ثعبان البحر لديه الكثير من الأسرار والعجائب! وقام العلماء باكتشاف إحداها.. ففي دراسة نشرت في سبتمبر 2024 ، قام العلماء بتصوير ثعابين بحرية يابانية صغيرة وهي تؤدي حركات بهلوانية للهروب من داخل سمكة مفترسة، والمفاجأة كانت أنها خرجت عن طريق الخياشيم!
كانت هذه هي المرة الأولى التي يتمكن فيها العلماء من رؤية كيفية هروب فريسة من معدة حيوان مفترس. ويتساءل الباحثون الآن عما إذا كانت الأنواع الأخرى ذات الأجسام النحيلة تستخدم نفس تقنية إنقاذ الحياة. فما قصة هذا الثعابين ؟؟ وما وسيلتها للنجاة وكيف تم اكتشافها؟
تجربة طلابية
بالنسبة لمعظم الحيوانات، فإن الوصول إلى معدة حيوان مفترس يعني خسارة كل شيء. ولكن الأمر لا ينطبق على الثعابين اليابانية. ففي عام 2021، أطلق يوها هاسيغاوا، طالب دراسات عليا في جامعة ناغاساكي، ثعبان بحر ياباني صغير في حوض به سمكة نائم داكنة، وهي سمكة مفترسة تعيش في النهر. وشاهد الثعبان البحري الصغير وهو يبتلعه بالكامل. وبعد أقل من دقيقة، ظهر الثعبان فجأة في الحوض.
افترض أن الثعبان البحري ربما هرب وهو لا يزال في فم السمكة، لكنه لم يكن لديه أي فكرة عن كيفية حدوث ذلك. وبعدها، قضى هاسيغاوا، بعدما أصبح أستاذ مساعد، السنوات الثلاث التالية في محاولة حل هذا اللغز، برفقة أستاذ مشارك في جامعة ناغاساكي.
تجربة علمية
استلزم الأمر جهازاً يسجل أفلام الأشعة السينية للكشف عن تقنية هروب الثعبان البحري. فقد حقن الباحثون العشرات من الثعابين البحرية الصغيرة بمادة تجعلها بارزة تحت الأشعة السينية، ثم وضعوها في حوض به كائن نائم مظلم. وبمجرد أن تأكل السمكة الثعابين البحرية، يقوم الباحثون بتخديرها بشكل خفيف ووضعها تحت جهاز التسجيل. وقد أصابهم ما رأوه بالصدمة.
بعد ابتلاع الثعابين ووضعها في معدة السمكة، سبحت الثعابين الصغيرة إلى أعلى مريء السمكة وهربت من خلال فتحة في خياشيمها، مما أثار استياء السمكة.
وقال هاسيغاوا “كنا نعتقد أن الثعبان البحري هرب من فم المفترس، ولكن في اللقطات الأولى سجلنا الثعبان البحري وهو يهرب من معدة المفترس، ثم عاد إلى أعلى الجهاز الهضمي باتجاه خياشيم السمكة”. من بين 32 ثعبان بحر سجل الباحثون ابتلاعهم بالكامل، حاولت جميعها، باستثناء أربعة، الهروب من خلال الالتواء بالذيل أولاً، والخروج من الجهاز الهضمي، إلى المريء ثم إلى الخياشيم.
ومن بين الـ28 الذين حاولوا، نجح تسعة فقط. ولعب الوقت دوراً كبيراً في نجاح هذه المحاولات. فقد وجد الباحث أن الثعابين الصغيرة تستطيع أن تقضي نحو ثلاث دقائق داخل السمكة قبل أن تموت. أما تلك التي نجحت في الهروب فقد قضت أقل من دقيقة في تحرير نفسها.
وبحسب الباحثين، فإن هذه الثعابين المائية مصممة للهروب بهذه الطريقة. حيث قال أحدهم: “إن الحفر والسباحة إلى الخلف سلوكان طبيعيان”.
ثعابين الماء ذات القدرات العجيبة
لا تتمتع الثعابين المائية بقوام لزج فحسب، بل إن أجسامها النحيلة والعضلية مصممة لتناسب الشقوق الضيقة في قاع النهر. ويزعم الباحثون أن أي نوع من الثعابين المائية قادر على الهروب بهذه الطريقة. وقد أشاروا أيضا إلى أن خياشيم الأسماك تحتوي على أقواس عظمية وعوائق أخرى.
وقال أحد العلماء: “في كثير من الأحيان، يكون للأسماك أسنان على سطح الخياشيم. لذا فإن الانزلاق عبر ذلك يمكن أن يكون تحديًا كبيرًا”، مضيفًا أن الدراسة قدمت “تذكيرًا آخراً بأن الثعابين البحرية رائعة حقًا”.
إن استراتيجية الهروب التي تستخدمها هذه الثعابين الصغيرة نادرة إلى حد ما في عالم الحياة البرية. فمن المعروف أن عدداً قليلاً فقط من الأنواع الأخرى قادرة على القيام بمثل هذه المآثر، وتستخدم أساليب مختلفة للغاية. على سبيل المثال، عندما تجد خنفساء القاذفة نفسها في معدة ضفدع مفترس، فإنها تقذف سائلاً ضاراً من طرف بطنها مما يجبر البرمائي على التقيؤ.
وقد أثارت نتائج دراسة الثعابين البحرية العديد من التساؤلات حول قدرة الثعابين البحرية وغيرها من الأسماك النحيلة على انتزاع النجاة والنصر من فكي الهزيمة الجائعين. ويحقق الباحثون فيما إذا كانت ثعابين البحر اليابانية الصغيرة تستخدم هذه الاستراتيجية عندما تبتلعها أنواع مفترسة أخرى. وهم مهتمون أيضًا بمعرفة ما إذا كان هذا السلوك قد تطور لدى أنواع أخرى.
ويعتبر هذا البحث بمثابة تطور علمي في علم الأحياء وعلوم الحيوان، وقد يساعد مستقبلا في العلوم الطبية وعلم الطفيليات.
إعداد و تقديم جنة الجندي لمزيد من المحتوى المقدم من الكاتبة، بالإمكان متابعة صفحتها الخاصة عبر فيسبوك.
صورة المقال الرئيسية:
Photo by Wouter Naert on Unsplash