هايكو 俳句 هو شكل شعري بسيط عن لحظات عابرة في الطبيعة أو تغير الفصول. يكمن جوهر الشكل في كثافته البصرية. حيث يرسم صورة في ذهن القارئ، ويلفت انتباهنا إلى ملاحظة وقصة تلمح إليها الصورة في 17 مقطع فقط! فما هو الهايكو؟ وما قواعد كتابته؟ وما الذي يميزه عن أشكال الشعر الأخرى؟
تبسيط مصطلح هايكو
الهايـكو هو قصيدة قصيرة غير مقفاة تلتزم بتنسيق محدد من ثلاثة أسطر وسبعة عشر مقطعًا لفظيًا، نشأ في القرن السابع عشر في اليابان وأصبح الآن شائعًا في جميع أنحاء العالم. رغم كونه قصيرا إلا أن عند كتابته بشكل صحيح، فإنه يحمل قوة، حيث يتم التقاط لحظة في بضعة مقاطع لفظية؛ ترجمة صورة أو شعور للقارئ بطريقة غير عادية، وليس مجرد ربط المقاطع معًا لإثبات نقطة، ولهذا قد يكون من الصعب جدًا كتابته.
في حين أن المستوى الأول من الهـايكو يقع دائمًا في الطبيعة، فإن المستوى الثاني غالبًا ما يكون تأملًا في الطبيعة، وغالبًا ما يتميز بموضوعات عدم الأنانية والقبول والوحدة والفكاهة والصمت واليقظة والشفقة وحتى الموت. ولهذا السبب فإن الهايكـو هو شكل شعري يستخدم غالبًا في الشفاء العاطفي، لأن الحوار مع الطبيعة أكثر من مجرد ملاحظة؛ فهو يأخذنا إلى داخل أنفسنا.
بنية شعر الهايكو
الهايكو هو قصيدة مكونة من ثلاثة أسطر تتكون من 17 مقطعًا لفظيًا مرتبة على شكل سطر مكون من خمسة مقاطع لفظية، يليه سطر مكون من سبعة مقاطع لفظية، وينتهي بسطر آخر مكون من خمسة مقاطع لفظية. تعتمد قصائد الهايـكو على اللغة حيث يمكن أن يتغير عدد المقاطع اللفظية في كل سطر عند ترجمته، وعلى عكس القصائد الأخرى، فإن قصائد الهـايكو عادة لا تتناغم مع بعضها البعض.
كما أن قصائد الهايكو التقليدية في اللغة اليابانية لا يتم تقسيمها إلى ثلاثة أسطر مميزة بل يتم تقديمها كسطر واحد مستمر من المفترض أن يتم نطقه في نفس واحد. يقترح بعض الخبراء أن الهايـكو في اللغة الإنجليزية يجب أن يتكون بشكل أكثر دقة من 10 إلى 14 مقطعًا لفظيًا ليتناسب بشكل أفضل مع صوت وإيقاع الـهـايكو الياباني التقليدي. لا تتناغم الأبيات الثلاثة للقصيدة، وعادة ما تتجنب الاستعارة والتشبيه والشرح لصالح الصور والتباين. وتدور الأمثلة التقليدية حول الطبيعة والفصول وتهدف إلى التقاط لحظة بسيطة في الوقت.
تاريخ الهايكو في الشعر
في الأصل، كان الهايكو يُعرف باسم هوكو وكان مكونًا من شكل شعري أكبر يُعرف باسم رينجا. رينجا هي قصائد تعاونية طويلة ومترابطة ذات مجموعة صارمة من القواعد والاتفاقيات وعادة ما يكون لها مؤلفون متعددون، وقد نشأ هذا الفن في القرن الثالث عشر. وبحلول القرن السابع عشر، بدأ الشعراء في كتابة هوكو كقطع مستقلة، وبحلول نهاية القرن التاسع عشر، تم عمل إصلاح أثناء العمل فيه، كان أحد إصلاحاته صياغة مصطلح هايـكو.
ومع تزايد شعبية بنية الهايكـو، تمت إضافة المزيد من الميزات الأسلوبية إلى الشكل. يجب أن تحتوي القصائد التقليدية على كيريجي وكيغو.
كيريجي هي كلمة قاطعة تُستخدم عادةً لمقارنة الصور المتناقضة وخلق توقف في تدفق القصيدة، أما الكيغو فهي كلمة تؤسس الهـايكو على موسم معين دون الإشارة بالضرورة إلى اسم الموسم. على سبيل المثال، الإشارة إلى كلمة ume ، التي تعني الزهرة، للإشارة إلى الربيع، أو الإشارة إلى كلمة momiji ، التي تعني الأوراق الملونة، للإشارة إلى الخريف.
القصيدة التي لا تلتزم بهذه المتطلبات لا تُصنف على أنها هايـكو تقليدي، بل تُصنف بدلاً من ذلك على أنها سينريو.
قواعد كتابة الهايكو
يحتوي الهايكو الياباني التقليدي على عدد كبير من القواعد – وهو عدد مدهش، نظرًا لحجمه القصير! ولكن الاستخدام الحديث قد جردها من الكثير من هذه الصفات.
- يحتوي الهايكو على نمط مكون من 5-7-5 مقاطع لفظية.
إحدى طرق تعريف الهايكو هي أنه قصيدة مكونة من 17 مقطعًا لفظيًا في 3 أسطر، مثل هذا:
- 5 مقاطع في السطر الأول
- 7 مقاطع في السطر الثاني
- 5 مقاطع في السطر الأخير.
- يعطي الهايكو لحظة من البصيرة.
حيث ينقل الهايكو لحظة واحدة حيث يرى الشاعر أو يدرك شيئًا فجأة، كما يجب أن يكون الهايكو واضحًا ومباشرًا، مع صور قوية ومختصرة.
- يعتمد الهايكو (عادةً) على الملاحظة.
يعتمد الهايكو على الملاحظة، كما تأتي الرؤية والصور دائمًا من ملاحظة العالم الطبيعي.
4.يتكون الهايكو من جزأين.
قسم ينشئ صورة (غالبًا السطرين الأولين، ولكن ليس دائمًا)، ثم قسم آخر مختلف ولكن متصل – ربما يوحي بتفسير للصورة الأولى، وربما يوحي بتباين، هذه القاعدة تساعد على إعطاء الهايكو التعقيد والاستدارة، على الرغم من الإيجاز،حيث أنها تعلمك كيفية كسر الأنماط وإنشاء اتصالات غير متوقعة في جميع قصائدك.
وفي هذه الطريقة في التفكير، يكون الهايكو بمثابة صاعقة – سريعة، واضحة، ومذهلة، وتُظهر بانوراما كاملة من الفكر في ومضة واحدة. حيث يعلمنا الهايكو قوة الملاحظة، ويعيدنا إلى الطبيعة، ويثبتنا في الحاضر.
الانغماس في عالم الهايكو
يركز الهايكو على لحظة صغيرة من الطبيعة، وسيختفي ضجيج العالم الخارجي عندما تفتح عينيك – وقلبك – على أصغر التفاصيل، واللحظات العابرة والجمال في العالم الطبيعي. تصبح مدركًا للمشاعر التي تثيرها مثل هذه اللحظات فيك.
يعد ماتسو باشو من أشهر شعراء الهايكو اليابانيين. ورغم أنه وصف الطبيعة بلغة بسيطة، فإنه نقل من خلال صوره جمالها والعاطفة التي استحضرتها. وفيما يلي ثلاثة أمثلة:
“لا أحد يسافر
على هذا الطريق غيري –
في هذا المساء الخريفي”
“أفكار اليوم الأول من العام
والشعور بالوحدة –
لقد حان شفق الخريف”
“تظهر السحب
وتمنح الرجال فرصة للراحة
من النظر إلى القمر”
عند ترجمته من اليابانية (كما لاحظت في أمثلة باشو)، فللأسف هو ليس مثاليًا دائمًا، نظرًا للهياكل المقطعية والنحوية الفريدة للغات المختلفة، حيث يكون للهايكو تنسيقات مختلفة قليلاً من لغة إلى أخرى، لكن الشكل الأساسي المكون من ثلاثة أسطر لا يزال موجودًا.
كيف نبدأ بكتابة شعر الهايكو؟
إن كتابة الهايكو هي نوع من التأمل والهدوء والسكينة. ولعل الهايكو، الشعر في أبسط صوره، يقدم وصفة لحياة أوسع، إذا كنت تفكر في كتابة شعر الهايكو، فعليك اتباع الخطوات التالية
- أينما كنت، انظر عن كثب إلى شيء أمامك (كتاب، طاولة، كلب، زهرة…).
- ادرس هذا الشيء لبضع دقائق، وفكر فيه بأكبر قدر ممكن من الطرق . على سبيل المثال:
—من أين جاء
—كيف تم صنعه أو إنشائه أو زراعته (حسب الاقتضاء)
—كيف/أين/متى تم الحصول عليه
—كيف تم استخدامه
—ماذا يظهر مظهره عن تاريخه
—ماذا يعتقد الناس عنه
—ماذا سيقول لو كان بإمكانه التحدث.
قم بتدوين الملاحظات، على سبيل المثال:
- البط يسبح في البركة
- الأوراق المتبرعمة على أغصان الأشجار
- طائر مغرد عند المغذي
- نحلة طنانة تحوم حول زهرة
حاول العثور على صورتين تتركان انطباعًا قويًا عند ربطهما معًا، ثم اكتبهما. استمر في تقليص جملتك حتى تتمكن من التقاط المشهد والمزاج الأساسي، كل ذلك في سبعة عشر مقطعًا لفظيًا. خذ لحظة واحدة من البصيرة من هذه العملية، واعمل على دمجها في سطرين: أحدهما من 5 مقاطع لفظية والآخر من 7 مقاطع لفظية .
ثم خذ جانبًا آخر من تفكيرك، وأضفه إلى القصيدة كسطر نهائي مكون من 5 مقاطع . واستمتع باستكشاف ما يمكنك فعله مع الهايكو!
إعداد و تقديم جنة الجندي لمزيد من المحتوى المقدم من الكاتبة، بالإمكان متابعة صفحتها الخاصة عبر فيسبوك.