مستقبل اليابان مع شينزو آبيه

مستقبل اليابان مع شينزو آبيه
مستقبل اليابان مع شينزو آبيه

رئيس الوزراء الياباني “شينزو آبيه” يتنفس الصعداء بعد فوزه الساحق لحزبه الحاكم بزعامته في الانتخابات التشريعية المبكرة، كيف لا وهو قد ضمن بذلك بقاءه في منصبه حتى عام 2021؟ لكن قبل الاطلاع على بعض من آفاق المستقبل السياسي في البلاد مع “آبيه”؛ سنتطرق إلى نبذة بسيطة عنه.

 

ولد رئيس الوزراء الياباني “شينزو آبيه” في عام 1954، وقد حصل على شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة سايكي اليابانية في عام 1977 وأصبح عضواً في مجلس النواب منذ عام 1993 وحتى عام 2006. ويعد أول رئيس وزراء في اليابان يتولى الحكم في فترتين منفصلتين، حيث شغل منصب رئاسة الوزراء للمرة الأولى في عام 2006 واستمرت لعام. تلتها المرة الثانية بعد ستة أعوام. و يعدّ “آبيه” صاحب سلسلة الإصلاحات الاقتصادية “أبينوميكس” التي أنعشت الاقتصاد الياباني بحسب ما ذكرته صحيفة الإيكونومست الإنجليزية. حيث شملت الإصلاحات عدة تدابير سياسية بالإضافة إلى السياسة المالية والنقدية التي هدفت لتحقيق النمو الاقتصادي والازدهار بالبلاد.

لكن هل سيستمر النمو الاقتصادي في ظل تنامي التحديات التي تحيط بالبلاد؟

قد يزداد السؤال تعقيداً خصوصاً عند التطرق إلى ملف كوريا الشمالية، والتصرفات التي يبديها في كل وقت و حين زعيمها المشاكس. إلا أن النتيجة الساحقة التي جاءت لصالحه في الانتخابات ستعزز بلا شك من موقف “آبيه” في التعامل مع كوريا الشمالية بكل صرامة وكذلك العمل أيضاً على زيادة إنعاش الاقتصاد الياباني الذي يعد من أقوى الاقتصادات في العالم. لذلك تعد هذه الانتخابات المبكرة بمثابة استفتاء على السنوات الخمس المنصرمة التي حكم فيها “شينزو آبيه” وهو الذي فضّل – بالمناسبة – خوض الانتخابات بشكل مبكر في ظل الأوضاع الراهنة التي تواجهها البلاد.

وقد شدد “آبيه” على نيته ببناء إجماع بشأن تعديل الدستور بعد الإعلان الرسمي عن فوزه بالانتخابات وبأكثر من ثلثي مقاعد مجلس النواب. وستتم مراجعة الدستور لتتم بلورة دستور جديد للبلاد يدخل حيز التنفيذ في عام 2020، حيث يسعى “آبيه” من خلال التعديل الدستوري إلى تعزيز قدرات المؤسسة العسكرية المسماة حالياً بجيش الدفاع الذاتي. وتحديداً المادة التاسعة من الفصل الثاني في نبذ الحرب، و تنص المادة التاسعة على ما يلي:

“في تطلعهم بإخلاص للسلام العالمي المبني على العدل والنظام، يشجب اليابانيون الحرب، وإلى الأبد، كحق سيادي للأمة، والتهديد أو استخدام القوة كأداة لحل النزاعات الدولية. من أجل تحقيق هدف الفقرة السابقة، لن تُستدام القوات البرية، والبحرية، والجوية، فضلاً عن إمكانات الحرب الأخرى. ولا يعترف بحق الدولة بإعلان حالة الحرب”

علماً أن هذه المادة قد فرضت من قبل الولايات المتحدة الأمريكية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية واستسلام اليابان. و بحصول “آبيه” على غالبية الثلثين في البرلمان – كما ذكر آنفاً – يمكن من خلاله الدعوة إلى استفتاء لتعديل الدستور السلمي.

وقد تعهد “آبيه” من قبل بحماية اليابانيين، بل إنه أكد على قدرة الحزب الحاكم على حماية الناس والدفاع عن أسلوب حياة سعيدة ليلمح بذلك إلى كوريا الشمالية التي تريد أن تغرق البلاد بصواريخها.

من جهتها، اعترفت رئيسة حزب الأمل “يوريكو كويكيه” بالهزيمة في الانتخابات التشريعية من العاصمة الفرنسية باريس حيث كانت تحضر مؤتمراً هناك. وقالت “كويكيه” إن نتائج الانتخابات قاسية وبحاجة للتمحيص. كما أعربت عن أسفها لتخييبها لآمال الشعب. حيث كانت تسعى حاكمة طوكيو “كويكيه” للفوز بهذه الانتخابات و الوصول إلى منصب رئاسة الوزراء، لكن الكفة مالت وبشكل كبير لصالح الحزب الحاكم.

يوريكو كويكيه
يوريكو كويكيه

عند الحديث عن العهد الجديد مع “شينزو آبيه” ومستقبل البلاد في عهده لابد من التطرق إلى العلاقات مع الدول المجاورة ليس فقط من أجل مراقبة التهديدات التي تطلقها كوريا الشمالية بل أيضاً مع دول لا تشكل ضدها هذه التهديدات على الأقل بشكل مباشر، لذلك لا يمكن إغفال العلاقة مع الجارة الكبرى روسيا. فقد توقع خبراء يابانيون الحفاظ على سياسة طوكيو بخصوص تطوير العلاقات مع روسيا.

وبحسب البروفسور الياباني “نوبو سيموتوماي” المختص بالشؤون الروسية بجامعة هوشي في طوكيو فإن خطة حكومة “آبيه” لتحسين العلاقات مع روسيا وإبرام معاهدة سلام لن يتغير. والجدير بالذكر أن العلاقات بين روسيا واليابان، تتطور بشكل ملحوظ، رغم قضية الجزر المتنازع عليها والتي تعكر صفو هذه العلاقات، حيث تشترط طوكيو عودة الجزر الأربع إليها مقابل توقيع معاهدة السلام مع روسيا، والتي لم توقع منذ الحرب العالمية الثانية، لكن موقف موسكو يتمثل بأن الجزر قد أصبحت في واقع الأمر جزءاً من الاتحاد السوفياتي السابق، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وأن السيادة الروسية عليها مسجلة ضمن مواثيق القانون الدولي، بحيث لا يمكن لأحد التشكيك بصحتها نهائياً.

توجد الكثير من التحليلات والدراسات المتعلقة بمستقبل اليابان في هذه المرحلة الحساسة التي سيتم من خلالها وبشكل رسمي تكوين أول جيش لليابان بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وعلى الرغم من ذلك، فإن قوات الدفاع الذاتي اليابانية تعتبر من أفضل الجيوش تجهيزاً في العالم ومهمته كما هو مبين من اسمه فقط الدفاع عن السيادة اليابانية ضد أي هجوم، إضافةً لعمليات البحث والإنقاذ بعد وقوع الكوارث الطبيعية التي تشهدها اليابان في معظم الأحيان، مع تأسيس هذا الجيش تبرز التحديات في الموازنة بين تحسين الأداء الاقتصادي و إطالة أمد الانتعاش مع الحفاظ على وتيرة النمو والإنتاج المحلي في البلاد من جهة؛ والحفاظ على الأمن والاستقرار في البلاد من جهة أخرى. فهل سينجح رئيس الوزراء الياباني “آبيه” في هذه المهمة الصعبة؟ الوقت يحمل في طياته الكثير من أجل الإجابة.

المصادر:

The Economist ,The Japan Times, BBC, Sputnik, Kyodo News

0 0 votes
Article Rating

اكتب تعليقًا

3 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
ヤコブ 先輩
1 سنة

في النهاية رحل شينزو ابيه بعد مسيرة سياسية طويلة لخدمة وطنه

ヤコブ 先輩
1 سنة

خدم شينزو ابيه بلاده حتى اخر يوم في حياته

نصرالدين الليبي

رئيس الوزراء الراحل شينزو ابي من افضل رؤساء الوزراء كان له دور كبير في زياده علاقات اليابان مع الدول العربيه والافريقيه

3
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x