أينشتاين كان محقاً: تجربة يابانية تثبت مرور الوقت بشكلٍ أسرع في المرتفعات

أثبت فريق ياباني بحثي أن الوقت في مرصد برج طوكيو سكاي تري الذي يبلغ ارتفاعه نحو 450 متراً فوق مستوى سطح البحر يمر بأربعة نانوثانية أسرع مقارنةً بالمستوى القريب من قاعدة البرج بسبب تأثير الجاذبية.

*النانوثانية تساوي واحد من مليار من الثانية (1 نانوثانية = 10⁻⁹ ثانية).

نظرية النسبية العامة والتجربة

كشف فريق بحثي ياباني من جامعة طوكيو ومختبر علم القياس الكمّي في معهد رايكين الممول حكومياً، بقيادة العالم “هيديتوشي كاتوري”، عن نجاح تجربة تثبت صحة ما تنبأ به أينشتاين في نظريته للنسبية العامة، حول مرور الوقت بشكلٍ أسرع في المرتفعات مقارنةً بالأماكن المنخفضة، وذلك بسبب فرق قوة الجاذبية وتأثيرها على عمل الساعات.

وأجريت التجربة باستخدام ساعات فائقة الدقة تُدعى “الساعات الشبكية البصرية” أو “OLC” كاختصار، تعمل بأشعة الليزر وصُغرت لتكون قابلة للنقل. حيث وضعت الساعة الأولى على ارتفاع 3.6 متر فوق مستوى سطح البحر عند قاعدة برج طوكيو سكاي تري، و وضعت الساعة الثانية على ارتفاع 456.3 متر فوق مستوى سطح البحر في منصة البرج، والذي يُعد الأطول في اليابان وثاني أطول برج في العالم بارتفاع يصل إلى 634 متراً.

وقال الفريق البحثي عبر ورقة نُشرت في دورية “Nature Photonics” العلمية، بأن التجربة بدأت في أكتوبر/تشرين الأول 2018، وانتهت في 6 أبريل/نيسان 2020، ونتائج التجربة أثبتت مرور الوقت بشكلٍ أسرع بمقدار أربعة نانوثانية يومياً، في الساعة التي وضعت في منصة البرج، مقارنةً بالساعة عند قاعدة البرج، وذلك بعد قياس الوقت بمعدل أسبوعي (من أجل ملاحظة الفرق في الوقت بين الساعتين بسبب التغير الضئيل).

ومن الجدير بالذكر أن الساعات المستخدمة في التجربة، تعد جيلاً جديداً من الساعات الذرية، وتمتلك القدرة على حساب الوقت بدقة متناهية لدرجة أنها تخسر أو تكتسب ثانية واحدة فقط كل 16 مليار سنة، دون أن تتأثر بالاهتزازات، الحرارة أو التغيرات الكهرومغناطيسية. ويُعد هذا الفرق في الدقة شاسعاً جداً مقارنةً بالساعات الذرية من الأجيال السابقة، والتي تخسر أو تكتسب ثانية واحدة كل 80 مليون سنة.

ما فائدة هذا الاكتشاف؟

لم تكن اليابان سباقةً بمحاولة إثبات نظرية أينشتاين للنسبية العامة وتنبؤاتها، حيث جرت عدة تجارب في الماضي لإثبات صحة النظرية من قِبل دول و وكالات عالمية، باستخدام الصواريخ، الساعات الذرية أو الأقمار الصناعية، ولاقت بعضها النجاح أيضاً.

ولكن اليابان كانت الدولة الأولى التي تُثبت النظرية باستخدام جيل جديد من الساعات الذرية فائقة الدقة، والتي صُغرت لتكون قابلة للنقل ولا تتأثر بالحرارة، الاهتزازت أو التغيرات الكهرومغناطيسية. حيث تكمن فائدة هذا الاكتشاف العلمي في الطريقة التي تم التوصل بها إلى النتيجة وليس النتيجة نفسها!

وقال قائد التجربة “هيديتوشي كاتوري”: “يمكن أن تميز الساعات (يقصد الساعات الجديدة) الاختلافات الصغيرة في الارتفاع، مما يسمح لنا بقياس انتفاخ الأرض في أماكن مثل البراكين النشطة أو تشوه القشرة، أو تحديد مرجع الارتفاع”. وقال أيضاً: “أردنا أن نثبت أنه يمكننا إجراء هذه القياسات الدقيقة في أي مكان خارج المختبر باستخدام الأجهزة المُصغرة. هذه هي الخطوة الأولى نحو تحويل الساعات فائقة الدقة إلى أجهزة على أرض الواقع”.

ومن المتوقع أن تُستخدم الساعات الجديدة، لقياس حركات القشرة الأرضية وتوقع الزلازل أو الثورانات البركانية بدقة عالية، مما قد ينقذ آلاف الأرواح. ويمكن استخدام هذه الساعات لإجراء حسابات عالية الدقة وتوفير المال دون استخدام الأجهزة في الفضاء. كما من المحتمل أن تتحول إلى ساعات يدوية يمكن استخدامها في الحياة اليومية ولن تُخطئ الوقت مطلقاً إلا مرة واحدة كل 16 مليار سنة!

انضم الآن مجاناً لتصبح عضواً متميزاً في مجلة اليابان للحصول على آخر المستجدات والأخبار من الموقع مع العديد من العروض والمفاجآت! (اضغط هنا)

المصادر: مختبر علم القياس الكمّي في معهد رايكين – جامعة طوكيو – دورية “Nature Photonics” العلمية – وكالة كيودو اليابانية
صورة المقال الأصلية: صورة تعبيرية لبرج طوكيو سكاي تري