عند التجول في اليابان، يمكنك غالبًا ملاحظة ثقافة الرياضة في كل مكان. يستمتع اليابانيون بالرياضة. وخاصة البيسبول وكرة القدم، وهما من الرياضات الأكثر شعبية بين جميع الأجيال.
تأسس التطور الرياضي في اليابان على 3 عوامل رئيسية: الدين والتاريخ والتدخل الأجنبي.
السومو والشنتوية
ترتبط أصول السومو ارتباطًا وثيقًا بالشنتوية حيث يعتقد أن الأعمال الأولى لمصارعة السومو كانت تستخدم كوسيلة لعبادة آلهة الشنتوية القديمة لتوفير حصاد جيد. يأتي هذا التكهن من رسم شخصيات تشبه السومو في رسومات الكهوف.
إن رياضة السومو كانت شائعة في حقبة هيئان ما بين (794-1185). وكان يُستخدم غالبًا كوسيلة ليس فقط لتسلية نبلاء بلاط هيئان ولكن أيضًا كوسيلة لإظهار الاحترام للكاميه (الآلهة وفقاً للمعتقدات الشينتوية). وحاليًا، لا تقام سوى 6 بطولات كبرى كل عام. تهدف الرياضة إلى دفع الخصم خارج الحلبة أو إجبارهم على لمس الأرض بأي جزء من الجسم بخلاف أقدامهم. يشتهر مصارعو السومو ببنيتهم الجسدية الضخمة وزيهم المميز، كما أن التقنيات القوية والحركات الإستراتيجية مهمة للغاية.
البوذية والفنون القتالية
تلعب البوذية أيضًا دورًا في الرياضة باليابان. تظهر بعض العناصر الواضحة للبوذية في الألعاب الرياضية مثل فنون القتال. على سبيل مثال: الكاراتيه. ثم إن كلمة “وابي سابي” Wabi Sabi اليابانية هي أسلوب جمالي نشأ في البوذية. ومن بين المفاهيم الرئيسية لـها عدم الكمال والبساطة. كما في الزي الأبيض البسيط الذي يرتديه الطلاب في رياضة الكاراتيه.
كما أن العديد من أشكال التأمل وتمارين التنفس التي تتم في فنون الدفاع عن النفس مستمدة من ممارسات التأمل التي تم إنشاؤها من البوذية.
الرياضة عبر التاريخ (الساموراي)
كان تاريخ اليابان متأثراً بشكل كبير بالحروب. ولهذا فإن أحد أكثر رموزها الثقافية شهرة والمترافقة مع محاربي الساموراي، والمعروفة باسم “باكفو”. والتي تعني في كانجي الصينية التقليدية تعني “الخدمة” وقد تم تقديمها لأول مرة كطبقة اجتماعية خلال فترتي أسوكا ونارا. غالبًا ما خدموا كحراس شخصيين لمجموعات مختلفة من الأفراد.
تشكل الساموراي في عشائر يقودها الدايميو (أمراء الحرب). حيث تمكنوا من اكتساب ما يكفي من القوة في جميع أنحاء اليابان وأصبحوا في النهاية الحكام الفعليين للبلاد، من عام 1185 إلى عام 1868. أي ما يقرب من 700 عام من حكم وثقافة الساموراي التي تحكم البلاد، على الرغم من أن الإمبراطور ظل رسميًا رئيسًا صوريًا لها. لذلك يبدو من الواضح أن هذه الجذور لا تزال تكمن في ثقافة العصر الحديث.
خلال فترة إيدو لم تكن هناك حروب، إلا أن فن المبارزة بالسيف والرماية لم يضيع. لقد تغيرت هذه المهارات القتالية من الاستخدام العملي البحت إلى العروض الرياضية أو الطقسية. حتى تطورت رياضتي كندو و الكيودو.
كيندو
كان أحد هذه التطورات هو فن كينجوتسو إلى فن كيندو. كان كينجوتسو فن وتعليمات المبارزة بالسيف أثناء فترات الحرب، في حين أن كيندو هو تدريب غير قاتل. ومع احتلال أمريكا لليابان، بدأوا في سحب الكيندو بالإضافة إلى أي ممارسات عسكرية أخرى، وقد فعل الأمريكيون ذلك للقضاء على السمات “القومية” (المفرطة) في المجتمع الياباني.
عادت رياضة الكندو إلى الظهور في عام 1952 عندما حصلت اليابان على استقلالها من الولايات المتحدة. وبذلك تم رفع الحظر عن رياضات الفنون القتالية وتأسس اتحاد الكيندو الياباني. ثم تم إنشاء الاتحاد الدولي للكيندو. تُقام بطولة العالم للكيندو كل ثلاث سنوات. لم يخسر فريق اليابان سوى ميدالية ذهبية واحدة أمام كوريا الجنوبية في عام 2006 ولم يفز أي مواطن غير ياباني بأي بطولة فردية.
كيودو
هناك رياضة أخرى شائعة في ثقافة الساموراي ولا تزال موجودة في الثقافة الرياضية اليابانية اليوم، وهي الكيودو. حيث يُستخدم القوس الياباني الطويل يومي.
تأثير الدول الأجنبية على الثقافة الرياضية اليابانية
على الرغم من الصفات الفريدة التي تتمتع بها ألعاب القوى اليابانية، إلا أنه لا يمكن إنكار التأثير الذي جلبته من بلدان أخرى. تعد رياضات كرة القدم والبيسبول من أكثر الرياضات المحببة في اليابان. بالإضافة إلى التنس والغولف والرغبي (Rugby) وكرة السلة والعديد من الرياضات الأولمبية.
كرة القدم
تعد هذه اللعبة ثاني أكثر الرياضات شعبية بين الشباب الذكور في اليابان. وثاني أكثرها شعبية بين المتفرجين. تم إدخال لعبة كرة القدم إلى اليابان في عام 1873، بواسطة رجل بريطاني كان اسمه الملازم القائد “أرشيبالد إل دوغلاس”. كان يعمل مدربًا في البحرية الإمبراطورية اليابانية وعلم طلابه هذه الرياضة كتدريب لعضلة القلب. ثم أصبحت هواية شعبية لهم.
و في عام 1921، تأسس الاتحاد الياباني لكرة القدم. وبدأ شكل مبكر من أشكال الاحتراف في هذه الرياضة في التبلور في دوري كرة القدم الياباني. وقد حقق بعض النجاح المبكر، حيث فاز المنتخب الوطني بالميدالية البرونزية الأولمبية في المكسيك عام 1968، وهو ذروة إنجازاتهم حتى الآن. ربما كان هناك عدد من الأسباب وراء انخفاض شعبية هذه الرياضة. فقد تسبب نقص التمويل للمحترفين في اليابان في دفع مواهب كرة القدم.
في الوقت الحالي، يعد المنتخب الياباني، الملقب بالساموراي الأزرق، أحد الفرق المهيمنة على الساحة الكروية الآسيوية، حيث تتأهل اليابان غالبًا لكأس العالم. وعلى الرغم من عدم تحقيق نجاح على أكبر مسرح عالمي، فإن دعم الجماهير اليابانية لا يتزعزع.
البيسبول
لقد حظيت لعبة البيسبول بشهرة كبيرة في اليابان. وكان أحد التغييرات التي فرضها الأميركيون هو الدعم الإضافي للبيسبول في المدارس. فأصبحت من هواية الجنود الأميركيين الذين احتلوا اليابان، إلى أنجح الدوريات الرياضية اليابانية.
القواعد متشابهة جدًا مع قواعد دوري البيسبول الرئيسي، ولكن هناك بعض الاختلافات. حجم بعض الأشياء أصغر،كالكرة والملعب. لا يتم بث بطولات المدارس الثانوية على المستوى الوطني فحسب، بل إن المنتخب الوطني الياباني لسلسلة الدوري الصغير له حضور دائم على الساحة العالمية. الفريق الياباني هو حامل اللقب الحالي ولديه ثاني أكبر عدد من الانتصارات على الإطلاق برصيد 11 انتصارًا.
الألعاب الأولمبية
تمكنت الفرق الأولمبية اليابانية من الفوز بالميداليات في العديد من الألعاب الرياضية بدءًا من التزلج الفني إلى التتابع، وكان معظمها في الجودو. لم يشارك اليابانيون في أول دورة ألعاب أولمبية حديثة في عام 1896 في أثينا. ولم يظهروا لمدة 16 عامًا حتى دورة الألعاب الأولمبية الصيفية عام 1912 بالسويد.
شاركت اليابان في جميع الألعاب الأولمبية تقريبًا حتى الآن. باستثناء دورة الألعاب الأولمبية لعام 1948، التي أقيمت بعد الحرب العالمية الثانية، ودورة الألعاب الأولمبية بموسكو عام 1980، كجزء من المقاطعة الأمريكية للاتحاد السوفييتي.
حقق فريق اليابان نجاحًا مذهلاً بإجمالي 497 ميدالية. كما حقق نجاحًا كبيرًا في عدد قليل من الألعاب الرياضية، حيث حصد أكبر عدد من الميداليات في رياضة الجودو، بينما أصبحوا قادة أقوياء في رياضة الجمباز والتزلج الفني.
ختاماً، يمكن القول أن اهتمام اليابانيين بالرياضة لا يقتصر على ممارستها وحسب، بل يتعداه ليصبح جزءًا لا يتجزأ من ثقافتهم وهويتهم. ففي اليابان، الرياضة ليست مجرد وسيلة للترفيه، بل هي أسلوب حياة يعزز القيم الأخلاقية والانضباط والعمل الجماعي. وبفضل هذا الاهتمام العميق، استطاعت اليابان أن تنتج أبطالًا أولمبيين وفرقًا رياضية عالمية، وحافظت على مكانتها الرائدة في عالم الرياضة.
إعداد و تقديم جنة الجندي لمزيد من المحتوى المقدم من الكاتبة، بالإمكان متابعة صفحتها الخاصة عبر فيسبوك.
لليابان تاريخ كبير ولا يستهان به في الرياضات