التدخين في اليابان

يعتبر التدخين من أكثر العادات شيوعًا في اليابان، حيث يقدَّر أن أكثر من 20% من البالغين في البلاد من المدخنين. ومع ذلك، فقد عملت الحكومة اليابانية في اتخاذ إجراءات أكثر صرامة للحد من التدخين، بما في ذلك حظر التـدخين في الأماكن العامة الداخلية. في هذا الموضوع، نسلط الضوء على كيفية تعامل السلطات مع التدخين مع أهم النصائح لمن يرغب من المدخنين بالسفر إلى اليابان.

لمحة تاريخية

تم إدخال التبغ إلى اليابان من قبل الأوروبيين في القرن الخامس عشر. ومع مرور الوقت، أصبح التدخين عادةً شائعةً بدرجة كبيرة للغاية! فمع ظهور التصنيع في القرن التاسع عشر، أصبح التدخيـن أكثر شيوعًا. وقد شجعت الشركات المصنعة للسجائر التـدخين كطريقة للتخفيف من الإجهاد وزيادة الإنتاجية! بل إنّه قد وصل ذروته ليصل إلى نسبة 80% بين الرجال خلال ستينات القرن الماضي! ومع ذلك، انخفض معدل التدخـين بالعقود الأخيرة في اليابان بشكل كبير. ويرجع ذلك إلى العديد من العوامل، بما في ذلك حملات التوعية الصحية والحملات الحكومية لمكافحة التدخـين.

الأمراض ومعدل الوفيات

ترتبط العديد من الأمراض بالتدخين مباشرةً. والأمراض الأكثر شيوعًا في اليابان هي سرطان الرئة ومرض الانسداد الرئوي المزمن (COPD) وأمراض القلب والسكتة الدماغية واضطرابات الجهاز التنفسي المختلفة. سرطان الرئة هو الأكثر شيوعًا ، ويمثل عددًا كبيرًا من الوفيات الناجمة عن التدخـين.

اقرأ أيضاً: تمارين مساعدة في حال تعرضك لمرض الانسداد الرئوي المزمن COPD

وفي عام 2020، توفي ما يقدر بـ 130 ألف شخص في اليابان بسبب التـدخين. وهذا يمثل نحو 20% من جميع الوفيات في البلاد. وتشمل الأسباب الرئيسية للوفاة بسبب التـدخين في اليابان سرطان الرئة، وأمراض القلب، والسكتة الدماغية، وأمراض الجهاز التنفسي الأخرى. وعلى الرغم من أن معدل التدخـين في اليابان قد انخفض بشكل كبير في السنوات الأخيرة، إلا أنه لا يزال مشكلة صحية خطيرة للغاية.

كيف تتعامل السلطات اليابانية مع مخاطر التـدخـين؟

قبل الإجابة عن هذا السؤال، لابد من الأخذ بعين الاعتبار أن مخاطر التدخـين ليست محصورةً بالمدخنين وحسب، بل تشمل أيضاً المدخنين السلبيين! وهم الأشخاص الذين لا يدخنون لكنهم يتعرضون للدخان المنبعث من مدخنين آخر. وبما أنّ دخان التبغ يحتوي على أكثر من 7000 مادة كيميائية، بما في ذلك أكثر من 70 مادة كيميائية مسرطنة (مثل: النيكوتين، والقطران، والأمونيا، والأول أكسيد الكربون، وأول أكسيد النيتروجين)، تبذل السلطات اليابانية جهوداً كبيرةً للغاية من أجل تقليص ظاهرة التدخـين في المجتمع الياباني. لعلّ أبرز من هذه الطرق ما يلي:

• فرض حظر التدخـين في الأماكن العامة المغلقة: فرضت الحكومة اليابانية حظرًا على التـدخين في جميع الأماكن العامة المغلقة، بما في ذلك المطاعم والمقاهي والحانات والفنادق.
• تخصيص أماكن محددة للتدخين في الأماكن المفتوحة.

• فرض ضريبة عالية على السجائر: تفرض الحكومة اليابانية ضريبة عالية على السجائر، وهي واحدة من أعلى ضرائب السجائر في العالم.
• تقديم الدعم المالي والاستشارات للأشخاص الذين يرغبون في الإقلاع عن التدخين: تقدم الحكومة اليابانية الدعم المالي والاستشارات للأشخاص الذين يرغبون في الإقلاع عن التـدخين. وتشمل هذه الخدمات برامج الإقلاع عن التدخـين المجانية، وبرامج إعادة التأهيل، بالإضافة إلى الأدوية المساعدة في الإقلاع عن التدخين.

ومن المثير للاهتمام، أنه توجد الكثير من آلات البيع الآلي في اليابان، بما في ذلك الآلات المخصصة لبيع دخان التبغ. لكن الشراء متاح فقط لمن يحملون بطاقات TASPO التي تضمّ صورةً شخصيةً لصاحبها والتي يمكن لماكينات البيع الآلي التحقق من خلال هذه البطاقات من أعمار الذين ينوون شراء السجائر عبرها. فلا يسمح لمن هم دون سنّ العشرين بالتدخين وذلك على الرغم من تخفيض السن القانوني للبلوغ في اليابان عام 2022 إلى سنّ 18، لكن بقي السن القانوني للتدخين عند العشرين عاماً نظراً لشدة خطورة التدخين وحرص الحكومة اليابانية على تكثيف جهودها لمكافحته.

بالإضافة إلى الجهود الحكومية، هناك العديد من المنظمات غير الحكومية في اليابان تعمل على مكافحة التدخين. وتركز هذه المنظمات على توعية الناس بالمخاطر الصحية للتدخين، وتوفير الدعم للأشخاص الذين يرغبون في الإقلاع عن التدخين.

التحديات

على الرغم من الجهود المبذولة لمكافحة التدخين في اليابان، إلا أنّ الإقلاع لايزال صعباً لدى الكثير من المدخنين فيها. لعلّ قصة هذا الرجل بالمقطع أعلاه أحد أبرز الأمثلة عند التحدث عن صعوبة الإقلاع عن التدخين. وذلك بسبب البعد عن الأصدقاء المدخنين الذين اعتاد المدخنون مرافقتهم فيشعرون بالوحدة عند الابتعاد عنهم لذلك يضطرون للعودة إلى التدخين. كما أنّ نسبة كبيرة من المدخنين يجدون السجائر الإلكترونية حلاً بديلاً يمكن اعتماده بدلاً من الإقلاع عن تدخين السجائر العادية. صحيحٌ أن ضرر السجائر الإلكترونية أقلّ بالمقارنة مع السجائر العادية (بسبب عدم انبعاث القطران منها مع غاز أول أكسيد الكربون)، لكنها تحتوي على النيكوتين! وهي مادة مسببة للإدمان ولها تأثيرات سلبية على الصحة أيضاً.

نصائح للمدخنين عند السفر إلى اليابان

يُنصح المدخنين الأجانب الذين يخططون لزيارة اليابان أن يكونوا على دراية لحقوق غير المدخنين مع احترامها. ولابد من أن يتبعوا قواعد مناطق التدخين المخصصة. كما ينصح بحمل طفاية سجائر (منافض) محمولة للتخلص من أعقاب السجائر بشكل صحيح. بالإضافة إلى ذلك، من المهم تجنب التدخين أثناء المشي أو في المناطق المزدحمة واستخدام أماكن التدخين المخصصة عند توفرها.

علاوةً على ذلك، يجب أن يكون المسافرون الأجانب على دراية بالتكلفة العالية للسجائر في اليابان مقارنةً بالدول الأخرى. وتتوفر السجائر بأسعار معقولة لدى آلات بيع التبغ أو المتاجر المعفاة من الرسوم الجمركية في المطارات.

وأخيراً، بالنسبة لأولئك الذين يرغبون في الإقلاع عن التدخين أو التقليل من هذه العادة، من المفيد البحث عن الدعم. حيث توفر اليابان العديد من أنظمة الدعم، بما في ذلك خدمات الاستشارة وبرامج الإقلاع عن التدخين. كما يمكن أن يساعد هذا الدعم المدخنين الأجانب بشكل كبير في رحلتهم نحو حياة خالية من التدخين مستقبلاً.

اقرأ أيضاً: اليابان متأخرة رقمياً!

في الختام، يظل التدخين مصدر قلق كبير في اليابان، مما يؤدي إلى عدد كبير من الوفيات كل عام. يجب على المدخنين الأجانب الذين يرغبون في زيارة البلاد أن يتعرفوا على اللوائح المتعلقة بالتدخين ويحترموا حقوق غير المدخنين حفاظاً على صحتهم. يمكن أن تساهم ممارسات صحية مثل الإقلاع عن التدخين في تحسين رفاه المرء بشكل كبير أثناء الاستمتاع بجمال وثقافة اليابان.

انضم الآن مجاناً لتصبح عضواً متميزاً في مجلة اليابان للحصول على آخر المستجدات والأخبار من الموقع. مع العديد من العروض والمفاجآت! (اضغط هنا)

المصادر

• المركز الوطني للإحصاء وعلم السكان في اليابان
• وزارة الصحة والعمل والرعاية الاجتماعية في اليابان
• منظمة الصحة العالمية
• وقايتي

صورة المقال الرئيسية:

Photo by Andres Siimon on Unsplash