يعتبر الهيباكوشا جزءًا لا يتجزأ من تاريخ القصف الذري لهيروشيما وناغاساكي. ليس فقط لأنهم من بين الخبراء القلائل الحقيقيين في الأسلحة النووية الذين شهدوا التأثير الفعلي لهذه الأسلحة، ولكن أيضًا بسبب الجهود الدؤوبة التي بذلها العديد منهم للقضاء على الأسلحة النووية.
تنويه: هذا الموضوع يتضمن أوصاف بشعة لأحداث عنيفة للغاية
الهيباكوشا هم الناجون الذين كانوا على بعد بضعة كيلومترات من موقع القنبلة في وقت الانفجار؛ أو الذين كانوا على بعد كيلومترين من موقع القنبلة خلال أسبوعين من القصف. وكل من تعرض للتلوث الإشعاعي؛ وأيضا أطفال النساء الحوامل في إحدى تلك الفئات السابقة.
“إن الثقافة اليابانية هي أن تصبر على كل المصاعب وتتحملها” -تامورا سنيدر، ناجية من قصف هيروشيما
سجلت وزارة الصحة اليابانية في عام 2007 وجود 251.834 من الهيباكوشا على قيد الحياة. وكان متوسط أعمار الناجين آنذاك 74.6 عاماً، وكان العديد منهم مريضاً. ورغم هذا، سافر العديد من الناجين حول العالم لمشاركة تجاربهم حول الأسلحة النووية.
ومن خلال الدراسات العلمية، تم اكتساب المعرفة حول العواقب طويلة الأجل للمواد المشعة. ولذلك تم استبعاد الهيباكوشا من المجتمع وتهميشهم والتمييز ضدهم. ولا يزال الناجون من القنبلة الذرية يتلقون العلاج في المستشفيات في هيروشيما وناغاساكي حتى يومنا هذا بسبب الإشعاع الذي انتقل إلى الأجيال اللاحقة.
لقد اضطر العديد من الهيباكوشا إلى العيش مع أمراض خطيرة وآلام ومشاكل. كما كان من الصعب عليهم إيجاد مكان في المجتمع بعد ذلك. وكان الناجون يعتبرون غير لائقين للعمل بسبب ما يسمى “مرض القنبلة الذرية”. وكان الناس يتجنبوهم كما لو كانوا معديين، ووجد الكثيرون أنه من المستحيل الزواج منهم.
عانى معظم الناجين من القنبلة الذرية من الاكتئاب. كما واجهوا أسئلة صعبة مثل “لماذا نجوت؟” و “كيف كانت الحياة لتكون مختلفة لو لم أكن في هيروشيما أو ناغاساكي في ذلك اليوم؟”
سيتسوكو ثورلو
“مرت مواكب من الأشباح. أشخاص مصابون بجروح بشعة، كانوا ينزفون، محترقين، مسودين ومتورمين. كانت أجزاء من أجسادهم مفقودة. كان اللحم والجلد يتدلى من عظامهم. بعضهم كانت مقل عيونهم معلقة في أيديهم. بعضهم كانت بطونهم مفتوحة، وكانت أمعاءهم معلقة. كانت رائحة اللحم البشري المحترق الكريهة تملأ الهواء.”
كانت سيتسوكو تبلغ من العمر 13 عامًا عندما سقطت القنبلة الذرية على مسقط رأسها هيروشيما. واليوم، أصبحت واحدة من القلائل من الهيباكوشا الأحياء. حيث كرست جزءًا كبيرًا من حياتها للنضال من أجل التخلص من الأسلحة النووية.
كانت سيتسوكو ثورلو في المقر العسكري الواقع على مشارف هيروشيما قبل القصف، على بعد 1.8 كيلومتر من مركز القنبلة الذرية. وفي وسط التجمع الصباحي، حيث أقسمت الولاء للإمبراطور، رأت فجأة وميضًا قويًا ساطعًا. تقول سيتسوكو: “إن لكل شخص اسم. وكان كل شخص محبوبًا من قبل شخص ما. فلنحرص على ألا تذهب وفاتهم سدى”
تحكي كيف تتذكر أنها طفت في الهواء، ثم أظلم كل شيء. انهار المنزل الذي كانت تعيش فيه، وأصبحت محاصرة تحت كل الأنقاض. وأخيرًا، ساعدها رجل على النهوض وأخرجها من المبنى الذي بدأ يحترق. لم يكن أصدقاؤها محظوظين، حيث مات العديد منهم بسبب الاحتراق.
وبعد انفجار القنبلة، لم يكن بوسعها سوى مشاهدة أصدقائها وأفراد أسرتها وهم يموتون، إما على الفور أو في وقت لاحق بسبب الآثار الكامنة للقنبلة الذرية. ولم يكن بوسعها أن تفعل شيئاً لتخفيف معاناة الجرحى. وكان العجز يستهلك كل طاقتها، وكانت الحياة بعد ذلك تتسم بمشاعر الذنب والأسئلة التي لا إجابات لها. وتقول أيضًا أن العديد من الناجين تمنوا الموت، لأن البقاء على قيد الحياة أكثر صعوبة.
ساداكو ساساكي
من القصة الشهيرة لطيور الكركي الورقية الألف التي ابتكرتها ساداكو إلى الجهود الدؤوبة التي بذلها الهيباكوشا لتخليص العالم من الأسلحة النووية حتى يومنا هذا، فإن قصصهم هي قصص الأمل والعزيمة التي لا ينبغي أن تضيع. كانت تبلغ من العمر عامين عندما دمرت القنبلة الذرية هيروشيما وسقط عليها المطر الأسود. وفي سن العاشرة تم تشخيص إصابتها بسرطان الدم. وصممت على التغلب على المرض، شرعت في طي 1000 طائر ورقي، والتي وفقًا للأسطورة اليابانية ستمنحها أمنية. وقد اكملت طي هذا العدد بالفعل قبل وفاتها في سن الثانية عشرة. تعد طيور الكركي الورقية رمزًا قويًا لنزع السلاح النووي والسلام.
الهيباكوشا في عالم الأنمي
ومن القصص المشهورة أيضا قصة فيلم قبر اليراعات للكاتب أكايوكي نوساكا التي استندت على أحداث حقيقية عاشها الكاتب زمن الحرب العالمية الثانية ونشرها عام 1967، كاعتذار لأخته حيث يعتبر أن إهماله لها كان السبب الرئيسي في وفاتها.
ويقال أيضا ان “هيناتا هيوغا” -شخصية أنمي ناروتو الشهيرة- تم اقتباسها من ضحايا هيروشيما
و قد أعطى الكاتب ميزة العيون البيضاء (البياكوجان) لعشيرة الهيوغا التي تتميز بقدرتها على الرؤية من عشرات الكيلومترات و ورؤية ما وراء الأشياء ورصد الطاقة في الأجسام لمواساة ضحايا مأساة هيروشيما، حيث قال: “إن بصرهم أصبح ضعيفًا لذلك اقتبست هذه الحادثة و حولتها لمعجزة لمواساتهم “.
تجارب أخرى
كان الدكتور ماساو توموناجا، 77 عاماً، الذي كان على بعد 1.5 ميل من موقع الانفجار في ناغاساكي، مذهولا برؤية حالات سرطان الدم المتزايدة من حوله في السنوات التي أعقبت القصف. واليوم، يدير توموناجا داراً للمسنين من الهيباكوشا. وهو المدير الفخري لمستشفى القنبلة الذرية التابع للصليب الأحمر الياباني في ناغاساكي. ويقول: “لقد دُمر منزلي جزئياً، ولكن لحسن الحظ نجوت في السرير وأنقذتني والدتي البالغة من العمر 19 عاماً. لقد هربنا من المنزل المحطم بجهد كبير لتجنب عاصفة نارية سريعة التوسع، والتي حولت منطقتنا إلى أرض مستوية في غضون ساعات قليلة. كان عمري عامين وشهرين”.
وقد قال أحد الهيباكوشا “ياسوجيرو تاناكا”: “كنت في الثالثة من عمري وقت القصف. لا أتذكر الكثير، ولكنني أتذكر أن محيطي تحول إلى اللون الأبيض المبهر، وكأن مليون ومضة من ومضات الكاميرات انطلقت في وقت واحد. ثم حل الظلام الدامس. لقد دُفنت حياً تحت المنزل، كما قيل لي”.
وقال “فوجيو توركيشي”: “فجأة، شعرت بحرقة شديدة على وجهي وذراعي. وحاولت أن أغمس جسدي في الماء. وزاد سوء حالتي. وسمعت صوت أمي من بعيد “فوجيو! فوجيو!” تشبثت بها بشدة وهي تحتضنني بين ذراعيها. “إنه يحترق، يا أمي! إنه يحترق!”
نهاية ساعات العمل المتعبة هي بداية لمعاناة جديدة كل يوم!
وروت “ميتشيكو ياجي” تجربتها: “بعد الهجوم بالقنبلة الذرية، قامت والدتي بمفردها بتربيتي أنا وإخوتي الأربعة بينما كانت تدرس بدوام كامل في مدرسة ثانوية محلية. كنا ننتظر كل يوم عودتها من العمل ونذهب للتسوق، أي زيارة المزارع المتداعية وطلب حصة من محصولها مقابل كيمونو والدتي العزيز. كنا نتجول في المزارع شبه جائعين لساعات وساعات، ونُبذنا من هذا المزارع وذاك.”
ويسرد “يوشيوكي ميدو” حكايته: “لقد قُتلت والدتي بالقنبلة الذرية في عيد ميلادي العاشر. وبعد أن ظلت طريحة الفراش لمدة شهرين بسبب الحروق والإصابات الشديدة، لفظت أنفاسها الأخيرة. ومنذ تلك اللحظة، اندفعت إلى عالم من الاضطرابات كيتيم ما بعد الحرب.”
وقالت “شيزوكو ميتامورا”: “بدأت في سرد قصتي بعد وفاة ابنتي ميوا. توفيت ميوا في يونيو 2010، عن عمر يناهز 39 عامًا. تم نقلها إلى المستشفى في يناير من ذلك العام، لكنها أخبرتني عبر الهاتف، “دايجوبو، دايجوبو” (أنا بخير). في مارس، تم إخطاري بأنها دخلت المستشفى مرة أخرى، وذهبت لرؤيتها على الفور. لكن كان الأوان قد فات.”
إعداد و تقديم جنة الجندي لمزيد من المحتوى المقدم من الكاتبة، بالإمكان متابعة صفحتها الخاصة عبر فيسبوك.
في الأسابيع الماضية ، قال أحد الساسة الأمريكيين أنه لا مانع من استخدام الأسلحة النووية في قطاع غزة كما حدث في اليابان!
الحمد لله تجاوز الشعب الياباني الم الحرب المدمرة