إن مصطلح (ヤクザ) «الياكوزا – Yakuza» يطلق بشكل عام على المنظمات الإجرامية أو المافيا في اليابان. والتي تعرف أيضاً باسم «غوكودوو». تأسست الياكوزا في عام 1925 على يد “كينئيتشي ياماموتو” إلا أن جذورها تمتد إلى بداية حقبة إيدو في القرن السابع عشر. وفي هذا المقال نستعرض أهم المعلومات والتفاصيل المتعلقة بالياكوزا.
تنبيه: قد يكون هذا المحتوى غير لائق للبعض ويتضمن معلومات صادمة وهو غير مناسب لمن هم تحت سن 18.
من هم الياكوزا؟
يعود تاريخ منظمة الياكوزا إلى حقبة إيدو في اليابان والتي امتدت من 1603 وحتى 1868 ميلادية. ونشأت هذه المنظمة في الأصل من بقايا أشخاص كانوا منبوذين مجتمعياً وفق قوانين الشوغنية اليابانية آنذاك (الحكومة الإقطاعية). وبعيد الحرب العالمية الثانية، ازداد تعداد أفراد منظمة الياكوزا بشدة. حيث قدرت الحكومة اليابانية أن عدد أفرادها وصل إلى نحو 102 ألفاً، مع أكثر من 2500 عائلة أو عشيرة مختلفة في تعداد عام 2007. وبطبيعة الحال، اليابان كغيرها من الدول تحصل فيها الجرائم، تورطت منظمات الياكوزا الإجرامية في اليابان بمجموعة واسعة من الجرائم. ومنها:
القتل: تُعد الياكوزا مسؤولة عن العديد من جرائم القتل في اليابان، بما في ذلك الاغتيالات السياسية والجرائم العاطفية.
التهريب: تقوم هذه العصابات بتهريب الكثير من الأسلحة، علاوةً على الاستخدام غير المرخص وغير القانوني للسلاح بمختلف أنواعه من سكاكين وسيوف وحتى الرشاشات والبنادق والمسدسات.
الابتزاز: تستخدم الياكوزا الابتزاز للحصول على المال أو السلع من الشركات والأفراد.
المخدرات: تعد اليـاكوزا من أكبر تجار المخدرات في اليابان، حيث تبيع مجموعة واسعة من المخدرات، بما في ذلك الكوكايين والهيروين.
الاحتيال: تستخدم الياكـوزا مجموعة متنوعة من أساليب الاحتيال، بما في ذلك التزوير والاختلاس.
الدعارة: تدير الياكوزا العديد من بيوت الدعارة في اليابان.
الفساد: الياكـوزا متهمة بشراء الحماية من بعض “المسؤولين الحكوميين”.
في الآونة الأخيرة، توسعت اليـاكوزا في الأنشطة الاقتصادية المشروعة، مثل العقارات والأعمال التجارية. ومع ذلك، فإنها لا تزال تشارك في مجموعة واسعة من الأنشطة الإجرامية.
هل كل أعضاء اليـاكوزا من الرجال؟
على الرغم من أن مجتمع الياكـوزا ذكوري (أي معظمه من الرجال)، إلا أن هناك أعضاء من النساء أيضاً. وهنّ زوجات الأعضاء ذوي الرتب العالية في الياكوزا، خصوصاً الرئيس الكبير في المنظمة. ويطلق عليهنّ اسم “آني سان”.

اشتهرت الياكـوزا بتبنيها طقوس شبيهة بطقوس الساموراي القديمة. وطرقها الدموية في الإدارة أحياناً. كما يتميز أعضاؤها بالوشوم التي تغطي أجسادهم، متفاخرين بها كعلامة على نفوذهم وقوتهم. وصل عدد أعضاء الياكوزا في الستينيات إلى نحو 104,000 شخص لكن عددهم تراجع إلى أن وصل لأقل من 23 ألفاً في آخر تعداد. كانت في مرحلةٍ من المراحل من أقوى وأغنى المافيات في العالم، حيث وصلت ثروتها إلى نحو 100 مليار دولار.

أغرب طقوس الياكـوزا: يوبيتسوميه – 指詰め

كما تتبنى الياكوزا العديد من الطقوس القديمة التي أصبحت مع مرور الزمن جزءاً من طرق إدارتها. فعلى سبيل المثال، يمارس أفرادها طقساً قديماً يطلق عليه “يوبيتسوميه” أو “أوتوشيميه”. ويقصد به تقصير الإصبع! حيث يتم من خلال هذا الطقس قطع جزء من أحد الأصابع. وغالباً يتم قطع إصبع الخنصر أو جزء منه. وهي طريقة رمزية لدى الياكوزا للتكفير عن الأخطاء أو إظهار الاعتذار الصادق والندم للشخص المراد الاعتذار منه ضمن عصابة الياكوزا.
وفي بعض الأحيان، لا يكتفي الرئيس بتقصير الإصبع. بل يأمر الفرد المقصر أو المخطئ بأكثر من ذلك، مثلاً أن يقتل أحداً من الأشخاص المطلوبين لدى الرئيس، أو أن يمنحه الملكية الكاملة لعقار أو شركة يديرها هذا الشخص!

لماذا لم تتمكن السلطات من القضاء على عصابة اليـاكوزا سابقاً؟
هناك عدة أسباب لعدم تمكن السلطات اليابانية سابقاً من القضاء على عصابة الـياكوزا.
أولاً، الياكوزا منظمة متماسكة للغاية. ولديها شبكة واسعة من العلاقات داخل اليابان وخارجها. هذا يجعل من الصعب على السلطات تتبع أنشطتها وملاحقتها. ثانياً، الياكوزا لديها علاقات قوية مع بعض السياسيين والشخصيات البارزة في اليابان. هذا يمنحهم حماية من الملاحقة القانونية. ثالثاً، الياكوزا لديها أموال طائلة يمكنهم استخدامها للرشوة والابتزاز. هذا يمنحهم مزيدًا من السلطة والنفوذ.
ومع ذلك، بدأت السلطات اليابانية في السنوات الأخيرة باتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد الياكوزا. وقد أدى ذلك إلى بعض النجاحات، حيث تم القبض على العديد من أعضاء الياكوزا وإدانتهم.

اليـاكوزا في الوقت الحاضر
تراجع عدد أعضاء «الياكوزا» في اليابان إلى 22,400 عضو وفقاً لبيانات حديثة صدرت من وكالة الشرطة الوطنية، وهو أدنى عدد مسجل على الإطلاق منذ أن بدأت البلاد بمكافحة أنشطة الياكوزا عبر قانون صارم دخل حيز التنفيذ خلال 1991.
وفي عام 2019، بدأت الحكومة المحلية لمدينة كيتاكيوشو، محافظة فوكوكا جنوب اليابان بعمليات هدم لبناية تابعة لمنظمة الياكوزا الإجرامية في المدينة، وتقول الشرطة أن البناية كانت ملكاً لمجموعة تدعى “كودوكاي”، وهي المجموعة الإجرامية الأخطر في البلاد وتعد من أكبر مجاميع منظمة الياكوزا.
وتقول مصادر محلية مطلعة أن الحكومة قد طلبت من مالكي المبنى المغادرة من أجل هدمه، وثم قامت بطرد المجموعة الإجرامية من المدينة بناءً على طلب سكانها.
وفي سابقة قضائية تاريخية، حكمت محكمة محلية في فوكوكا أيضاً في اليوم الـ24 من أغسطس 2021، بالإعــدام على زعيم يـاكـوزا شهير يدعى ساتورو نومورا. وكان نومورا البالغ 74 عاماً، يترأس مـنـظـمـة إجــرامــيــة ســيـئـة السـمـعـة ومجموعة يــاكـوزا تدعى “كودو – كاي” في كيتا كيوشو بمحافظة فوكوؤكا لأعوام طويلة.
و وفق مصادر، حـكـم عليه بـالإعـــدام بسبب تورطه في 4 جـــرائم عــنــيــفــة، أسفرت إحداها عن مــقــتــل شخص. وحكمت المحكمة بالـسـجـن لمدى الحياة على معاونه والثاني من بعده فوميو تانوويه (65 عاماً). ويجدر بالذكر إن التحقيقات لم تربط الزعيم نومورا بـالـقـضـايـا بصورة مباشرة بسبب حذره الشديد، إلا أن هناك أدلة إلى تشير ترأسه للعمليات منذ أن أطاحت السلطات بـعـصـابـتـه في الأعوام الماضية.
الأعمال الخيرية
برغم الشهرة التي نالتها الياكـوزا بسبب أنشطتها الإجرامية، عرفت أيضاً بأعمالها الخيرية! حيث قامت بتقديم المساعدات عقب حدوث زلزال كوبيه الكبير عام 1995 وتسونامي عام 2011. وهو اتجاه جديد تتخذه الياكوزا بعد ضعفها وانشقاقها على نفسها في العقود القليلة الماضية، حيث بدأت بتحويل أعمالها غير الشرعية لأعمالٍ شرعية، وتسعى لتحسين صورتها أمام المجتمع بالأعمال الخيرية.

المحافظة بسبب وجود عصابات ياكوزا فيها
اقرأ أيضاً: أهم المعلومات عن الساموراي
ما هو مستقبل عصابات اليـاكوزا؟
من المرجح أن تستمر عصابات اليـاكوزا في التراجع في المستقبل، وذلك لعدة أسباب، منها:
- التقدم الاقتصادي والتكنولوجي في اليابان: أدت التغيرات الاقتصادية والتكنولوجية في اليابان إلى انخفاض فرص الجريمة المنظمة، حيث أصبح من الأسهل على الشركات والمؤسسات الحصول على الائتمان والتمويل، كما أصبح من الأسهل على الشرطة مراقبة ورصد أنشطة عصابات الياكوزا.
- تغير القيم الاجتماعية في اليابان: شهدت اليابان في السنوات الأخيرة تحولًا في القيم الاجتماعية، حيث أصبحت القيم التقليدية مثل الولاء والشرف أقل أهمية، مما أدى إلى انخفاض جاذبية الياكوزا لدى الشباب الياباني.
- الضغوط الحكومية: تفرض الحكومة اليابانية ضغوطًا متزايدة على عصابات الياكوزا، حيث أصدرت قوانين جديدة تجعل من الصعب على العصابات العمل بشكل علني.
ومع ذلك، من غير المرجح أن تختفي عصابات الياكوزا تمامًا، حيث من المحتمل أن تظل موجودة في شكلها الحالي أو في شكل آخر. ومن الممكن أيضًا أن تتحول عصابات الياكوزا إلى أنشطة غير إجرامية، مثل العمل الخيري أو الاستثمار العقاري.