أول روبوت قابل للأكل في العالم

أول روبوت قابل للأكل في العالم
أول روبوت قابل للأكل في العالم

بينما يستقر جسمه داخل كوب، يهتز روبوت مستطيل الشكل مميز بلونه الأصفر ويبلغ طوله نحو 7 سنتيمترات. وملوحاً بذراعيه الهلاميتين في تحية ودية! هذا الروبوت أنشأه “يوشيهيرو ناكاتا”، وهو بروفيسور مشارك بمجال الروبوتات في جامعة الاتصالات الكهربائية. هذا الروبوت ليس عادياً أبداً.. فهو عبارة عن حلوى هلامية بنكهة التفاح، ليكون أول “روبوت صالح للأكل” في العالم! الجزء الصالح للأكل من الروبوت يقتصر على حلوى مضغ مصنوعة من الجيلاتين، لكن الروبوت بأجزائه المتحركة تشغل الكائن بأكمله، مما يمنحه مظهرًا يشبه الكائنات الحية!

البروفيسور "يوشيهيرو ناكاتا"
البروفيسور “يوشيهيرو ناكاتا”

روبوت قريب للحياة!

يتم تثبيت الجسم الصالح للأكل للروبوت، مع نقاط سوداء صغيرة تمثل العينين، على برغي معدني من الفولاذ المقاوم للصدأ يتم وضعه داخل كوب مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد. وهذا “الكائن” متصل بواسطة أنابيب هوائية تدخل إلى الهواء لداخل تجاويف الحلوى الهلامية التي تتصل بأنبوب هوائي في قاعدة الجهاز لتمنح هذا الروبوت القدرة على الاهتزاز والحركة. بينما يصدر “صوته” من مكبر صوت متصل بالجهاز المثبت بالكوب.

شرح لمكونات الروبوت مع قاعدته المثبتة في كوب
شرح لمكونات الروبوت مع قاعدته المثبتة في كوب

عمل أنمي شكل مصدراً للإلهام!

يتساءل الكثيرون حول الهدف من تكوين روبوت كهذا! بل كونه صالح للأكل أيضاً يثير الاستغراب! فما هو الهدف من هذا الروبوت؟! وفقًا لناكاتا، الهدف هو تقديم الروبوتات الصالحة للأكل كتجربة طهي جديدة.

استلهم “ناكاتا” فكرته جزئياً من “أنبانمان”، وهو شخصية شهيرة في القصص المصورة والأنمي الياباني، حيث يتخذ شكل قطعة حلوى محشوة بمعجون الفاصوليا الحمراء تتخذ شكلها من هيئة إنسان.

شخصية أنمبانمان التي شكلت مصدراً للإلهام والمعروفة عربياً باسم "الرغيف العجيب"
شخصية أنمبانمان التي شكلت مصدراً للإلهام والمعروفة عربياً باسم “الرغيف العجيب”

يمنح “أنبانمان” كثيرًا قطعاً من وجهه لإطعام أصدقائه الجائعين طوال السلسلة. بالنسبة لناكاتا، فإن هذا يجسد الفكرة الأساسية للمشروع المتمثلة باستخدام الطعام لتغيير تصورات الناس عنه. حيث يعتقد بأن تفاعل الأفراد مع الطعام يمكن أن يغيّر إدراكهم للطعم والملمس! بالإضافة إلى التأثيرات النفسية والمعرفية المميزة تجاه تناول الأكل. 

ولأغراض بحثية، قام “ناكاتا” بالتعاون مع باحثين من جامعة أوساكا واستوحى أيضًا من الممارسة اليابانية التقليدية في الطهي “أودوريغوي” (التي تعني حرفيًا “الأكل الراقص”) والتي تتضمن تناول المأكولات البحرية الحية وهي تتحرك.

تشمل المأكولات البحرية التي يمكن أكلها وهي لا تزال حية الأسماك الجليدية، الكركند، المحار، الروبيان، الأخطبوط والحبار. ويأمل “ناكاتا” إلى توسيع نطاق “أودوريغوي”، حيث يتساءل عما إذا كانت حركات الروبوت ستؤدي إلى تغيير في إدراك الناس للمذاق.

فرق في تناول المأكولات ذات الأجسام المتحركة والساكنة

ومن أجل دراسة تصورات المشاركين في هذا البحث، سواءً عند تحرك الشخصيات المشابهة لشكل العصا أو عندما كانت ساكنة، قام ببناء الروبوت الذي يشبه في شكله عصا صغيرة في عام 2022.

وقام 16 مشاركاً بتناول المجسمات التي تحتوي على نفس مكونات الجيلي والسكر، وهي تتحرك، وكذلك وهي ساكنة. ومن أجل المقارنة، اختار المشاركون بعد ذلك أفضل القوام التي تصف كل تجربة. 

عند وصف قوام الروبوتات الساكنة، اختار الكثيرون كلمة تصف إحساس الطعام القابل للمضغ. أما بالنسبة للروبوتات المتحركة، تم اختيار كلمة تصف شيئًا مرنًا وقاسياً قليلاً. فاستنتج الباحثون أن القوام الذي يتم تجربته أثناء قضم ومضغ الروبوتات المتحركة كان مختلفًا عن تلك في حالة الثبات! والجدير بالذكر أن هذه التجربة، كانت الروبوتات تفتقر إلى الأذرع وملامح الوجوه. ولكن عندما تحركت، شعر المشاركون بمشاعر مثل الحس بالحياة، الانتعاش، وحتى الذنب بشكل أقوى مقارنةً بالتي تم تناولها عندما كانت ساكنة.

ويُعتقد أن إدراك الطعم والملمس يختلف بشكل كبير باختلاف الثقافات. بل قد وصل الأمر بالكتابات الأكاديمية إلى التكهن بأن الأخلاق والشعور بالذنب الناتج عن أكل الكائنات الحية قد يؤثر على كيفية تذوق الناس لطعامهم! ومع ذلك، كما اكتشف “ناكاتا” وزملاؤه بسرعة، يمكن أن يكون من الصعب للغاية دراسة هذه الفروق الثقافية الدقيقة.

تجربة عام 2023 مع المسائل الأخلاقية

في تجربة أجريت عام 2023، ركز الفريق على ما إذا كانت آراء الناس حول الروبوتات تؤثر على حاسة تذوقهم. أجاب 35 شخصًا على أسئلة أخلاقية مسبقًا وقارنوا بين تناول الروبوتات التي نسبت لهم نفس الآراء مقارنة بتلك التي نسبت إليها آراء مختلفة. 

ولاختبار ما إذا كان المشاركون سيشعرون بالتعاطف مع روبوتاتهم ويجعلونها تبدو “حلوة” في المذاق، لكن لم يتم تحديد أي فرق مهم إحصائيًا. ومع ذلك، أدرك عدد قليل من الأشخاص بالفعل اختلافًا في الحلاوة، على الرغم من تطابق المكونات.

“هذا يشير إلى أن التفاعل الإنساني مع الروبوتات يمكن أن يكون له تأثير على الإدراك”، وفقاً لما صرح به “ناكاتا”. والذي تكهن بأن السبب في عدم صحة فرضية فريقه هو أن “إذا كانوا يتشاركون الآراء (مع الروبوتات) فإن البعض ربما شعر بالذنب حول أكلها”. وربما لم يجدوا أنها حلوة.

قال: “مدى تأثير التعاطف على حاسة التذوق قد يختلف بشكل كبير من شخص لآخر. ولكن لم ننظم ظروف التجربة بشكل جيد بما فيه الكفاية لتحديد ذلك”.

يعتقد “ناكاتا” وزملاؤه أنهم تعلموا شيئًا من التجربتين: عندما يرى الناس الروبوتات ككائنات يمكن التواصل معها، قد يصبحون مرتبطين بها عاطفيًا إلى الحد الذي قد يؤثر على براعم التذوق لديهم!

وبمساعدة الروبوتات، يأمل “ناكاتا” وفريقه في التحقق من صحة هذه الآلية مع البشر، مما قد يسهل تعوّد الناس على تناول الأطعمة التي لا يحبونها. حيث يهدف “ناكاتا” وفريقه إلى تطبيق أبحاثهم المستمرة على فنون الطهي، مع التركيز على المجال الطبي أيضاً.

اقرأ أيضاً: بالأوامر الصوتية.. اليابان تطور روبوتاً يجلب ما تطلبه داخل البيت

مقطع يستعرض طريقة تحضير وتناول الروبوت القابل للأكل (بالإنجليزية)

انضم الآن مجاناً لتصبح عضواً متميزاً في مجلة اليابان للحصول على آخر المستجدات والأخبار من الموقع. مع العديد من العروض والمفاجآت! (اضغط هنا)

المصادر:
1– موقع ieeexplore
2- وكالة كيودو للأنباء

0 0 votes
Article Rating

اكتب تعليقًا

1 Comment
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
Feras
Feras
5 شهور

إن أكل البشر للحيوانات أو الكائنات البحرية وهي على قيد الحياة هو اكبر مثال حي على مدى التجبر والغلو والوحشية التي من الممكن أن يصل إليها الإنسان من دون الروادع الأخلاقية والدينية وإن تشبيه هذا الروبوت بهذه الكائنات التي تؤكل حية هو بحد ذاته سقوط أخلاقي واضح.

1
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x