نستعرض في موضوعنا بعض الجوانب من التأثيرات المدمرة للقصف الذري التي تعرضت له كلاً من هيروشيما وناغاساكي والتي أنهت الحرب العالمية الثانية، أكثر الحروب دموية في العصر الحديث.
لقد أدى القصف الذري الذي تعرضت له كلاً من هيروشيما وناغاساكي عام 1945 إلى مقتل وإصابة مئات الآلاف من السكان في اليابان. ولا تزال آثار القصف محسوسة حتى يومنا هذا.
وقد أسفر القصف الذري عام 1945 عن مقتل ما يقدر بنحو 140 ألف شخص في هيروشيما، و74 ألف شخص آخرين في ناغاساكي. حيث وصلت درجة الحرارة 4000 درجة مئوية، وتسبب ذلك بحدوث تلوث إشعاعي واسع بالمنطقة.
مات معظم الضحايا دون أي رعاية لتخفيف معاناتهم. كما توفي بعض من دخلوا المدينتين بعد القصف لتقديم المساعدة بسبب الإشعاع. إلا أن هناك بعض الناجين قد عاشوا آلاماً فوق آلام القصف.
تأثير القنبلتين على المدى البعيد
يستغرق الأمر نحو 10 ثوانٍ حتى تصل الكرة النارية الناتجة عن الانفجار النووي إلى حجمها الأقصى، لكن تأثيراتها تستمر لعقود من الزمن وتمتد عبر الأجيال! بعد مرور 5 إلى 6 سنوات على التفجيرات، ارتفعت معدلات الإصابة بسرطان الدم بشكل ملحوظ بين الناجين. وبعد نحو عقد من الزمان، بدأ الناجون يعانون من سرطان الغدة الدرقية والثدي والرئة وأنواع أخرى بمعدلات أعلى من الطبيعي.
كما واجهت النساء الحوامل اللاتي تعرضن للقصف معدلات أعلى من الإجهاض والوفيات بين أطفالهن؛ وكان أطفالهن أكثر عرضة للإصابة بالإعاقات الذهنية وضعف النمو وزيادة خطر الإصابة بالسرطان.
وبالنسبة لجميع الناجين، فإن حالات السرطان المرتبطة بالتعرض للإشعاع لا تزال تتزايد طوال فترة حياتهم، وحتى يومنا هذا رغم مرور 7 عقود من الزمن. وقد قامت دراسة برسم خريطة لأسباب الوفاة لدى 86 ألفاً من بين 120 ألفاً من الهيباكوشا (الناجون الذين تعرضوا بشكل مباشر لانفجار القصف الذري) بين عامي 1950 و2003. ولم يكن السرطان المرض الأكثر انتشاراً فحسب، بل إن أمراض الدم و القلب والأوعية الدموية و الرئة أصبحت أكثر شيوعاً أيضاً. وحتى اليوم، بعد أكثر من 75 عاماً من القصف، تم اكتشاف حالات جديدة من تلف نخاع العظام بين الهيباكوشا.
مشاعر مؤلمة
خوفًا من النبذ من المجتمع، كان الناجون وأسرهم يخشون التحدث بصراحة عن تجاربهم ومشاعرهم الصعبة أمام الغرباء. وقد ظهر أن الناجين واجهوا صعوبة في إعادة اكتشاف هويتهم وإيجاد التوازن في الحياة بعد مواجهتهم موت القنبلة الذرية. كما يعاني الكثير منهم من الشعور بالخزي والذنب لأنهم نجوا، بينما مات الكثير من أقاربهم وأصدقائهم. وبالنسبة للكثيرين، فإن كل الأشياء الرهيبة التي شهدها الناجون وعاشوها أدت إلى تضييق وإغلاق الأفكار والمشاعر حول الحدث. ويعتقد أن الهيباكوشا قد تم نبذهم من المجتمع بسبب ارتباطهم بـ “النجاسة” بعد أن كانوا على اتصال وثيق بالكثير من الموت والبؤس والمعاناة.
اضطراب ما بعد الصدمة
تؤدي تجارب الصدمات النفسية القوية إلى ضغوط نفسية شديدة. بعد الأزمات الكبرى أو الكوارث، قد تحدث أمراض نفسية وجسدية مختلفة، مثل القلق والاكتئاب. حيث تبين أن العديد من الهيباكوشا عانوا من اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)،حيث تطاردهم الكوابيس والذكريات المؤلمة.
ويحكي الناجون عن جثث وأشخاص محترقين ممددين على الأرض في طبقات متعددة؛ وعن الرائحة الكريهة التي انتشرت بعد أيام من القصف عندما بدأت الجروح تصاب بالعدوى وبدأت الديدان تتغذى على جثث القتلى؛ و كيف تساقط جلد أقاربهم عندما حاولوا الاعتناء بهم. ومن الصعب للغاية أن نعيش مع هذه الذكريات.
إن الناجين من القنبلتين الذريتين في هيروشيما وناغاساكي هم شهود أحياء على فظائع الحرب النووية وعندما نتحدث عن الأسلحة النووية، يجب أن نتحدث عن التأثيرات الحقيقية غير المقبولة التي تخلفها على البشر.
إعداد و تقديم جنة الجندي لمزيد من المحتوى المقدم من الكاتبة، بالإمكان متابعة صفحتها الخاصة عبر فيسبوك.
صورة المقال الرئيسية:
Photo by Douglas Lima on Unsplash
ان كل إنسان ينهض من بعد الكارثة يستحق التحية والاحترام والتقدير. دراسة اثار كارثة هيروشيما وناغازاكي تثير مشاعر الحزن والغضب. لكن لا بد من ذلك حتى نستطيع تحسين المستقبل. أرجو من شعب اليابان دعم السلام العالمي وحماية الإنسان الضعيف المضطهد في كل مكان.