يقف «كيوتو أنيميشن» في طليعة الاستوديوهات الرائدة في اليابان. ولن نبالغ إن قلنا بأنه مهد الطريق لولادة العديد من الاستوديوهات الحديثة والشهيرة. في هذا المقال سنتعمق أكثر في تاريخه، وأهم أعماله، وكذلك الحادثة المروّعة التي طالت الاستوديو عام 2019.
تاريخ كيوتو أنيميشن
يعرف «كيوتو أنيميشن – Kyoto Animation» باسم “كيوآني – KyoAni” بين محبيه. تأسس الاستوديو في 1981 على يد «يووكو هاتا» وزوجها «هيديئكي هاتا» الذي يخدم الآن كرئيسه. بدأ الاستوديو بداية متواضعة، حيث تعاون في البداية مع استوديوهات أخرى، قبل أن يتطور في عام 1985 وما بعدها، ويصبح قوة مستقلة أعادت تشكيل المشهد في صناعة الأنمي.
بذل الزوجان كل جهودهما في بداية مشوار الاستوديو، لخلق بيئة مثمرة ومبتكرة للمحركين والرسامين. وكان ذلك الأساس للنجاح المستقبلي الذي شهده «كيوتو أنيميشن». إذ التزم الاستوديو بإنتاج محتوى عالي الجودة وبلمسة فنية مميزة جعلته يحظى بمكانة مرموقة في اليابان وحول العالم.
أفضل 10 أعمال أنتجها الاستوديو
لاستوديو «كيوتو أنيميشن» نمط مختلف عن الكثير من الاستوديوهات المعاصرة والقديمة أيضاً. حيث يركز على إنتاج أعمال وقصص عاطفية ومؤثرة وخفيفة وكوميدية لا تحتوي على الكثير من الأكشن والإثارة عادةً. ولكن هذه النقطة هي التي دفعته إلى مقدمة الاستوديوهات في اليابان.
فيما يلي أفضل 10 إبداعات من الاستوديو:
- أنمي كلاناد (Clannad): قصة مؤثرة عن الحب والفقدان والأسرة، يستكشف كلاناد الحالة الإنسانية بلمسة حساسة.
- أنمي كي-أون! (K-On): هذا العمل الموسيقي يتتبع رحلة دافئة لمجموعة من الفتيات في المدرسة الثانوية، وهي حافلة بروابط الصداقة والموسيقى.
- أنمي فايوليت إيفرجاردن (Violet Evergarden): سلسلة بصرية رائعة تتناول الصراعات العاطفية لجندي سابق يسعى لهدفٍ ما من خلال كتابة رسائل مؤثرة.
- أنمي The Melancholy of Haruhi Suzumiya: سلسلة تتحدى التصنيفات، تمزج بين عناصر الخيال العلمي والحياة اليومية.
- أنمي فري! (Free): قصة تناقش عالم السباحة التنافسية مع التركيز على مواضيع الصداقة واكتشاف الذات.
- سلسلة صدى الصوت (Sound! Euphonium): تلتقط هذه السلسلة جمالية وشغف واجتهاد فرقة موسيقية في المدرسة الثانوية.
- سلسلة لاكي ستار (Lucky Star): جوهرة كوميدية تتبع بذكاء الحياة اليومية لفتيات في المدرسة الثانوية، ويكمن سحرها في بساطتها وخفتها.
- أنمي هيووكا (Hyouka): سلسلة تتمحور حول الغموض وحل الألغاز في مدرسة ثانوية. اشتهر الأنمي حول العالم بسبب شخصياته المحبوبة ومهارة الاستوديو في سرد القصة.
- أنمي تاماكو ماركت (Tamako Market): تستكشف هذه السلسلة الخفيفة العديد من مواضيع المجتمع والعائلة، ومسألة متابعة الأحلام بصورة عامة.
- فيلم صوت صامت (Koe no Katachi): فيلم مشحون عاطفياً، يتناول مواضيع جدلية مثل التنمر والغفران والمدى الذي يؤثر فيه التنمر المدرسي على الضحايا والمتنمرين أنفسهم. حظي هذا الفيلم بجوائز عديدة ونال شهرة واسعة في اليابان وحول العالم بسبب مناقشته لمسألة التنمر من منظور مختلف وإبداعي.
ملاحظة: بسبب كثرة الأعمال التي أنتجت من قبل الاستوديو، ركزنا على الأشهر فقط دون ذكر جميع الأعمال أو الأفلام. إن كان لديك عمل مفضل من الاستوديو شاركنا بالتعليقات أدناه.
الأسباب وراء تميز وشهرة كيوتو أنيميشن
صعود «كيوتو أنيميشن» إلى قمة صناعة الأنمي اليابانية يعزى إلى عدة عوامل رئيسية:
- التفاني الذي يظهره الاستوديو في الحفاظ على معايير عالية في جودة الرسوم على خلاف العديد من الشركات الأخرى.
- يتفوق «كيوتو أنيميشن» في فن السرد القصصي، وهو لا يُضاهى بالنسبة للخبراء في بعض الأحيان. سواءً كان العمل يتناول قصة أصلية أو قصة مبنية على رواية مرئية أو على مانغا يابانية، يقدم الاستوديو لمسته الخاصة دوماً، مدموجة مع عمق عاطفي مؤثر.
- يستحق الاستوديو الإشادة بسبب قدرته على تنمية المواهب، حيث يعتبر برنامج التدريب الداخلي محطة مهمة في خلق بيئة تعاونية وداعمة للرسامين. وتخرّج منه العديد من الرسامين الموهوبين الذين عملوا في شركات أخرى وأنتجوا أعمالاً أيقونية.
مأساة تطال الاستوديو والعاملين فيه
في نحو الساعة الـ10 من صباح الـ18 من يوليو/تموز 2019، استيقظت اليابان على فاجعة حريق المبنى الأول من استوديو «كيوتو أنيميشن» الشهير، الواقع في قطاع فوشيمي بمحافظة كيوتو غرب اليابان. حيث غطت وسائل الإعلام المحلية حريق المبنى الأول التابع للاستوديو دون معرفة ما الذي حدث أو كيف بدأ الحريق.
وبمرور الوقت، تبين بأن عدد العاملين في الاستوديو خلال الحريق كان 70 شخصاً، وإن رجلاً يابانياً قد دخل إلى الاستوديو من بابه الرئيسي وفق شهود عيان، وألقى بكمية كبيرة من الوقود (30 لتراً وفق التحقيقات لاحقاً) في أنحاء المبنى وعلى الموظفين وثم قام بإحراق المبنى ونفسه بينما يصرخ “الموت لكم”.
كان تأثير الهجوم الذي صُنف على أنه هجوم إرهابي، عميقاً في نفوس الجميع وترك أثراً حالكاً لوقتٍ طويل. تسبب الهجوم بوفاة 36 من كبار رسامي الاستوديو والعاملين فيه، وأصاب العشرات أيضاً.
تمكنت الشرطة لاحقاً من القبض على الفاعل والذي يدعى “شينجي أوبا”. ناقشنا قضية الهجوم الإرهابي بالتفصيل في مقال منفصل سابقاً (اضغط هنا للقراءة).
ما بعد الحادثة
على الرغم من الخسارة المدمرة في الأرواح والممتلكات، صمد «كيوتو أنيميشن» صموداً ليس له مثيل، بفضل قيادة رئيسه المخضرم والذكي «هيديئكي هاتا». حيث تضامن العالم كله مع الاستوديو وجمع محبيه تبرعات مالية لدعمه مادياً من أجل المساعدة في نهوضه مجدداً.
استعاد الاستوديو مكانته ورحلته الإبداعية، بفضل الدعم الكبير الذي تلقاه، وأصبحت قصة إصرار العاملين فيه رمز بحد ذاتها في اليابان. ويجدر بالذكر هنا أن الهجوم الإرهابي آنذاك أثار موجة كبيرة بشأن رفاهية الرسامين وصحتهم الذهنية، وأهمية خلق بيئة عمل آمنة من أجلهم.
وخلاصة القول إن «كيوتو أنيميشن» سيدوم لعقود قادمة أخرى، بعد أن رسم قصة جميلة أخرى عن الصمود والانتصار أمام المصاعب، كمثل القصص الخيالية التي أمتعنا بها في الأنمي. وربما سيكون للاستوديو إرث خالد في عالم صناعة الأنمي بسبب رعايته المستمرة للمواهب وصقله لمعايير الإنتاج باستمرار.
كيوتو أنيميشن هي واحدة من أكثر شركات الرسوم المتحركة احتراما في العالم