابانيات ويتكون من عدة طبقات مع حزام يربط على الظهر. ولكن في حالة نساء الغيشا يتم ترك فتحة صغيرة عند منطقة الرقبة. ويوضع عليها مكياج أبيض اللون. ويعتقد البعض أن هذه الفتحة هي لتمكين الهواء من المرور إلى داخل الكيمونو لتبريد الجسد. ولكن في الواقع اعتدن نساء الغيشا تاريخياً على وضع هذه الفتحة كنوع من الجذب. مع الحفاظ على اللباس المحترم والبسيط دون الكشف عن أجزاء الجسد الجاذبة كمنطقة الصدر أو الأرجل وغيرها. واستمر هذا التقليد حتى العصر الحديث كما استمرت باقي التقاليد التي تمسكت بها الغيشا.
• يعتقد الكثيرين أن وظيفة الغيشا في اليابان موازية لوظيفة نساء الليل، ولكن هذا سوء فهم شائع جداً. حيث يتم تعريف نساء الغيشا على أنهن فنانات ترفيهيات، يقضين سنوات طويلة في تعلم فنون الترفيه اليابانية التقليدية من رقص وغناء وعزف. ولا يقمن بالانخراط بأفعال جسدية مع الزبائن مطلقاً. فشفرة الغيشا الأخلاقية تمنع مثل هذه الأمور بغض النظر عما يصوره الإعلام أو أفلام السينما. وكما ذكر أعلاه بأن في بعض الحقب التاريخية كانت نساء الغيشا يتعرضن للاستغلال الجسدي من قبل الأثرياء. ولكن مثل هذه الأمور اختفت في العصر الحديث وأصبحت مهنة الغيشا مهنة رفيعة المقام في اليابان وإحدى الرموز الثقافية الشائعة.
أين يمكن العثور على الغيشا في اليابان؟
يتمكن العديد من السُياح من العثور على الغيشا في محافظة كيوتو العريقة بشكلٍ شائع، في منطقة تجارية تدعى “غيون”. بالإضافة لشارع مشهور فيها يدعى “هانامي كوجي”. وزقاق شهير يدعى “بونتوتشو”. وإن كنت تسعى لمشاهدة الغيشا وعروضهن، يمكنك أن تقصد هذه المنطقة لرؤية نساء الغيشا والمايكو (غيشا تحت التدريب) بينما يتجولن في الأزقة للتحضير لعروضهن الزاهية والترفيهية.
ويمكن حجز مقعد في أحد المطاعم أو منازل الشاي التقليدية التي تستضيف الأجانب لمشاهدة تلك العروض. أو إن حالفك الحظ تستطيع لمح عروض الغيشا في هذه المنطقة بدون الحاجة للدفع. حيث تشتهر ظاهرة تدعى “العثور على الغيشا” في كيوتو بين السُياح. ويذهب الوافدين الأجانب لتلك المناطق من أجل التقاط الصور للغيشا. ولكن ننصح باحترام خصوصيات الغيشا عند التقاط الصور وعدم إزعاجهن كما يفعل البعض عبر التقاط الصورة بكثرة واعتراض طريقهن عند تجولهن أو أدائهن لعروضهن. والطريقة الأفضل هي عبر الحفاظ على مسافة معينة. والتقاط الصور بطريقة مهذبة لضمان عدم الوقوع في الخطأ الذي يقع فيه الكثيرين من السُياح.
ما رأيكم بمكياج الغيشا الأبيض؟ هل تعتقدون بأن التمسك بالتقاليد مهم أم عليهن الاستغناء عن المكياج الأبيض تماشياً مع التكنولوجيا العصرية؟ شاركونا بآرائكم.
اعتقد ان التمسك بالتقاليد افضل♥️
يجب التمسك بها لأنها رمز من الرموز العريقة المهمة تختفي باختفاءها
يجب التمسك بها لأنها رمز من الرموز العريقة المهمة تختفي باختفاءها
فتيات الغيشا يمارسن دور المضيفات ، ويعتبرن احد رموز الثقافة اليابانية منذ سنوات طويلة .
جميل هو تمسكهم بالتقاليد
نساء الغشا تراث العريق في اليابان.
أحترم نساء الغيشا وفنهم وابداعاتهم واتمنى رؤيتهم دون تسبيب أي إزعاج لهم ومراعاتهم لحبي لهم وتقليدهم الياباني العريق
تم الاطلاع
مقال رائع ومتميز
جميل التمسك بثرات بلدك
لقد رأيتهم في الواقع ونبهرت كثيرا
التقاليد هي هوية الشعوب حقا
تراث جميل وهوية مميزة حقا
تقاليد وهوية شعبية مميزة للغاية
معايير الجمال اليابانية هي المفضلة لدي
الحفاظ على الثقافة أمر جميل و فتيات الغيشا لهم شهرة كبيرة فى العالم كفنانات ومتحدثات لبقات سعدت بقراءة المقالة وأتمنى زيارة هذه البلدة الجميلة التى ذكرتوها فى المقال لرؤية فنانات الغيشا عن قرب
لطالما كان السؤال يخطر ببالي عن سبب وضع المكياج الابيض ، أخيرا عرفت السبب أنه تراثي و تاريخي لانه بالماضي لم تتوفر الكهرباء.
فتيات الغيشا وكيوتو …فن الترفيه والعزف والاحتراف…تقاليد عريقة…
فتيات الغيشا وعالم الموسيقى والترفيه…ولكن من يستطيع أن يقول هذه فتاة ( مايكو) تحت التدريب وهذه فتاة ( الغيشا) أصبحت محترفة؟؟
تاريخ الغيشا عريق فعلا لم اكن اعرف هذا
لا أفهم لماذا يصر بعض الناس على معاملتهم ك نساء ليل وهم فالحقيقة ليسوا كذلك!!
اكثر ما احب هو تمسكهم بالتقاليد إلى الآن وهو مايميزهم حقا
ربما الفلم المذكور وامور أخرى هي سببت سوء الفهم هذا
صحيح ان مكياجهم الأبيض غريب، لكن اكره عندما يكونوا موضع سخرية من الأجانب، جهل رهيب
يستهزؤون بهذا المكياج ويتحججون ان اليابان مجذوبة الى الجمال الأوربي؟ يبدو انهم لم يروا مشاهير كوريا بعد!
أحببت فكرة لباسهم المحتشم والحفاظ على هذا الى الآن
نساء الغيشا جزء من ثقافة المجتمع الياباني
استخدام اللون الابيض لتوضيح معالم الوجه اثناء فترة عدم وجود الكهرباء السابقة
معلومات جيدة إنها المرة الأولى التي اتعرف بها على الغيشا
لماذا تكون الشائعات دائماً أنهم يتقلدون بغيرهم أكره هذا النوع من الشائعات
إنه لمن الجميل أنهم مازالوا متمسكين بهذه العادات والتقاليد المميزة عن غيرها
أن الغيشا نساء جميلات يتقنون الفنون الترفيهية الرائعة يستحقون كل الاحترام
أود رؤيتهم لمرة واحدة ❤️
هذا المقال قام بتصحيح المعلومات المغلوطة حول فتيات الغيشا التي تنتشر بسبب الافلام الغربية