نسلط الضوء في هذا الموضوع على حقبة أزوتشي-موموياما التاريخية الممتدة من عام 1573 وحتى عام 1603. مع استعراض أبرز الأحداث التي جرت في اليابان إبّان تلك الحقبة التي تعتبر من أقصر الأحقاب التاريخية التي مرت بها اليابان.
أول من سعى لتوحيد اليابان
قبل أن نبدأ بسرد أحداث حقبة أزوتشي-موموياما، سنتطرق قليلاً في الحديث عن أحد أبرز أمراء الحرب في القرن السادس عشر وهو “أودا نوبوناغا”. وهو الذي قام بأولى الخطوات الكبرى لتوحيد اليابان من خلال بسط سيطرته على كيوتو في عام 1568 وتمكن من الإطاحة بالحكومة العسكرية فيها عام 1573 لتنتهي في تلك الفترة حقبة موروماتشي.

في عام 1559، تمكن “أودا نوبوناغا” من بسط سيطرته على منطقة “أواري”، والتي تعرف اليوم بمدينة ناغويا. وكان كغيره من أمراء الحرب في تلك الفترة، حريصاً على توحيد اليابان وبسط سيطرته على الموقع الاستراتيجي في العاصمة عام 1568. وبعد تثبيت دعائم سلطته في كيوتو، واصل “نوبوناغا” حملته في القضاء على خصومه. وكان من بينهم بعض الطوائف البوذية المتشددة وخصوصاً طائفة “إيكو” (التي تعرف نفسها باسم طائفة الأرض النقية). هذه الطائفة كانت تشكل تهديداً قوياً لمستقبل “نوبوناغا” لأنها كانت قوية في العديد من المناطق والمقاطعات. فعمل “نوبوناغا” على تدمير دير إنرياكوجي التابع للطائفة بالقرب من كيوتو بشكل كامل في عام 1571. واستمرت معركته ضد طائفة “إيكو” حتى عام 1580.
كان “نوبوناغا” محظوظاً من ناحية القدرة التنافسية مع باقي خصومه. لأن اثنين من أخطر منافسيه في الشرق وهما “تاكيدا شينجين” و “أوسوجي كينشين” قد ماتا قبل أن يتمكنا من مواجهة “نوبوناغا”! فبعد وفاة “شينجين”، قام “نوبوناغا” بإلحاق هزيمة ساحقة بعشيرة “تاكيدا” في معركة ناغاشينو الشهيرة عام 1575.
الحظ الجيد يخدم نوبوناغا
لكن الحظ الجيد لم يستمر طويلاً مع “نوبوناغا”، فسرعان ما انتهت سلسلة انصاراته حين قام الجنرال “أكيتشي” بقتل “نوبوناغا” في عام 1582 والاستيلاء على قلعته “أزوتشي”. لكن الرد الانتقامي كان سريعاً للغاية! حيث قام “تويوتومي هيديوشي”، أحد جنرالات نوبوناغا، بالثأر له. وتمكن من استعادة السيطرة على قلعة “أزوتشي” مجدداً. استمر “هيديوشي” بتصفية بقية خصومه ومنافسيه حتى قام بإخضاع المناطق الشمالية مع شيكوكو لسيطرته في عام 1583. ثم بسط سيطرته ونفوذه على كيوشو في عام 1587. ثم تمكن من توحيد اليابان أخيراً بعد أن هزم عائلة “هوجو” في أوداوارا عام 1590.
بسط سيطرة هيدويوشي
سعياً منه لبسط سلطته المطلقة على البلاد، قام “هيديوشي” بتدمير كافة القلاع التي تم بناؤها في مختلف أنحاء البلاد خلال فترة الحروب الأهلية. وقام بمصادرة أسلحة كافة المزارعين وأتباع الطوائف الدينية في عام 1588. ومنع محاربي الساموراي من مزاولة الزراعة وإجبارهم على الانتقال إلى القلاع. حيث تعمّد الإمعان في التمييز بين الطبقات الاجتماعية من أجل زيادة نفوذ وسلطة الحكومة على كافة هذه الطبقات. ولضمان ذلك أيضاً قام بإجراء مسح للأراضي عام 1583، وعمل على إجراء إحصاء للسكان عام 1590. وقد أنهى في ذات العام تشييد قلعة “هيديوشي” الكبرى، المعروفة اليوم بقلعة أوساكا.

اقرأ أيضاً: تاريخ المسيحية بالياباناقرأ أيضاً: تاريخ المسيحية باليابان
وفي عام 1587، أصدر “هيديوشي” مرسوماً بطرد المبشرين المسيحيين. وعلى الرغم من ذلك، تمكن المبشرون الفرنسيسكان من دخول البلاد عام 1593. وظلوا يعملون بالتبشير بنشاط في غرب اليابان. فقام “هيديوشي” باتخاذ المزيد من الخطوات التصعيدية لإعاقة عمل المبشرين من أجل منع التحوّل إلى الديانة المسيحية. فقام بإعدام 26 من هؤلاء المبشرين كتحذير. ويشير مؤرخو تلك الفترة إلى تصرف التجار والمبشرين الأجانب بشكل عدواني وغير متسامح تجاه المؤسسات اليابانية، في وقتٍ كان فيه أبناء أوطانهم يغزون ويستعمرون دولاً باسم المسيحية، وذلك وفقاً للمؤرخين اليابانيين.
جنون العظمة الذي أدى إلى الهاوية
بعد إنجازه الكبير في توحيد اليابان. أصيب “هيديوشي” بجنون العظمة ليقوم بغزو الصين. فقامت جيوشه بغزو كوريا عام 1592واستولت على العاصمة سول في غضون أسابيع قليلة! قامت القوات الصينية والكورية بصد الغزاة. لكن “هيديوشي” لم يستسلم وظل يواصل الغزو بعناد حتى آخر عملية إخلاء من كوريا و وفاته في عام 1598. ليخلفه بالحكم من بعده، “توكوغاوا إياسو” الذي كان شريكاً ذكياً لكلٍ من “هيديوشي” و “نوبوناغا”، ليصبح أقوى رجل في اليابان وتنتهي بذلك حقبة أزوتشي-موموياما التاريخية.
صورة المقال الرئيسية:
نموذج لقلعة أزوتشي، إحدى القلاع الرئيسية لأودا نوبوناغا | Taro Nagoya.