الطلاق باليابان: نظرة عامة على القصص والأسباب

الطلاق باليابان: نظرة عامة على القصص والأسباب
الطلاق باليابان: نظرة عامة على القصص والأسباب

يتزايد اهتمام الكثيرين بالزواج من مواطن أو مواطنة من اليابان. وذلك دون البحث عن عوامل نجاح الزواج وفهم الأسباب والمخاطر التي يمكن أن تؤدي إلى الطلاق. لذلك نستعرض في هذا المقال أبرز أسباب الطلاق بين الأزواج اليابانيين، وبين اليابانيين والأجانب. إضافةً إلى بعض القصص التي حدثت وأدت إلى الطلاق.

من المهم للغاية فهم سبب تسليط الضوء على موضوع الطلاق في اليابان. فمع زيادة الاهتمام بالزواج، توجد قلة وعي مقلقة بين الكثير من المقدمين على الزواج من مواطن أو مواطنة من اليابان. فهذا المقال لا يهدف إلى الإحباط وتحطيم الآمال والأحلام أو العزوف عن الزواج. وإنما يهدف إلى تسليط الضوء على أمور يجب إدراكها عند التفكير بالارتباط. وزيادة الوعي حول التحديات التي يمكن مواجهتها من أجل التوصل إلى حلول وسطية يمكن الاتفاق عليها والتكيف معها من قبل الطرفين معاً. وذلك من أجل السعي لإنجاح الزواج أو لاختيار شريك أو شريكة الحياة الأنسب لك عند إقدامك على الزواج. 

واقع الزواج بين الأحلام والمسؤوليات

كثيراً ما يقال أن الزواج ليس مجرد نزهة أو قصة حب بخاتمة سعيدة بين اثنين يقرران العيش معاً بسعادة وهناء. فواقع الحياة يتجسد بالمسؤوليات والتحديات والمشاكل التي يمكن أن تحصل بين الحين والآخر. والحب ليس كل شيء، لأنه لا يمكن أن يحل جميع المشاكل خصوصاً في غياب التوافق مع تلبية الرغبات الشخصية لكلا الطرفين.

إحصاءات الطلاق باليابان

وفقًا لإحصاءات وزارة الصحة والعمل والرفاه اليابانية لعام 2023، تنتهي 35.5% من حالات الزواج في اليابان بالطلاق. وتكون النسبة أعلى بكثير بين حالات الزواج بين اليابانيين والأجانب. حيث تفشل أكثر من نصفها. وهذا وحده يوضح مدى صعوبة الحفاظ على علاقة بين ثقافتين مختلفتين. وعلى الرغم من أن نسبة الطلاق مرتفعة باليابان، إلا أنها تعد أقل بالمقارنة مع العديد من الدول المتقدمة حول العالم. لكنها تبقى مقلقة للغاية في مجتمع يواجه انخفاضاً حاداً في عدد المواليد ونقص العمالة وزيادة معدلات الشيخوخة بالبلاد!

تظهر دراسات أجراها مركز بيو للأبحاث منحى مشابهاً. حيث ينفصل 41% من الأزواج الأمريكيين الذين ينتمون إلى أعراق مختلفة، بالمقارنة مع 31% فقط ممن تزوجوا من نفس العرق. وتختلف الأرقام في اليابان اختلافًا كبيرًا اعتمادًا على الجنسية المحددة وتكوين الزوجين. حيث تنتهي أكثر من 57% من الزيجات بين رجل ياباني وامرأة صينية أو كورية بالطلاق. وفقًا لـ “ريكون برو” ، وهي خدمة يابانية مختصة بالدعم في حالات الطلاق. تبرز هنا الحواجز الثقافية حيث يؤدي ميل شرق آسيا إلى إشراك العائلة بأكملها في الزواج إلى الضغط على الزوجين. وفي الوقت نفسه، تبلغ نسبة الطلاق حداً مقلقاً للغاية بين الأزواج المكونين من رجل ياباني وامرأة فلبينية. حيث تبلغ نسبة الطلاق 68%. وتعد الخلافات المالية والاقتصادية والصعوبات الاجتماعية أسبابا رئيسية للطلاق.

أسباب الطلاق بين الأزواج اليابانيين

  • تغير أدوار الجنسين: مع ازدياد المساواة بين الجنسين في اليابان، تضعف الاعتمادية المالية بين الزوجين. ويمكن أن يسهل هذا على النساء، اللواتي كنّ يتعرضن لضغوط تقليدية أكبر للبقاء في الزواج، التفكير في الطلاق إذا لم يكنّ سعيدات في بيت الزوجية.
  • قبول أوسع للطلاق: أصبح ضغط الوصمة الاجتماعية المحيطة بالطلاق في اليابان أقل من ذي قبل. يسمح هذا للأزواج بالشعور براحة أكبر لإنهاء الزيجات غير السعيدة.
  • الاستقلال المادي: مع ازدياد عدد النساء العاملات. أصبحن مستقلات بشكل أكبر، وبالتالي أصبح العبء المادي للطلاق أقل رعبًا.
  • مشاكل التواصل: تمامًا مثل أي مكان آخر، تعدّ مشاكل التواصل ونقص التواصل العاطفي عوامل مهمة في انهيار الزواج. وهو أمر بالغ الأهمية يتفق عليه المستشارين الأسريين.
  • ضغوطات تربية الأبناء: يمكن أن تفاقم ضغوطات تربية الأبناء المشاكل الزوجية الموجودة.
  • العلاقات خارج إطار الزواج: تظل الخيانة الزوجية سبباً قوياً للطلاق في اليابان.

من المهم ملاحظة أن الأسباب المذكورة أعلاه يمكن أن تختلف من حالة لأخرى، ويمكن أن تختلف الأسباب المحددة اعتمادًا على الزوجين.

قصص انهيار الزواج والطلاق بين اليابانيين والأجانب

تعددت أسباب الطلاق بين المواطن الياباني والأجنبية، والأجنبي والمواطنة اليابانية. فبعض الأسباب كانت مفهومة ويمكن أن تعتبر سبباً وجيهاً للطلاق. لكن هناك أسباباً سخيفة لا يمكن تصورها يمكن أن تؤدي إلى الطلاق! 

نسرد لكم قصصاً لبعض الرجال الأجانب الذين مروا بتجربة الطلاق من زوجات يابانيات. والمفاجئ فيها هي الأسباب غير المرتبطة بشكل مباشر بالحواجز الثقافية! وبدلاً من ذلك، يبدو أن مجموعة من العوامل الأخرى قد لعبت دوراً حاسماً بالطلاق.

على الرغم من وجود جاذبية معينة لفكرة وجود زوجة من بلد آخر، إلا أن هذه الزيجات تأتي أيضًا بصعوباتها الخاصة. 

لم يستطع تحمل التكاليف المتزايدة

لعبت القضايا المتعلقة بالأسرة والمال دورًا كبيرًا في قرارات العديد من الأزواج. كمثل الرجل الذي قرر الطلاق بسبب أنه لم يعد يستطع تحمل تكاليف المعيشة شهراً بعد شهر بعد الزواج. وقد صرح أنه حاول إرضاء زوجته بشراء منزل جميل وسيارة والذهاب إلى إجازات بالخارج. لكن مثل هذا الأسلوب الباذخ في الحياة بالإضافة إلى دفع رسوم مدارس باهظة، ونفقة لأبناء من زواج سابق، ومساعدة والدي زوجته مالياً، أثبت أنه أكثر من اللازم! وقال: “أعتقد أن سبب طلاقي هو أنني اعتقدت بشكل خاطئ أنني أستطيع إسعاد الجميع لأن لدي وظيفة ذات راتب جيد. في النهاية، لم أستطع تلبية تلك التوقعات.”

سبب الطلاق: مشاكل لوجستية!

وضع رجل آخر في موقف مروع مختلف. وفقًا له، على الرغم من وجود سوء تفاهم ثقافي في زواجه، إلا أنها لم يكن السبب الجذري للطلاق. لأنه هو وزوجته كانا على دراية بالاختلافات وتقبلاها. بدلاً من ذلك، يعود كل شيء إلى المشاكل اللوجستية! حيث قال: “قررنا الطلاق لأنه لم يكن هناك سواي لرعاية والديّ المسنين. كان عليّ مغادرة اليابان. إما أن أجلب والدي إلى اليابان أو يجب على زوجتي أن تجلب والديها إلى فيرجينيا بالولايات المتحدة.” وفي النهاية، قرر الزوجان الانفصال. ويعلق الرجل بأنه لايزال يحب زوجته السابقة. لكن لا يمكنهما البقاء معًا بسبب هذه الظروف.

الإنجاب هو السبب!

مثل أي زوجين آخرين في العالم، يمكن أن تؤدي المشكلات المتعلقة بالأطفال إما إلى تقوية العلاقة أو تدميرها. إليكم ما قاله رجل عن تجربته: “في حالتي، كان سبب طلاقنا بسيطاً. كانت زوجتي تريد إنجاب أطفال، وأنا لا أريد. أنا لا أقول إن الطلاق لم يكن مؤلمًا، لكننا تمكنا من الانفصال بطريقة ودية إلى حد ما. لقد تزوجت مرة أخرى من امرأة لا ترغب أيضًا في إنجاب أطفال مثلي وتفضل تركيز طاقتها على العمل.”

معارضة الأهل

أما هذه الحكاية مختلفة قليلاً، حيث أن راوية القصة هي امرأة أجنبية على علاقة برجل ياباني. لقد تواعدا في الماضي، لكن العلاقة توترت في النهاية بسبب اختلاف أساليب التفكير والقيم، خاصة فيما يتعلق بالعمل. ومع ذلك، بعد فترة 12 عامًا، عادا للتواعد مرة أخرى، ليواجها معارضة من كلا العائلتين. حيث قالت: “عائلتي ترفض هذه العلاقة بشدة. إنهم يحبونه كشخص. لكنهم لا يعتقدون أنه يستطيع إسعادي. يشعر والداه بنفس الطريقة. نحن حقًا نحب بعضنا البعض. لكني أعتقد أنه في الواقع الحب وحده لا يكفي. إنه لأمر محزن…”

غياب العلاقة الحميمة سبب رئيسي للطلاق

غياب العلاقة الحميمة سبب رئيسي للطلاق
غياب العلاقة الحميمة سبب رئيسي للطلاق

أضاف العديد من الرجال قضايا الحب والجنس والتوافق كعوامل رئيسية في طلاقهم. إليكم قصة رجل يبدو أن زواجه في حالة حرجة: “أنا مقبل على الطلاق حاليًا. حيث تدهورت الأمور إلى النقطة التي أناقش فيها مع زوجتي ما إذا كانت ستأخذ الأطفال معها إلى اليابان أم لا. إذا انفصلنا، فسيكون السبب هو غياب العلاقة الحميمة في زواجنا. يبدو أن زوجتي فقدت كل رغبتها الجنسية. بينما لدي هذه الرغبة. وبصرف النظر عن ذلك، كان كل شيء في زواجنا يسير على ما يرام…”

تضارب المصالح

يصف رجل آخر كيف تزوج هو وزوجته اليابانية في سن مبكرة، مما أدى إلى تضارب في المصالح مع تقدمهما في العمر: “حينما تزوج جميع صديقاتها، كنت أنا صديقها. وبعد طلاق أصدقائها، كان يجب أن أدرك ما سيحدث! يلقي الكثير من الأجانب اللوم على فشل زواجهم على الاختلافات الثقافية. لكن في حالتنا كان الأمر ببساطة هو تجنب المسؤولية من كلا الطرفين.”

وفقًا لكلامه ، كان صغيرًا جدًا وقت الزواج لدرجة أنه لم يكن يعلم بعد ما يريد تحقيقه حقًا في الحياة. وعندما اكتشف ذلك أخيرًا ، لم يكن هذا المسار يتضمن زوجته. أما من ناحيتها، أصبحت غير سعيدة بالزواج من زوج كان عليه العمل لمدة 70 ساعة أسبوعياً في أعمال يدوية لإعالة معيشتهم. وحينما قضت ساعات طويلة لوحدها، لجأت إلى خيانته مع حبيبها السابق. لأنهم لم يكونوا صادقين بما فيه الكفاية في البداية بشأن رغباتهم الحقيقية. لذلك وصل زواجهم إلى طريق مسدود.

تضخيم الأمور التافهة

أشار عدد من الرجال إلى أن ميل زوجاتهم اليابانيات للجوء إلى الغضب أو العنف. ليكون ذلك دوراً رئيسياً في الوصول إلى الطلاق. إليكم إحدى هذه الحالات مع تضخيم الأمور التافهة والانفعال الشديد عند الغضب: يروي أحد الرجال سبب فشل زواجه الذي دام 20 عامًا على النحو التالي: “كان سبب فشل زواجي الذي دام 20 عامًا هو أن زوجتي كانت دائمًا تضخم الأمور التافهة. والعديد من المشاكل التي كان يمكن حلها في دقائق قليلة تم تضخيمها بشكل مبالغ فيه. لم يكن هذا جيدًا لصحتنا العقلية”.

جنية بهيئة بشر!

أوني بابا بالثقافة اليابانية عجوزة أو جنية آكلة لحوم البشر
أوني بابا بالثقافة اليابانية عجوزة أو جنية آكلة لحوم البشر

قصة رجل آخر متزوج منذ سنوات لكن زواجه مضطرب. حيث يزعم أن الحياة الزوجية ستكون أسهل لو لم يكن لديهم طفلين صغيرين: “سمعت هذا من أستاذي الصديق المختص في التبادل الثقافي الدولي. لكن الرجال والنساء اليابانيين ماهرون في تكييف أنفسهم لأدوار مختلفة حسب المكان والوضع. على سبيل المثال، يبدو أنهم يخضعون لتغيير جذري في الشخصية عندما يتحولون من طالب إلى شخص بالغ يعمل بوظفيته. أو من زوجة إلى أم. لا أعلم ما إذا كان هذا مرتبطًا بحالتي تماماً. لكن زوجتي كانت امرأة هادئة وخالية الهموم. ولكن بعد ولادة طفلنا الأول، أصبحت انفعالية للغاية وكأنها أوني بابا” [أوني بابا بالثقافة اليابانية “عجوزة أو جنية آكلة لحوم البشر” في الفولكلور الياباني تظهر في صورة امرأة عجوز].

شريك الحياة المناسب

لا نريد أن نختم موضوعنا بنهاية قاتمة كهذه. لذلك دعونا ننهي الأمر بعبرة من قصة إيجابية مع رجل يشجعنا جميعا على إيجاد شريك الحياة المناسب. وهي كما يرويها: “أنا في منتصف الستينيات من عمري. وزوجتي اليابانية في أواخر الأربعينيات من عمرها. لقد تزوجنا منذ 23 عامًا. لقد مررنا بأوقات جيدة وأوقات سيئة. لكننا تغلبنا عليها جميعًا ولم نفكر مطلقًا بالطلاق. لقد تزوجت مرتين من قبل. وخلصت إلى أنني لا أستطيع التأقلم مع النساء من بلدي. ولكن بغض النظر عن كونك من نفس الجنسية أو لا، طالما كنت على استعداد لتقبل أي اختلافات ثقافية واحترام بعضكما البعض، لديك فرصة لتكون سعيدا”

كما رأينا، وعلى الرغم من المفاهيم المسبقة المتعلقة بالاختلافات الثقافية، فإن الرجال الذين طلقوا زوجاتهم اليابانيات فعليًا لديهم الكثير ليقولوه بشأن هذه المسألة. يبدو أن القضايا المتعلقة بالمشاعر المتبادلة من الحب والثقة والتوافق هي في صميم معظم حالات الطلاق. بغض النظر عن جنسية كل شخص. وهناك بالتأكيد الكثير من تجارب الزواج الناجحة بين اليابانيين والأجنبيات، وكذلك الأمر بين اليابانيات والأجانب. لكن نجاح الزواج يعتمد دوماً بالمقام الأول على التوافق ومدى قدرة الطرفين على التكيف معاً مهما اختلفت الظروف.

اقرأ أيضاً: نصف مدن اليابان تواجه خطر الاختفاء!

انضم الآن مجاناً لتصبح عضواً متميزاً في مجلة اليابان للحصول على آخر المستجدات والأخبار من الموقع. مع العديد من العروض والمفاجآت! (اضغط هنا)

المصادر:

1-وزارة الصحة والعمل والرفاه

2-مركز بيو للأبحاث

3-موقع JapanToday

4-موقع Japantimes

صورة المقال الرئيسية:
Image by Mohamed Hassan from Pixabay

0 0 votes
Article Rating

اكتب تعليقًا

0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x