قراءة في تحطيم الرقم القياسي لحساب قيمة باي

نجح فريق يعمل في الشركة العملاقة غوغل في تحطيم الرقم القياسي العالمي في عملية حساب قيمة “باي” (وهي القيمة المعروفة لنسبة محيط الدائرة إلى قطرها) من خلال عدد مكون من 31.4 تريليون رقم. وقد عمل الفريق بقيادة العالمة اليابانية بمجال الحاسوب والمطورة في شركة غوغل، السيدة إيما هاروكا إيواؤو.

والتي فازت بجائزة غينيس للأرقام القياسية عند تحطيم الرقم القياسي السابق في حساب قيمة باي، حيث كان العدد بالرقم القياسي السابق مكوناً من 22 تريليون رقم، فيما قامت مجموعة العالمة إيما بتحطيم الرقم القياسي العالمي بحساب قيمة باي من خلال عدد مكون من 31.4 تريليون رقم باستخدام خدمة سحابية من غوغل، وهي المرة الأولى من نوعها التي يتم فيها استخدام هذه الطريقة لتحطيم الرقم القياسي لحساب قيمة باي بدلاً من استخدام الحواسيب الخارقة. يُذكر أن خدمات الحوسبة التجارية السحابية متاحة من أجل إدارة بيانات العملاء عبر شبكة الإنترنت بالإضافة إلى تخزينها.

فريق ذو خبرة طويلة

تم تحقيق هذا الإنجاز نتيجة لعدد كبير من المحاولات والخبرات الطويلة والمتراكمة لدى الفريق، فقد تمكن نفس الفريق من تحطيم الرقم القياسي لحساب قيمة باي في عام 2016 حينما كان يحسب بعدد مكون من 9 تريليون رقم. واختارت غوغل يوم 14 من شهر مارس/آذار الماضي من أجل أن تعلن فيه عن تحطيم الرقم القياسي الجديد هذا العام، فهذا اليوم يعرف بـ (يوم باي) فالرقم مطابق لكتابة التاريخ بهذه الطريقة (3.14). يُذكر أنّ هذا الإنجاز قد تم تحقيقه بعد أن استغرقت عملية الحساب أكثر من 120 يوماً. وكانت العالمة إيما تعمل في شركة غوغل من طوكيو منذ عام 2015 وانتقلت فيما بعد للعمل في الشركة بالولايات المتحدة الأمريكية، فاهتمامها بالرياضيات وخصوصاً في قيمة باي كان ملازماً لها منذ الصغر، وتمكنت من الوصول إلى هذه المرحلة بعد دراستها علوم الحاسوب بجامعة تسوكوبا في اليابان. وهذا ما ساعدها في اكتساب خبرة كبيرة وقيادة فريق في شركة غوغل العملاقة لتحقيق هذا الإنجاز، وتأمل العالمة إيما أن تحطم رقمها القياسي هذا مجدداً، على الرغم من أن هذه العملية صعبة للغاية على حد تعبيرها.

ما الفائدة من هذا الإنجاز؟!

ما السر وراء تهافت الكثير من علماء الرياضيات والفيزياء والفلك والحاسوب على تطوير عمليات حساب قيمة باي؟ فالمعتقد الشائع بأن قيمة باي محصورة فقط في معرفة نسبة محيط الدائرة إلى قطرها، لكن في الواقع، قيمة باي تشمل ما هو أكثر من ذلك بكثير، فتطبيقات قيمة باي في الحياة العملية كثيرة جداً في شتى المجالات ويصعب حصرها! فعلى سبيل المثال لا الحصر، يتم استخدام قيمة باي في مجالات الهندسة بمختلف تخصصاتها وفي صناعة الحواسيب الخارقة، ومن خلال قيمة باي أيضاً يمكن احتساب مجالات الأطوال الموجية وأبعاد ومحيط وحجم الأشكال الاسطوانية، و وفقاً لما ذكرته وكالة الفضاء الأمريكية ناسا؛ يمكن الاستفادة من حساب قيمة باي وتطبيقها في مجالات الفضاء، حيث يمكن حساب مساحة المنطقة المخصصة لهبوط المركبات بالمظلات على كوكب المريخ، أو يمكن من خلالها حساب عدد الصور مستطيلة الشكل اللازمة من أجل تكوين خريطة عن الكوكب، ويمكن أيضاً حساب اللحظة المناسبة لإبطاء سرعة مركبة فضائية لإعادتها إلى مدارها المناسب والمخطط لها أثناء رحلتها. كما تساعد أيضاً في دراسة الكثير من الخواص الفيزيائية مثل دراسة مرونة المادة، ودراسة الفترة الزمنية لحركة البندول (رقّاص الساعة) الذي يتحرك بشكل متذبذب بين موضعين حول محور أفقي ثابت. لذلك نرى اهتماماً كبيراً حول العالم بهذه القيمة، وهي معروفة بطبيعة الحال بأنها تساوي 3.14 لكن ما يميز قيمة الرقم باي ويجعلها مثيرة للاهتمام حول العالم بأن الرقم بحد ذاته (بعد الفاصلة) غير نهائي! وتسلسل هذه الأرقام (بعد الفاصلة) مرتبة بشكل لا يمكن توقعه. وهنا يكمن سر قيمة باي الذي يشعل حماس العلماء وفضولهم لإيجاد طرق جديدة أو طرق أسرع لاحتساب قيمة باي وتحطيم المزيد من الأرقام القياسية. الطريف بالأمر هو أن الحواسيب الخارقة والتي تستطيع احتساب قيمة باي من خلال عدد كبير للغاية، لم يتم الاعتماد عليها في تحطيم الرقم القياسي الجديد من قبل فريق العالمة إيما في غوغل، فقد استخدم فريقها خدمة سحابية تجارية متاحة من قبل الشركة نفسها كما ذكر آنفاً، لذلك أدرك العلماء بأن الفائدة متبادلة بين احتساب قيمة باي التي تساعد في إنشاء حواسيب خارقة جديدة من جهة، وبين الحواسيب الخارقة الجديدة التي يمكن من خلالها تحطيم أرقام قياسية في حساب قيمة باي من جهة أخرى بالمستقبل!

انضم الآن مجاناً لتصبح عضواً متميزاً في مجلة اليابان للحصول على آخر المستجدات والأخبار من الموقع مع العديد من العروض والمفاجآت! (اضغط هنا)