استوديو غيبلي هو استوديو رسوم متحركة ياباني يتمتع بحضور قوي في صناعة الرسوم المتحركة، وقد لاقى عملهم استحسانًا من الجمهور وتم الاعتراف به بالعديد من الجوائز، ويعرف برسمه المميز وتصميماته اللطيفة، حتى وصل الأمر إلى الذكاء الاصطناعي والتصميمات الشخصية لتكون على نفس هيئة استوديو غيبـلي. فما هو استوديو غـيبلي؟ وما تاريخه؟ وما علاقته بالذكاء الاصطناعي؟
تاريخ ونشأة الاستوديو
تأسس استوديو غيـبلي في 15 يونيو 1985، وكان يرأسه المخرجان هاياو ميازاكي وإيساو تاكاهاتا والمنتج توشيو سوزوكي، ويقع استوديو غيبلـي في كوغاني، طوكيو. ويشتهر برسمه الهادئ واللطيف، الواقعي والمميز، ورمزه الأكثر شهرة هو شخصية توتورو من فيلم جاري توتورو، وهي روح عملاقة مستوحاة من كلاب الراكون (تانوكي) والقطط (نيكو) من شخصيات اليوكاي. ومن بين أعلى أفلام الاستوديو ربحًا الأميرة مونونوكي، والمخطوفة، وقلعة هاول المتحركة، وغيرهم الكثير.
الجوائز والإنجازات
أربعة من أفلام الاستوديو من بين أعلى عشرة أفلام روائية يابانية تحقيقًا للإيرادات؛ فيلم Spirited Away “المخطوفة” في المركز الثالث، حيث حقق إيرادات بلغت 31.68 مليار ين في اليابان وأكثر من 380 مليون دولار أمريكي في جميع أنحاء العالم. كما فاز بجائزة الدب الذهبي لعام 2002 وجائزة الأوسكار لأفضل فيلم رسوم متحركة لعام 2003.
وقد فازت ثلاثة من أفلامهم بجائزة Animage Grand Prix، وفاز أربعة منهم بجائزة الأكاديمية اليابانية للرسوم المتحركة. وتلقى سبعة منهم ترشيحات لجوائز الأوسكار.
وقد فاز فيلم The Boy and the Heron بجائزة غولدن غلوب لعام 2024 لأفضل فيلم رسوم متحركة، وجائزة بافتا لأفضل فيلم رسوم متحركة ، وجائزة الأوسكار لعام 2024 لأفضل فيلم رسوم متحركة.
ومن إنجازات استوديو غيـبلي أيضا، افتتاح متحف غيبلـي في ميتاكا، طوكيو في أكتوبر 2001. ويحتوي المتحف على معروضات مستوحاة من أفلام استوديو غـيبلي، ويعرض رسومًا متحركة، بما في ذلك عدد من أفلام استوديو غيبلـي القصيرة غير المتوفرة في أي مكان آخر.
من ليبيا إلى اليابان!
اختار ميازاكي اسم “غيبلـي” من الكلمة الإيطالية غيبـلي (المستخدمة أيضًا في الإنجليزية)، وهو لقب طائرة الاستطلاع الصحراوية الإيطالية كابروني Ca.309 ، والمشتق من الاسم العربي الليبي لرياح الصحراء الحارة (قبلي قبلي). وقع اختيار ميازاكي على هذا الاسم لشغفه بالطائرات. ولفكرة أن الاستوديو “سيحدث نقلة نوعية في صناعة الأنمي”.
وقد أشار ذلك معالي سفير اليابان السيد إيزورو شيمورا في تغريدة له قام بنشرها في شهر مارس 2025:
تاريخ استوديو غيبلي
تأسس استوديو غيبلي في 15 يونيو 1985. وكان يرأسه المخرجان هاياو ميازاكي وإيساو تاكاهاتا والمنتج توشيو سوزوكي. كان لميازاكي وتاكاهاتا مسيرة طويلة في مجال الرسوم المتحركة اليابانية، وعملا معًا في عدة أفلام سابقة. كان سوزوكي محررًا في مجلة “أنيميج” للمانغا التابعة لدار نشر توكوما شوتين.
تأسس الاستوديو بعد نجاح فيلم ” ناوسيكا أميرة وادي الرياح” عام 1984. كان سوزوكي جزءًا من فريق إنتاج الفيلم، وأسس استوديو غـيبلي مع ميازاكي، الذي دعا أيضًا تاكاهاتا للانضمام إليهما.
أنتج الاستوديو بشكل رئيسي أفلام ميازاكي، وكان ثاني أكثر المخرجين إنتاجًا هو تاكاهاتا (أبرزهم في فيلم قبر اليراعات). كما قدم الملحن جو هيسايشي الموسيقى التصويرية لمعظم أفلام ميازاكي في استوديو غيبلي، والمعروفة بتميزها وجمالها وشهرتها على أسماع الجميع.
شراكة عابرة للقارات
وفي أغسطس 1996، شكلت شركة والت ديزني وتوكوما شوتين شراكة حيث تصبح استوديوهات والت ديزني الموزع الدولي الوحيد لأفلام الرسوم المتحركة لتوكوما شوتين من إنتاج استوديو غيبلي. وبموجب هذه الاتفاقية، وافقت ديزني أيضًا على تمويل 10٪ من تكاليف إنتاج الاستوديو. ومنذ ذلك الحين، تمت إعادة دبلجة عدة أفلام استوديو غيبلي. وفي أبريل 2005، انفصل ستوديو غيبلي عن توكوما شوتين وأُعيد تأسيسه كشركة مستقلة مع نقل المقر الرئيسي.
في عام 2013، تم إنشاء فيلم وثائقي من إخراج مامي سونادا بعنوان مملكة الأحلام والجنون والذي يتعمق في حياة العاملين في استوديو غيبلي وإنتاجات الأفلام المتحركة بما في ذلك رسم القصة المصورة، والحبر، والرسم، واختيار الممثلين الصوتيين للأفلام.
إعادة الهيكلة
في أغسطس 2014، أعلن توشيو سوزوكي أن استوديو غيبلي سيتوقف مؤقتًا لإعادة التقييم وإعادة الهيكلة في أعقاب تقاعد ميازاكي. وأعرب عن بعض المخاوف بشأن مستقبل الشركة. أدى هذا إلى تكهنات بأن استوديو غيبلي لن ينتج فيلمًا روائيًا طويلًا آخر.
وفي فبراير 2017، أعلن توشيو سوزوكي أن هاياو ميازاكي قد عاد من التقاعد لإخراج فيلم روائي طويل جديد مع ستوديو غيبلي. وفي يونيو 2020، أعلن ستوديو غيبلي أن الفيلم سيكون مقتبسًا من رواية Earwig and the Witch للكاتبة ديانا وين جونز، حيث تم الإعلان عن الفيلم كأول فيلم رسوم متحركة ثلاثي الأبعاد كامل من إنتاج استوديو غيبلي ومن المقرر عرضه لأول مرة على قناة NHK في أواخر عام 2020. وقد حققت الشركة صافي دخل قدره 1.253 مليار ين ، وبلغ إجمالي الأصول 24.521 مليار ين بحلول أغسطس 2021. وفي 1 نوفمبر 2022، تم افتتاح منتزه غيبلي بارك الترفيهي المستوحى من استوديو غيبلي .
وفي أكتوبر 2023، أصبح الاستوديو شركة تابعة لشركة Nippon Television Holdings, Inc. وانتقلت قيادة ستوديو غيبلي إلى أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في NTV. أصبح توشيو سوزوكي رئيسًا وأصبح هاياو ميازاكي رئيسًا فخريًا. استحوذت Nippon TV على حصة 42.3٪ في ستوديو غيبلي. كان القرار مدفوعًا بأعمار ميازاكي وسوزوكي المتقدمة، حيث يبلغ عمرهما 82 و75 عامًا على التوالي.
كان الاستوديو قد اعتبر ابن ميازاكي، غورو ميازاكي، خليفةً له ولكنه اختار القيادة الخارجية بسبب المخاوف وتردد غورو. بدأت NTV في التعامل مع الإدارة، مما سمح لاستوديو غيبلي بالتركيز على المساعي الإبداعية.
وفي عام 2024، حصل الاستوديو على جائزة السعفة الذهبية الفخرية في مهرجان كان السينمائي لعام 2024 ، وكانت أول شركة إنتاج أفلام تحصل على الجائزة.
أسلوب خاص بالرسم اليدوي
ترسم أفلام استوديو غيبلي في الغالب يدويًا باستخدام ألوان مائية غنية وألوان أكريليك. تعتمد هذه الأفلام على أساليب تقليدية في صناعة الرسوم المتحركة. حيث يرسم ويلون كل إطار يدويًا. وتستخدم تقنيات الرسوم المتحركة الحاسوبية باعتدال. جميع أفلام استوديو غيبلي تستخدم ألوانًا زاهية. وتتميز بجماليات مرحة وخيالية، وهو ما يعطيها رونقا مختلفا عن أي نوع رسم آخر. ويميل أسلوب استوديو غيبلي الفني إلى الأسلوب الأوروبي المريح الذي يضفي الكثير من اللمسات الخافتة على الخلفية والطبيعة في المشهد. ومن الاستثناءات الجديرة بالذكر فيلم “حكاية الأميرة كاغويا” ، من إخراج تاكاهاتا، الذي يبتعد عن أسلوب غيبلي التقليدي باستخدام لوحة ألوان مائية ناعمة وجماليات أشبه بقصص الأطفال تُذكرنا بالفن الشعبي الياباني. يهدف هذا النهج إلى عكس مشاعر الشخصيات وصراعاتها الداخلية وإبراز الرسوم المتحركة المرسومة يدويًا.
فن غيبلي في متناول الجميع!
في مارس عام 2025، انتشر نوع من الصور حيث يمكن لأي شخص رفع أي صورة على برنامج الذكاء الاصطناعي شات جي بي تي (ChatGPT)، وتحليل شكل الصورة وتحويلها إلى نمط رسم استوديو غيبلي. وهو ما أحدث ضجة واسعة ورواجا كبيرا بين جميع المستخدمين صغارا وكبار.
ورغم جودة الصورة ونتيجتها المتطابقة مع رسم استوديو غيبلي، إلا أنه أثار جدلا واسعا بخصوص قوانين الحماية وأخلاقيات الاستخدام وسياسات الذكاء الاصطناعي وحقوق الفنانين، حيث أعرب هاياو ميازاكي عن استيائه من استعمال هذه التقنية، لما فيها من مخالفات لحقوق الطبع والنشر لنهجه الخاص في الرسم والإبداع، واصفا إياه أنه إهانة للحياة ولن يسمح لنفسه أبدا باستعمال هذه التقنية في أعماله. ويرى البعض أن استعمال هذه التقنيات قد يوقف عيش الفنانين وعملهم، وهو ما لا تهتم به شركة أوبن إيه آي OpenAI، حيث اعتبروه إهانة للفن.
اقرأ أيضاً: التأثير العالمي لاستوديو غيبلي الذي أحدث ثورةً في عالم صناعة الأنمي
وقد بدأت الحكاية عندما قام شخص يسمى جانو لينجيسواران بتجربة محاكاة تصميم غيبلي في صور خاصة به باستعمال شات جي بي تي، وعندما نشرها لاقت نجاحا واسعا وإعجابا من الجماهير مما دفعهم لتجربة هذا الأمر.
وتطور الأمر حتى وصل إلى متناول جميع الأفراد لصناعة صورهم، وتحويل صور شخصيات النكات الشهيرة، بجانب تصوير شخصيات الأفلام والمسلسلات العربية على هذا النمط!
اقرأ أيضاً: عندما رفض هاياو ميازاكي استلام الأوسكار احتجاجاً على غزو العراق
إعداد و تقديم جنة الجندي لمزيد من المحتوى المقدم من الكاتبة، بالإمكان متابعة صفحتها الخاصة عبر فيسبوك.
صورة المقال الرئيسية:
Photo by Yosuke Ota on Unsplash