يناقش هذا المقال ظاهرة هيكيكوموري (引きこもり)، ويستخدم هذا المصطلح، لوصف ظاهرة اجتماعية خاصة بأولئك الذين يفضلون الانسحاب اجتماعياً في اليابان.
اليابان تحت المجهر
وضِعت اليابان تحت عدسة المجهر من قبل وسائل الإعلام العربية والعالمية، بالأخص خلال السنوات القليلة الماضية. حيث تم تسليط الضوء على إنجازات اليابان العديدة و “إيجابياتها”، في نظرة أحادية مشوهة تجعل من الشخص يعتقد أن اليابان دولة خالية من المشاكل.
وبالرغم من أحادية هذه الرؤية وافتقارها لنقل الواقع في الكثير من الأحيان، إلا أنها تساعد ولو قليلاً في تسليط الضوء على قضايا ومشاكل اجتماعية يابانية لا تنال الكثير من الصدى الإعلامي، وتطفو على السطح عند النظر عن كثب بعدسة المجهر.
ولعل أبرز هذه القضايا التي تهدد مستقبل اليابان وبنيتها الاجتماعية، هي ظاهرة الانسحاب أو العزلة الاجتماعية أو ما يدعى بـ”هيكيكوموري” باليابانية. وهو مصطلح يعني الانسحاب الاجتماعي، العزلة أو التقوقع. ويستخدم المصطلح لوصف الظاهرة بشكلٍ عام أو أولئك الذين ينسحبون طوعاً من المجتمع، ولا يخرجون من منازلهم لفترة طويلة. وأصبحت هذه الظاهرة واسعة الانتشار جداً في البلاد، متناسبةً طردياً مع التطور التكنولوجي الذي شهده العالم.
مقال ذو صلة: ما سبب تراجع عدد السكان في اليابان؟
تاريخ هيكيكوموري
هل سبق لك أن بقيت في المنزل لأشهر متتابعة دون الخروج أو التفاعل مع الناس؟ هل تكره الاختلاط وتفتقر لرغبة الخروج؟ ربما تفضل البقاء في المنزل لأنه أكثر راحةً وأماناً؟.. إن كانت أجوبتك نعم على هذه الاسئلة، فذلك يعني أنك ضمن فئة الذين يعانون من الانسحاب أو العزلة الاجتماعية “هيكيكوموري” وفق وزارة الصحة اليابانية.
حيث تُعرّف وزارة الصحة، العمل والرفاه اليابانية المصابين بالـ”هيكيكوموري”على أنهم أولئك الذين بقوا في منازلهم لـ6 أشهر متتابعة على الأقل، دون الذهاب إلى المدرسة، العمل أو التفاعل مع الناس خارج إطار عوائلهم.
ويعود تاريخ هذه الظاهرة إلى آواخر الثمانينات و بداية التسعينات، وبدأت بالبروز (بشكلٍ خفي) خلال ما يُعرف بـ”العقد المفقود” في اليابان، وهي 10 سنوات متواصلة (1991 وحتى 2000) مرت البلاد خلالها بركود اقتصادي كبير بعيد انهيار اقتصاد الفقاعة بين عامي 1991 و 1992. وأثناء هذا العقد، عانى الكثير من فقدان وظائفهم، منازلهم أو كل ما يملكون ببساطة. حيث لجأ البعض منهم إلى الانسحاب بعيداً عن المجتمع بسبب تأثرهم الشديد بتلك الخسائر.
ولم يتم الاعتراف بهذه الظاهرة رسمياً إلا في نهاية التسعينات، حيث عُرفت باسمها الحالي عندما قام طبيب نفسي ياباني يدعى “سايتو تاماكي” بنشر كتاب بعنوان “Hikikomori: Adolescence Without End” في عام 1998، يناقش ظاهرة الانسحاب اجتماعياً. ولم تنل هذه الظاهرة اهتماماً كبيراً إلا بعد تفاقمها بعدة سنوات. حيث سُجلت عدة جرائم قتل في اليابان خلال العقود الماضية وكان بعض مرتكبيها يصنفون من قبل الإعلام على أنهم هيكيكوموري.
ما سبب هذه الظاهرة؟
بالرغم من وجود الكثير من الدراسات والكتب لمحاولة تشخيص سبب هذه الظاهرة، إلا أنه يصعب الإشارة إلى مصدرها الرئيسي. لذلك يرجح الخبراء أن سببها يعود لعدة عوامل مرتبطة ببعضها البعض بدل عامل واحد فقط. وأبرز هذه العوامل هي الاضطرابات النفسية والعصبية، التأثير الثقافي والاجتماعي، التكنولوجيا الحديثة ودورها، نظام التعليم الياباني.
ويقول خبراء أن بعض الذين يعانون من هيكيكوموري، يعانون كذلك من أعراض اضطرابات تشابه اضطرابات التوحد. كما تشجع طبيعة المجتمع الياباني على الانعزال اجتماعياً بسبب صعوبة تقبل الفشل ودفع الأفراد إلى الانعزال أو الانسحاب بسبب شعورهم بالعار وسط الجماعة أو المجتمع. حيث سلطنا الضوء على العقلية اليابانية وكيف يعمل العقل الياباني في مقالٍ سابق بعنوان “العقلية اليابانية“.
وتلعب التكنولوجيا الحديثة دوراً مهماً في هذه العزلة، حيث يمكن لمن يرغبون بالانسحاب في اليابان من البقاء في منازلهم لفترة طويلة جداً، والتواصل مع العالم الخارجي عبر الإنترنت، والحصول على كل ما يريدونه من أساسيات الحياة عبر كبسة زر واحدة! بسبب فعالية خدمات التوصيل البريدية. كما يلعب نظام التعليم في اليابان دوراً أكثر أهمية في تشجيع المراهقين على الانسحاب اجتماعياً، بسبب خوفهم من الفشل في الدراسة، وذلك ينتج بدوره من وجود معايير دراسية عالية في المدارس اليابانية وتوقعات أكبر من قبل ذوي الأطفال.
وبالرغم من امتلاك اليابان لنظام تعليمي ذو جودة عالية وفق منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، إلا أن النظام الياباني على غرار الأنظمة الآسيوية الأخرى مثل سنغافورة، كوريا الجنوبية، والصين على سبيل المثال لا الحصر، يضع معايير تنافسية عالية جداً للطلاب تسبب التوتر الشديد والذي قد يؤدي في بعض الحالات لمشاكل نفسية خطيرة تقود بالشخص إلى الانعزال أو حتى الانتحار.
مقال ذو صلة: العقلية اليابانية
أرقام مقلقة
أظهرت إحصاءات حديثة كشفت عنها وزارة الصحة، العمل والرفاه اليابانية في مارس/آذار 2019 أن عدد من يصنفون على أنهم هيكيكوموري في اليابان وصل إلى أكثر من مليون شخص!
حيث يبلغ تعداد أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين الـ40 وحتى الـ64 عاماً، 613,000 شخص، ولم يخرجوا من منازلهم لفترة طويلة بسبب تقاعدهم من العمل. بينما يبلغ تعداد الشباب والذين تتراوح أعمارهم بين الـ15 و الـ39 عاماً، نحو 541,000 شخص وفق إحصائية أخرى للوزارة في عام 2015.
وقال وزير الصحة، العمل، والرفاه السابق “تاكومي نيموتو” آنذاك أن ظاهرة الهيكيكوموري هي مشكلة اجتماعية جديدة في اليابان. وتكشف الإحصائية الأحدث أيضاَ أن نسبة 76.6% من الهيكيكوموري من الرجال. و46.7% منهم عاشوا في هذه الأوضاع لمدة 7 سنوات مستمرة على الأقل، حيث توفر لهم عوائلهم الدخل المادي المناسب حتى إن لم يساهموا بشيء في المقابل.
ويخلق اعتماد أولئك الذين يعانون من الانسحاب الاجتماعي على عوائلهم، عبئاً اقتصادياً جديداً بسبب عدم توظيفهم أو مساهمتهم المادية لمنازلهم، كما تقول مصادر تابعة لوزارة العمل اليابانية.
مقال ذو صلة: ما الأسباب الحقيقية وراء انتحار الأطفال في اليابان؟
الخلاصة
بعد سرد الأسباب والتكهنات من قبل خبراء ودراسات عديدة، تبقى معرفة اليابان والعالم عن هذه الظاهرة ضئيلة جداً ولا تخدش السطح حتى، بسبب صعوبة التحدث إلى المنسحبين اجتماعياً وإمكانية فهم وضعهم النفسي. حيث لا يُعرف أيضاً إن كانت هذه الظاهرة خاصة بالمجتمع الياباني فقط، أم أنها ظاهرة عالمية واسعة الانتشار.
وتوجد الكثير من الكتب، الإحصاءات والمصادر التي تتحدث عن ظاهرة هيكيكوموري، ولكن مع ذلك لا توجد الكثير من المعلومات الموثوقة حول أولئك الذين يعانون من الانسحاب أو العزلة الاجتماعية في اليابان. وتحتاج الحكومة اليابانية أو الجهات الخاصة إلى دراسة الموضوع بشكلٍ أعمق لمعرفة الأسباب الحقيقية المؤكدة وراء هذه الظاهرة.
وبالرغم من عدم تسليط الضوء بشكلٍ كبير على هذه الظاهرة في العقود الماضية، إلا أنها بدأت تحظى باهتمام أكبر من قبل الحكومة اليابانية والإعلام المحلي والعالمي، وهناك جهود حثيثة تُبذل لفهمها ومعالجتها جذرياً.
وتتمثل هذه الجهود بمساعدة من يعانون من هيكيكوموري على العودة إلى المجتمع مجدداً بصورة تدريجية. ولا يتوفر خيارٌ آخر لدى اليابان، سوى مكافحة هذه الظاهرة ومساعدة من يعانون منها بشتى الطرق، حيث تشير إحصاءات حكومية إن في حال تم تجاهل ظاهرة هيكيكوموري فأنه من المحتمل تفاقم أعداد المنعزلين اجتماعياً ووصولها إلى نحو 10 مليون شخص قبل نهاية هذا القرن!
المصادر: وزارة الصحة، العمل والرفاه اليابانية – هيئة الإذاعة والتلفزيون اليابانية – وكالة كيودو اليابانية – صحيفة “Japan Times” اليابانية
صورة المقال الأصلية: تصميم JULIA NASCIMENTO عبر صحيفة “Japan Times” اليابانية
بسم الله الرحمن الرحيم
معرفة الأسباب هي أساس الحل أكيد.
يمكن وضع مسارات حديثة لمن لا يستطيع التأقلم مع معايير الحياة الصارمة بحيث تكون انتقالية تصل بهم إلى المسار الطبيعي الجاد للحياة في اليابان
السلام عليكم،
في الجزائر يعاني من هذه الظاهرة المجتمعية بعض اطارات المؤسسات العمومية و المعينين بمراسيم رئاسية بمجرد إنهاء مهامهم او استبعادهم من الخدمة لأسباب قد لا تكون بالضرورة تأديبية، فيحال ن على عطلة قد تفوق السنة الواحدة.
امر مقلق
السلام عليكم
هنالك سبب قوي يلعب دور في هذه الظاهرة وهو الطمأنينة فإن لم يكن الفرد مطمئن على ما يدور من أحداث حوله والمقدرة على تواجهها بأي شكل كان فبالتأكيد سيتمالكه اليأس والإحباط
ولي تكسب الطمأنينة حقيقة عليك بمعرفة أن جميع أحوالك وأمورك مدبرة فلا تقلق من ذلك ما عليك إلا فعل الأسباب بقدر استطاعتك وتسأل الله أن يعينك عندها تستبدل حياتك وتطمئن وقد ذكر ذلك في القرآن الكريم والسنة النبوية لها أحاديث كثيرة في ذلك
قال تعالى: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب )
لذلك المؤمنين نادر ما نجد فيهم هذه الظاهرة إلا عندما يبتعدون عن الله فإنهم يصابهم جزء من ذلك لان الله تعالى قال (ومن اعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا )
وكما قلت فإن الديانة تبين لك هدفك وغايتك من الحياة وتطمئن قلبك عندما تعلم انك انسان ضعيف وتحتاج إلى الله ليعينك ويهديك الى الصراط المستقيم
وما أعرفه عن اليابانيون انهم لا يلقون اهتماما لدين وخاصة الدين الإسلامي ليس منتشر عندهم بل كما يصفه الإعلان بصورة سيئة بأنه دين إرهابي لذلك قل ما تجد مسلمين يابانين
ظاهرة تستحق الدراسة والبحث حتى يتم التقليل منها .
لقد مررت بهذه التجربة منذ سنوات مضت ولكن مازلت حاليا افضل البيت على الخروج بسبب فقدي للثقة في المجتمع وانزعاجي من تصرفات الكثير من الناس رغم خروجي الكثير للتسوق ومانحو ذلك والتزامي بالعمل الرسمي
كل نظام اجتماعي لديه ضحاياه
وهؤلاء هم الذين ينظر اليهم المجتمع على انهم الاشخاص الذين لايندمجون في المجتمع الذي يعيشون فيه
الظاهرة التي يشير اليها المقال ليست بجديدة وانما هي موجودة في كل مجتمعاتنا لأن المجتمعات البشرية لم تتخلص من بعض الصفات البدائية والتي كانت في يوم ما ضرورية للبقاء اما الآن فقد اصبحت عبئا وضررا على الذين عجزو عن التكيف مع مجتمعهم
وكمثال ظاهرة العراك في المدارس او الشارع لفرض السيطرة والهيمنة وترهيب وارعاب الاشخاص البدينين او الفتيات ذات المظهر الرتيب وغير المرغوب أو قليلي الادراك وهؤلاء يرغمون على الانعزال قسرا بسبب هذه النزعات الحيوانية العدائية التي لازالت متأصلة في البشر.
لاحل لهذه المشكلة اذا لم يراجع الناس انفسهم ويربو ابنائهم على ان يكونو رحماء ولطفاء وأن يمدو ايديهم لمساعدة من هو اقل حظا منهم .
ظاهرة محزنة تستحق الدراسة للحد منها
أن شاء الله يجدوا حل لهذه الظاهرة
ان شاء الله يجدوا حل لهذه الظاهرة لكي يعود المنعزلين إلى الخارج
من خلال هذا المقال اعتقد المجتمع الياباني بحاجه لتعلم قيمه الحياه الخاصه ووقت الاسره.. انهم يقدسون العمل الجاد والالتزام وهذا امر ممتاز… ومع ذلك يتوجب عليهم معرفه ان لاجسادهم حق في الراحه والاسترخاء بين الوقت والآخر حتى يتمكنوا من الاستمرار في العمل الجاد والالتزام به على النحو المطلوب.. الإنسان بحاجه ليتوقف بين الحين والآخر وقفه بسيطه مع نفسه حتى يقيم حياته وعمله يطور ما يحتاج إلى تطويره ويحتفل ويفرح بنجاحه مع أسرته واصدقائه حتى يستطيع الاستمرار.. يجب أن يكون له هدف يسعى اليه وحلم يحققه.. علي ان لا يكون ذلك على حساب نفسه وأسرته فلأجلهم يسعى وهم الحافز والدافع للاستمرار.. وهم (اي الاسره) نواه المجتمع والدافع لانخراط الفرد مع المجتمع…كذلك اعتقد ان كل فرد بالمجتمع عليه أن يخصص وقتا للتواصل المباشر مع الأصدقاء او أفراد الاسره ليس عن طريق الايميل او اي وسيله الكترونيه أخرى ولكن بشكل مباشر حتى ولو بإجراء اتصال هاتفي هذا سيساعد في عدم الانعزال .. الأشخاص المنعزلون تهيئوا ذلك من قبل عن طريق عمل كل شئ اليكترونيا حتى شراء متطلبات الحياه اليوميه من طعام وغيره.. ربما لو ذهب إلى السوبر ماركت بنفسه وتعامل معه البائع باحترام و ودّ (واحترام البائع ووده اعتقد شائع باليابان) لما انتهى به الحال للانعزال في البيت.
شيئ حزين
يا إلهي ظاهرة مقلقة جدا والعدد ضخم، لكن غير المعقول أن يكون كل هذا العدد او حتى أقل يعاني من أعراض التوحد!
لكن أجد الأمر غريبا قليلا، أمريكا وكوريا والعديد من البلدان متطورة بشكل كبير ولدبها من الأسباب مايجعل افرادها تدخل في عزلة ايضا، لماذا اليابان لديها هذا العدد؟
لقد قرات مقال في مجله اليابان ان الحكومه اليابانيه قامت بحصر اعدادهم وزيارتهم وتقوم ببرامج لمساعدتهم وهذا امر جيد للغايه وتشكر الحكومه عليه فالدعم الحكومي مطلوب في هذه الامور
اعتقد ان هذه الظاهره موجوده كذلك في الدول العربيه وجميع دول العالم
للاسف البعض يعتقدون ان هذه الامراض تنتشر فقط في الدول العالم الاول والمتطوره فقط ولكن بالحقيقه تنتشر ايضا في الدول الناميه والعالم الثالث ولكن الفرق ان لا احد يهتم بحصر الاعداد والمساعده والدعم لهذه الفئه وغيرها من الفئات المهمشه الضعيفه
مشكلة الهيكيكوموري عويصة ومعقدة لانها جزء من ثقافة اليابان الشعبية نتمنى ان يتمكنوا من حلها
للوهلة الأولى أعتقدت أنني مصابة بظاهرة هيكيكوموري لأنني أفضل البقاء بالمنزل أكثر…ولكن أدركت أنني بعيدة كل البعد عن هذه الظاهرة ..فلم أبقى في المنزل ل٦ أشهر متواصلة أبداً!
لابد من أن من يعانون من ظاهرة هيكيكوموري يعانون أيضاً من اضطرابات نفسية عصيبة!
هيكيكوموري مقبرة لروح الشخص هذا ما يمكنني قوله
أشعر بالاسف عليهم، ارقامهم كبيرة ويستحيل ان يكونو جميعا مصابين بالتوحد!