توفي الشاعر الياباني الشهير شونتارو تانيكاوا عن عمر يناهز 92 عاما، بعد مسيرته الشعرية العريقة. حيث اكتسب شهرته في عام 1952 عندما نشر ديوانه الشعري الأول “مليارا سنة ضوئية من العزلة”. يحظى شعر تانيكاوا بتقدير كبير خارج اليابان. وقد تُرجمت أعماله إلى عشرات اللغات، من بينها الإنجليزية والصينية والفرنسية والألمانية. فمن هو الشاعر شونتارو تانيكاوا؟ وكيف تميزت أعماله الشعرية والأدبية؟
النشأة والبداية
ولد الشاعر والمترجم شونتارو تانيكاوا في طوكيو عام 1931، بدأ مسيرته وكأنه غير متأثر على الإطلاق بنفسية اليابان في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية. فقد كان طالبًا في المدرسة الإعدادية في نهاية الحرب. وقد كان صغيراً بما يكفي لينجو من الألم واليأس الذي عاشه هؤلاء الشعراء الذين واجهوا الموت والخسارة والدمار خلال الحرب. ومع ذلك، لم تكن أفكاره بعيدة جدًا عن الموت، الذي كان منسوجًا بلا لون في رؤيته للعالم، مما أضفى على عمله عمقًا فلسفيًا.
بدأ كتابة الشعر في المرحلة الثانوية، وقد وصف المناخ الفكري والإبداعي في اليابان بعد الحرب بأنه كئيب ووجودي، حيث ابتعد الشعراء عن قواعد وأعراف الشعر التقليدي: “كانت فترة من الفراغ بالنسبة لنا، ولم يكن أحد يعرف ماذا يؤمن”. “لقد انخرط العديد من أبناء جيلي الذين ذهبوا إلى الكلية في حركات سياسية مختلفة، لكنني لم أذهب إلى الكلية وبقيت معزولًا إلى حد ما عن الأنشطة السياسية لأقراني. في الأفلام الغربية، وجدت موقفًا يمكنني التعاطف معه. شعرت بإثارة كبيرة عندما يذهب رجل إلى الحدود”.
المهارات الشعرية وبراعة الوصف
يصف شونتارو نفسه على أنه شاب “جاء من عالم” بلد بعيد، غير متوقع تحمل ثقل الوحدة”، ويقول إنه يكتب مثل بيتهوفن – الذي قيل إنه كتب الموسيقى من خلال ألم شديد وبجهد كبير.
حيث تعكس أشعار شونتارو موقفاً واقعيا وعاطفيا وشبه ديني تجاه التجربة. فهو يرسم في لغة بسيطة موجزة أفكاراً عميقة وحقائق عاطفية. وكان كتابه الأول ” مليارا سنة ضوئية من العزلة” (1952) من أكثر الكتب مبيعاً ولا يزال واحداً من أكثر كتب الشعر شعبية في اليابان.
أصبح شونتارو واحداً من أبرز شعراء اليابان، حيث نشر أكثر من 60 مجلداً من الشعر “تشمل القصائد الغنائية، وقصائد النثر التحليلية، وقصائد السرد، والقصائد الملحمية، والقصائد الساخرة، والقصائد التجريبية للغاية”
من المذهل أن نرى أن شعره محبوب على نطاق واسع وله شعبية كبيرة غير مسبوقة، فقد حافظ شونتارو على مكانته باعتباره الشاعر الأول في اليابان لمدة ثلاث عقود، حيث تمكن من الحصول على عدد كبير من المتابعين بين عامة الناس لبراعته الفنية المعترف بها على مستوى كبير
كما عقب النقاد والشعراء على مهارته “في كل كتاب شعر تقريباً يتبنى تانيكاوا بوعي ومهارة أسلوباً ونمطاً مختلفين وكان في طليعة الشعر الياباني المعاصر طوال حياته المهنية. كلماته واضحة، وسطوره سهلة الفهم، ومع ذلك فإن شعره متطور للغاية”.
الانجازات الشعرية والأدبية
يكتب تانيكاوا للأطفال والكبار على حد سواء، وكثيرًا ما تتضمن مشاريع الترجمة التي يقوم بها أدب الأطفال؛ فقد فازت ترجمته لرواية “الأم أوزة” بجائزة ثقافة الترجمة في عام 1975، كما ترجم أعمال موريس سينداك وجون بيرنينغهام وتشارلز شولتز. وبالإضافة إلى الشعر، كتب تانيكاوا كلمات الأغاني والمقالات، وحرر العديد من المختارات، وتعاون في مجموعة من الأعمال الثقافية والفنية، كما كان تانيكاوا نشطًا جدًا في تعزيز ودعم ترجمة الأعمال الأخرى للشعراء اليابانيون المعاصرون، مما يساعد على جعل أعمالهم متاحة للقراء في جميع أنحاء العالم.
الترجمة والجوائز
على مر السنين، شارك شونتارو بنشاط في القراءات الشعرية وشارك في مهرجانات شعرية في اليابان وفي جميع أنحاء العالم. كما زار جميع القارات وتعاون مع العديد من الكتاب الدوليين، وقام بتأليف قصائد مترابطة وقصائد حوارية. وتُرجم شعره على نطاق واسع إلى اللغات المختلفة. حصل على العديد من الأوسمة والجوائز التقديرية لشعره. وقد حظيت أعماله (في ترجمة تيان يوان) بإشادة واسعة النطاق في جميع أنحاء الصين، حيث حصل على جائزتين، إحداهما كانت جائزة تشونغكون الشعرية الدولية المرموقة من جامعة بكين في عام 2011.
تُرجمت أشعار تانيكاوا إلى العديد من اللغات، بما في ذلك الصينية والكورية والمنغولية والعديد من اللغات الأوروبية. تشمل مجموعات الشعر باللغة الإنجليزية قصائد شونتارو تانيكاوا وقد فازت بجائزة الكتاب الأمريكي؛ كما تشمل العديد من الأوسمة والجوائز التي حصل عليها جائزة يوميوري، وجائزة أساهي.
إعداد و تقديم جنة الجندي لمزيد من المحتوى المقدم من الكاتبة، بالإمكان متابعة صفحتها الخاصة عبر فيسبوك.