كشفت شركة توشيبا اليابانية بأنها تعمل على تطوير خوارزمية حاسوبية “خارقة” قادرة على منافسة أداء الحواسيب الكمّية شديدة السرعة، ببساطة شديدة.
أجزاء من الثانية تفصل بين النجاح والفشل
يعتمد الآلاف من رجال الأعمال والمستثمرين حول العالم على أجزاء من الثانية أحياناً لاتخاذ قرارت مصيرية تتمحور حول بيع وشراء الأسهم في البورصات العالمية. وتعتمد البورصات بدورها على خوارزمية حاسوبية (أو عدة خوارزميات) وشبكة معقدة من أدوات الاتصال لنقل تلك المعلومات من قارة لأخرى ومن دولة لأخرى.
وكثيراً ما يرتبط نجاح الصفقات الحساسة بسرعة نقل المعلومات من بورصة لبورصة أخرى، حيث تستثمر شركات الأموال العالمية مليارات الدولارات لجعل نقل معلومات الأسهم أكثر فعاليةً وسرعةً من السابق، حتى لو كان ذلك يعني تقليل التأخير في نقل البيانات بأجزاء من الثانية فقط.
وفي ظل هذه الحاجة المُلّحة، تعدُ توشيبا اليابانية بخوارزمية حاسوبية “خارقة” وجديدة تفوق أي خوارزمية تم تطويرها، من ضمنها خوارزميات أكثر الحواسيب الخارقة تقدماً في العالم. حيث تقول توشيبا بأن لديها التكنولوجيا المناسبة لتطوير خوارزمية متطورة، لديها القدرة على إجراء عدد هائل جداً من الحسابات في أجزاء من الثانية فقط.
مقال ذو صلة: نهاية الفصل النووي في توشيبا!
حواسيب كمّية دون مكوناتها المعقدة
تقول توشيبا بأن الخوارزمية التي تعمل عليها تدعى “خوارزمية المحاكاة المتشعبة” أو “simulated bifurcation algorithm”، وصُممت لاستخلاص قوة الحواسيب الكمّية دون الحاجة لاستخدامها أو استخدام مكوناتها المعقدة. وتكلف الحواسيب الكمّية عادةً ملايين الدولارات لتطويرها، ويجب حفظها في درجات الصفر المطلق لتعمل بشكلٍ مناسب؛ كما أنها لا تزال قيد التطوير ومجالاتها التطبيقية العملية ما زالت محدودة.
ويقول “كوسوكيه تاتسومورا” – وهو باحث وعالم ياباني في مختبرات توشيبا للحواسيب – بأن الخوارزمية الجديدة يمكنها العمل على الحواسيب العادية، ويقول أيضاً: “يمكنك ببساطة وضع الخوارزمية على أي خادم وتشغيله بدرجة حرارة الغرفة”. مشيراً إلى الفرق بين الخوارزمية وطريقة عمل الحواسيب الكمّية والتي تحتاج لدرجات حرارة منخفضة جداً للعمل.
وصرحت توشيبا بأنها تحتاج لشريك من عالم الأعمال (والبورصات) من أجل أن تضع خوارزميتها الجديدة تحت الاختبار بحلول العام القادم، كون أسواق الأموال العالمية تعتمد غالباً على الوقت وكفاءة المعدات لنقل المعلومات بشكلٍ سريع، وهي مهمة صعبة نظراً لمحدودية التقنية المستخدمة حالياً وعدم جاهزية الحواسيب الكمّية التي تعمل عدة دول على تطويرها حالياً.
حيث يُعرف عن توشيبا باعها الطويل في تطوير تقنيات متقدمة ومعقدة عديدة، وتصدرت الشركة الأخبار في العام الماضي بعدما صرحت بأنها طورت جهاز متقدم يكشف عن عشرات الأنواع من مرض السرطان بدقة تصل إلى 99% عبر قطرة دم واحدة فقط!
مقال ذو صلة: توشيبا تطور طريقة للكشف عن السرطان عبر قطرة دم واحدة
أجزاء من الثانية
بالرغم من أن إعلان توشيبا قُوبل بالكثير من الشكوك في عالم الأعمال، إلا أن الشركة تزعم أيضاً بأن خوارزميتها الجديدة والتي تدعى “SBA” كاختصار، قادرة على حساب التحويلات المالية للعُملات المختلفة في أجزاء من الثانية. وتعاقدت الشركة مع العديد من الخبراء الماليين حول العالم من أجل إجراء أول تجربة حقيقية لهذه الخوارزمية على أرض الواقع بحلول مارس/أذار 2021.
ويقول المدير التنفيذي لشركة توشيبا “نوبوئكي كوروماتاني”: “عالم الأسواق المالية هو التطبيق العملي الأكثر شيوعاً” وأكمل قائلاً خلال مقابلة: “ولكن هناك عدة تطبيقات عملية أخرى. هذه التكنولوجيا تمتلك إمكانية كبيرة”. ويزعم المدير التنفيذي للشركة أن الخوارزمية قادرة على التفوق على أي خوارزمية حاسوبية أخرى، بالرغم من أنها لم تختبر على أرض الواقع بشكلٍ حقيقي حتى الآن.
ويجادل عدة خبراء أن خوارزمية توشيبا الجديدة لن تشكل فرقاً شاسعاً في عالم الأسواق المالية، كون الأسواق المالية تعمل بكفاءة جيدة حالياً متعمدةً على التكنولوجيا المستخدمة حالياً. ويذكر الخبراء أن ربما على توشيبا التفكير باختيار مجال بالإضافة للأسواق المالية، لتجرب فيه هذه الخوارزمية؛ كتطوير أدوية جديدة بسرعة عالية، والشحن المعقد للفضاء وغيرها من المجالات التي تتطلب سرعة كبيرة في الحساب.
من أين جاءت هذه الفكرة؟
جاءت فكرة هذه الخوارزمية في الأصل من الباحث والعالم الياباني “هاياتو غوتو” في عام 2015، عندما كان يختبر مدى تغير خواص الأنظمة المعقدة عند إدخال تغيير مفاجئ عليها. ولقب هذه الظاهرة باسم “bifurcation” والتي تعني “التشعب” أو “التفرع”. وبعد سنتين من البحث، توصل “غوتو” إلى إمكانية استخدام مبدأ “التشعب” لتطوير خوارزمية تعمل بنفس سرعة خوارزميات الحواسيب الكمّية، دون الحاجة لبناء حاسوب كمي على الإطلاق.
ولجأ العالم “غوتو” إلى الخبير في مجال أشباه الموصلات “كوسوكيه تاتسومورا” ويعمل لدى توشيبا كباحث رائد. وتمكن “غوتو” بالتعاون مع “تاتسومورا” من جعل الخوارزمية تجري عمليات حسابية عديدة بالتوازي وفي آنٍ واحد. حيث كشفت توشيبا في الأصل عن هذه الخوارزمية في شهر أبريل/نيسان 2019، ولم يحظى إعلان توشيبا بالكثير من الاهتمام في البداية.
ولكن في أكتوبر/تشرين الأول 2019، كشفت توشيبا بأن نموذجها الأولي من الخوارزمية تمكن من تحديد فرص لعمليات ناجحة تتعلق ببيع وشراء عُمل مالية خلال 30 مايكروثانية فقط (تساوي المايكروثانية واحد من المليون من الثانية)، مما يرفع احتمالية إجراء عمليات شراء وبيع ناجحة بنسبة 90%. حيث جذب هذا الأمر بدوره أنظار شركات كبيرة في عالم الأسواق المالية.
سلاح ذو حدين
تسعى دولٌ كثيرة وشركات خاصة رائدة، لتطوير حواسيب كمّية فائقة السرعة، حيث احتدت المنافسة بشكلٍ كبير بين عدة دول وشركات لتطوير مثل هذه التكنولوجيا. و وصلت المنافسة ذروتها عندما أعلنت شركة غوغل في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2019 بأنها حققت “التفوق الكمّي” والذي يعني بأنها تمكنت من برمجة حاسوب كمّي لأداء عمليات حسابية، تعجز الحواسيب الخارقة والمتقدمة الحالية عن أدائها.
وقالت شركة غوغل آنذاك بأن حاسوبها الكمّي تمكن من أداء عملية حسابية شديدة التعقيد خلال 200 ثانية فقط، ويتطلب أداء نفس العملية الحسابية نحو 10 آلاف سنة في حال استخدم أسرع حاسوب خارق في جعبة البشرية! ولكن غوغل تعرضت للعديد من الانتقادات آنذاك بسبب تصريحها، حيث قال خبراء في شركة “IBM” الأمريكية الرائدة في مجال الحواسيب والرقائق، بأن أحد حواسيب الشركة الخارقة قادرٌ على إنجاز نفس العملية الحسابية في غضون أيام على عكس ما تزعمه غوغل.
وبغض النظر عن المنافسة المحتدة وروعة الحديث عن سرعة الحواسيب الكمّية الخيالية وتقنيتها المعقدة، تتطلب مثل هذه التكنولوجيا – الحواسيب الكمّية – موارداً كبيرة لتشغيلها، وملايين الدولارات في البحث والتطوير! حيث يحتل حاسوب غوغل الكمّي “البدائي” مساحة أكبر من ملعب لكرة السلة داخل مختبرات “أوك ريدج” الوطنية في ولاية “تينيسي” الأمريكية.
ويقول “كازويوكي تاكيدا” وهو خبير في مجال الأسواق المالية والحواسيب: “حالياً، ما نستطيع القيام به بواسطة مثل هذه الحواسيب الفائقة ما زال محدوداً” وأكمل قائلاً: “سيتطلب الأمر وقتاً أطول لنمتلك تطبيقات عملية نستطيع استخدام الحواسيب الكمّية فيها، ربما 10 أعوام أو أكثر”. وعلى هذا الأساس تعمل توشيبا لتطوير خوارزمية حاسوبية عملية تناسب الوقت الآني عوضاً عن تطوير تكنولوجيا تسبق وقتها قد لا يحتاجها البشر مطلقاً. وتأمل توشيبا أن تحول خوارزميتها إلى خوارزمية تجارية تعمل في جميع المجالات حول العالم.
مقال ذو صلة: سوبركمبيوتر جديد بسرعة 400 كوادرليون عملية في الثانية
المصادر:
شركة توشيبا اليابانية – هيئة الإذاعة والتلفزيون اليابانية – صحيفة “Japan Times” اليابانية – وكالة كيودو اليابانية – بيان صحفي لشركة توشيبا
صورة المقال الأصلية: على اليمين حاسوب غوغل الكمّي | على اليسار رقاقة حاسوبية من توشيبا | صورة تعبيرية
وااااو مزيد من التقدم يااااارب
مواضيعكم متنوعة ..وهي ذات مستوى وجودة عاليين
شكرا لكم..مزيدا من التألق
هل يمكن الحصول على مثل هذا الحاسوب
جيد جدا لكن ماهي نسبة النجاح وهل متفيرات وتشعبات العضوية الطبعية يمكن ان تتوقع واتخاذ الجراءات المناسبة لها لضمان المطلوب وتحقيقه
كيفية التواصل مع مدير المشروع لامكانية التعاون معكم في سبيل تطوير هذي التقنيه .
مرحباً صديقنا العزيز، يمكنك التواصل معنا وتوضيح الطلب أكثر عبر البريد الإلكتروني التالي:
[email protected]
شكرا لك على حسن متابعتك.
مقال رائع لم اعلم ان الحواسيب قد وصلت سرعتها الى 400 هذه الخوارزمية رائعة
امر معقد
شكرا على المعلومات
الحاجة أم الاختراع
هذا تقدم مذهل
نتمني ان نصل الي ما وصلوا اليه من هذا التقدم
نتمني ان نصل الي ما وصلوا اليه من هذا التقدم
روعة
انه بالفعل عمل واجتهاد وابداع
لم تكفي شركة توشيبا لازالت تطور وتتقدم
العمل في البورصة يقود إلى الجنون. اسأل ماثيو ماكوهني
رائع جدا وستسهل من العمل. ما جذبني انها ستعمل على الحواسيب العادية.
حواسيب عملاقة
السرعات التي يتحدثون عنها خيالية جداااااا ومذهلة
خوارزمية المحاكاة المتشعبة اخر ماتوصلت له توشيبا من اجل منافسة الحواسيب الكمية فهل ستنجح يا ترى؟
الحواسيب الكمية اصبحت الشركات تتتافس على صنعها و تطويرها بكثرة